قاعدة الوثوق

ومهما يكن من أمر فان النبأ تقرر بمنطوقها ومفهومها قاعدتين خطيرتين من قواعد الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها. وهاتان القاعدتان هما:

1 - قاعدة الحذر والتبين.

2 - قاعدة الوثوق.

وكل من هاتين القاعدتين ضروري في مساحته الخاصة، وقد تحدثنا عن قاعدة الحذر والتبين عند البحث عن منطوق آية النبأ.

وبقدر أهمية الحذر والتبين تعظم قيمة قاعدة الوثوق.

فان الوثوق هو أساس الكثير من التعامل والتعاطي بين الناس في الحياة الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، والعائلية، وأن من العلم مالا يمكن أن يتلقاه الطالب إلاّ بالثقة، ولا يتأتى لأحد التحقيق المباشر بالتجربة والممارسة إلاّ في مراحل متأخرة من العلم. فأنّى لطالب أن يعلم بعدد ذبذبات الصوت في الثانية وعدد حركات الالكترونات في مداراتها حول النواة في قطعة صغيرة من الزمان يساوي 10001 جزء من الثانية الواحدة.

ان هذه المعلومات يتلقاها الطالب في كل شعب المعرفه التجريبية تقريباً على أساس من الثقة بالمعلم، لايناقش ولا يشك، وكذلك المعلومات التي يتلقاها الطالب في العلوم الإنسانية.

وإذا أمعنّا النظر فيما بين الناس من التعامل والتعاطي وجدنا أن حياة الناس الاجتماعية وتعاملهم وتعاطيهم فيها قائمة على الثقة.

ولولا الوثوق والتوافق فيما بين الناس لتعطلّت الحياة مرة واحدة.

فلو كان أساس التعامل بين الزوجين في البيت الشك وسوء الظن تهدمت الحياة العائلية.

ولو كان أساس التعامل بين أهل الخبرة في الاختصاصات المختلفة الشك وسوء الظن لم يتمكن أحد من مراجعة الأطباء والمستشارين القانونيين والمهندسين. ولو كان أساس التعامل بين الطالب والعلم الشك وسوء الظن لم يتمكن طالب من أن ينتفع بمعلم ولا معلم أن ينفع طالباً.

ولو كان أساس التعامل بين الناس في الحياة الاجتماعية الشك أو سوء الظن لم يسلم صديق لصديقه، ولم تسلم الحياة الاجتماعية للناس، ولو كان أَساس التعامل بين (الاعلام) والناس الشك وسوء الظن لم تتمكن أجهزة الاعلام أن تنقل إلى الناس خبراً إلاّ بعد جهد وتعب كبير.

وعلى العموم، فان قاعدة الوثوق والتوافق فيما بين الناس أَساس الحياة الاجتماعية. ولابد من هذه القاعدة في حياة الناس ومن دونها تتعطل عجلة الحياة الاجتماعية في كل المجالات.