الرسالة الثانية

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة علامتنا الصادق الورع، الذي لا تأخذه في الله لومة لائم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..وبعد.. يطيب لي أن أهنئكم ونفسي وكل الغيورين على الإسلام الحنيف. بإظهاركم للحق ونصركم للحقيقة، (في قضية علم الأنبياء بالغيب)، معتصمين بحبل الله المتين، ومتسلحين بكتابه الكريم، وذكره الحكيم. وأشد على يديكم سائلاً الله تعالى أن يكتبكم عنده من الهداة المهديين، المتقين القائلين قولاً سديداً، المبلغين رسالات الله العظيم، الواثقين بركنه المكين، والمستمسكين بعروته الوثقى، والسائرين على صراطه المستقيم إنه هاد كريم غفور رحيم.وعودة إلى تساؤلي الذي طرحته عليكم حول (آية التطهير) أحب أن أخبركم أنني وجدت (آية التطهير) غير متضمنة لإرادة إلهية تكوينية بعصمة (أهل البيت) وأن معناها ـ لغوياً ـ لا يحتمل هذا التفسير وإليكم بيان ذلك: يقول السيد جعفر مرتضى في كتابه: (أهل البيت) (عليهم السلام) في آية التطهير. ص64: (ويظهر من كلام العلماء الأبرار (رضوان الله عليهم) أن الإرادة الألهية المعبر عنها بقوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ..) قد تعلقت أولاً وبالذات بإذهاب الرجس والتطهير..ولكن الظاهر: هو أنها قد تعلقت أولاً وبالذات بأمر آخر وهو نفس الأوامر والزواجر التي توجهت إلى زوجات النبي (صلى الله عليه وآله).بيان ذلك: أنه تعالى قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) ولم يقل: إنما يريد الله إذهاب الرجس.فكلمة (إنما) تفيد حصر المقصود والغاية من الأمر والنهي لنساء النبي (صلى الله عليه وآله)، في حفظ (أهل البيت) وتطهيرهم.واللام في (ليذهب) هي لام كي، وهي تفيد التعليل، أي أن ما بعدها يكون علة لما قبلها، كقولك: (جئت لأكرمك) فمدخول اللام وهو الإكرام علة لما قبلها وهو المجيء..فما ذكره البعض من أن متعلق الإرادة هو نفس إذهاب الرجس، ليس على ما يرام بل متعلق الإرادة شيء آخر، ويكون الإذهاب علة لتعلق الإرادة به.وذلك الشيء المتعلق للإرادة هنا هو نفس التكاليف، والأوامر والنواهي الصادرة لزوجات الرسول (صلى الله عليه وآله)، فإن الله سبحانه قد أراد منهن ذلك لأجل إذهاب الرجس.وبتعبير آخر: إذهاب الرجس عن (أهل البيت) علة لإرادة الله سبحانه من زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) ـ بالإرادة التشريعية ـ أن يفعلن كذا، أو يتركن كذا.ويتضح ذلك: بملاحظة النظائر التي استعملت فيها لام (كي)، بدل (أن) في القرآن الكريم وغيره.وذلك مثل قوله تعالى في ذيل آية الوضوء والتيمم: (مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(1).أي أن أمره تعالى لكم بالتيمم بدلاً عن الوضوء إنما هو لأجل أن يطهركم..فالتطهير علة لإرادة هذا الأمر منهم بالإرادة التشريعية.وفي مورد آخر نجد: أنه تعالى، بعد أن ذكر بعض التشريعات والأحكام، قال: (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(2).وقال تعالى في موضع آخر: (بَلْ يُرِيدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ)(3).وفي مورد آخر يقول تعالى: (فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)(4).ومما يزيد الأمر وضوحاً: أننا نجد آيتين قد تعرضتا لأمر واحد ولكن إحداهما قد جاءت بـ (أن) والأخرى بلام (كي) التي تقدر بعدها أن.فبعد أن ذكر الله سبحانه قول اليهود والنصارى في عزير والمسيح، قال: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَ أَنْ يُتِمَّنُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)(5).وقال تعالى في مورد آخر: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إلى الإِسْلاَمِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)(6).حيث إنه في المورد الأول (أي في سورة التوبة) قد تعلقت إرادتهم مباشرة في إطفاء نور الله، فاستعمل الله كلمة (أن) وقال: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا..).