عظمة إبراهيم بين أهل الكتاب

بما أنّ اليهود والنصارى لم يكن بوسعهم انكار حقّ إبراهيم الخليل الذي تحدّثت بعظمته الكتب السماويّة، مثل صحف إبراهيم والقرآن الكريم، فإنّ كلاًّ منهما كان ينسب الخليل - عليه السلام - له، ويصفه على أنّه يهوديّ أو مسيحيّ، ولكن القرآن الكريم يشطب على جميع هذه الأوهام بخطّ البطلان، وينفي انتسابه - عليه السلام - لليهود والنصارى ﴿مَا كَانَ إبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.

ادّعاء اليهود والنصارى بالأنبياء الإبراهيميّين ورأي القرآن بذلك

ناهيك عن ادّعاء اليهود والنصارى بانتساب إبراهيم إليهم، فإنهم ذهبوا إلى القول بانتساب بقيّة الأنبياء الإبراهيميين إليهم، وقالوا: إنّهم يهودٌ أو نصارى؛ ولذلك فإنّ القرآن الكريم بيّن وجهة نظره ببقيّة الأنبياء الإبراهيميين على هذا الأساس: ﴿أَمْ تَقُولُونَ إنَّ إبْرَاهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ ...﴾(1).

بحث لغوي

(الحنيف) يعني: المائل إلى الوسط، والمستقيم الذي يراد به الميل إلى الحق، فالذي يسير في الشارع مثلاً ويسعى للابتعاد عن الرصيف والانتقال إلى الوسط، يقال عنه: (حنيف)، ويقال كذلك عن الذي رجله مستقيمة ومائلة إلى الوسط بأنّه (أحنف)، ولذلك ومن باب تسمية الشيء باسم ضدّه يقال عن الذي اعوجّت رجله وانحرفت بأنّه (أحنف)، كما يقال عن الأعمى: بصير.


1- البقرة: 140.