ورجع في القراءات إلى كل القراء المشهورين أمثال

ورجع في القراءات إلى كل القراء المشهورين أمثال:

عاصم. الكسائي. خلف. حمزة. يعقوب. الأعمش. نافع. حفص. واضرابهم.

ولكنه لم يذعن لكل قول قالوه، بل اختار ما رجح لديه الأخذ به ورفض ما سواه، كما فعل مع اُبي(1) وعبد الله(2) وابن إسحاق(3).

وبعد:

فهذه لمحات خاطفة عنيت بتسجيل الجوانب الأساسية لمنهج الشيخ الطوسي في تفسيره، مقارناً بالمنهج الذي سار عليه المفسرون القدامى وفي مقدمتهم الطبري صاحب المدرسة المعروفة في هذا الفن. وقد اتضح من خلالها أن الطوسي قد تأثر بمنهج الطبري واستفاد من تفسيره، بدون تقليد أعمى وبلا تبعية ببغائية. وبذلك كان هذا التأثر علمياً قائماً على الموضوعية والسعي وراء الحقيقة.

واستطاع الطوسي بعلمه وعمقه - وعلى الرغم من هذا التأثر - أن يقوم بعملية تطوير واضحة المعالم في المنهج الذي اختطه لكتابه، حيث أقام التفسير على دعامتي العقل والنقل بعد أن كان قائماً على دعامة النقل وحده كما مر.

وكان استعماله للعقل مثيراً للإعجاب إلى أبعد الحدود حيث استطاع أن يتخلص من كل الرواسب الذهنية التي كان يعالج بها عصره ويتجرد من كل أسباب العبودية للأفكار السائدة يومذاك مما كان الخروج عليها ضرباً من الزندقة والمروق عن الدين.

ولا ادعي - وأنا أختم هذا الحديث - إني قد استوعبت الموضوع دراسة وبحثاً واستقصاء فذلك ما يحتاج إلى كتاب ضخم ومجال كبير وحسبي من كل جهدي أن أسلط بعض الضوء على منهج الطوسي في التفسير وان يحالفني بعض التوفيق في هذا المجال.


1- التبيان - 1 / 140.

2- التبيان - 1 / 437.

3- التبيان - 1 / 435.