أما في هذا المورد الأخير فقد تعلقت إرادتهم بالافتراء على الله لأجل أن يطفئوا، فالإطفاء كان داعياً لهم، وعلة وسبباً لتعلق إرادتهم بالافتراء والكذب فاستعمل اللام فقال: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا..). ثم رأيت أن الراغب الأصفهاني قد أشار إلى ذلك أيضاً، فقال: (يريدون أن يطفئوا نور الله، يريدون ليطفئوا نور الله. والفرق بين الموضعين: أن في قوله: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا) يقصدون إطفاء نور الله.وفي قوله: (لِيُطْفِئُوا) يقصدون أمراً يتوصلون به إلى إطفاء نور الله)(7).والأمر في آية التطهير كذلك أيضاً كما أوضحناه) انتهى كلام السيد جعفر مرتضى..أقول: وأعتقد أن تحليل السيد مرتضى للآلية اللغوية للآية ـ إن صح التعبير ـ سليم إلى حد كبير. ولكن الخلاف معه هو في فهم (أهل البيت).فإنما مرتبطة تمام الارتباط بأوامر الله تعالى ونواهيه للنساء. وهي تربط هذه الأوامر والنواهي بعبارة التطهير، وتجعل عبارة التطهير جزء لا يتجزأ منها، أي من آيات النساء.و(إنما) أداة حصر وتوكيد، تقيّد المعنى، ولذا فهي لا تأتي عادة لتبتدئ وتفتتح الخطاب في موضوع جديد، لم يفكر فيه السامع، بل تأتي ضمن موضوع يفكر فيه السامع ـ عادة ـ لتحصر فكره في جهة معينة.فالله تعالى يريد أن يحصر فكر نساء النبي (صلى الله عليه وآله) في سبب نزول هذه الأوامر والنواهي المشددة عليهن، في أن الله أراد بهذه الأوامر تطهيرهن وصونهن، لا إرهاقهن بها، وجعل الحرج عليهن، وتعسير سير حياتهن؛ فـ (إنما) بلا ريب مرتبطة مع ما قبلها.وهذا ينسجم مع ما قاله السيد جعفر مرتضى في ص73 من كتابه ذاته، إذ يقول: (بيان ذلك أن كلمة (إنما) تثبت ما نفته (ليس) عند الزجّاج وغيره، كقوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ)(8).. انتهى كلام السيد..ولعل المثال الأوضح مما ذكره السيد على العلاقة بين (إنما) و(ليس) هو قوله تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآَنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً)(9).والملاحظ أن كلمة (ليس) الوحيدة الواردة في الآيات الكريمة الموجهة لنساء النبي (صلى الله عليه وآله) هي في الآية الكريمة: (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ). وقد لا يفهم المرء للوهلة الأولى العلاقة بين (لستن) و(إنما)، أو العلاقة بين (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ)و(إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).. ولكنهما ـ والله العالم ـ مرتبطتان تمام الارتباط، ويكون معنى الآيتين سوية: يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن والتزمتن بتكليفكن المشدد، واتبعتن أوامر الله تعالى ونواهيه التي شددها عليكن، لأن الله تعالى ـ وباعتباركن من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) ـ أراد لكن، باتباعكن هذه الأوامر، أن تحظين بطهارة أسمى من كل نساء الأمة، وأن تكن في سوية أرفع منهن وأعلى..وأما عن اللام في (ليذهب) فهي ـ كما قال السيد مرتضى ـ تدل بشكل قطعي على إرادة تشريعية، ولا تدل على غير ذلك. فالمسألة هي عبارة عن أوامر ونواهي إلهية موجهة لزوجات النبي (صلى الله عليه وآله)، وفي حالة اتباعهن لها، والتزامهن بهذه الأوامر والنواهي، فإن هذا يؤدي لإذهاب الرجس عن (أهل البيت) وتطهيرهم، أو عن جزء من (أهل البيت) وتطهير هذا الجزء بالأصح.فوجود اللام يعني بشكل حتمي: أن هناك أوامر، وأن تنفيذ هذه الأوامر هو شرط أساسي، بل هو السبيل لتحقيق التطهير. وهذا يقتضي أنه في حال عدم التزام نساء النبي بهذه الأوامر بالشكل التام، فإن التطهير ـ تطهير (أهل البيت) ـ لن يتم بالشكل الكامل، وهذا ينفي مفهوم العصمة عن الآية.والحقيقة أننا عندما نفهم معنى اللام نستطيع أن نقطع الشك باليقين، ونجزم بعدم وجود أمر تكويني بتطهير (أهل البيت) وإذهاب الرجس عنهم في (آية التطهير). وعندما نفهم معنى اللام، ندرك تماماً مدى بطلان الرأي القائل بأن الله تعالى جعل إطاعة النساء للأوامر الإلهية الطريق أو الشرط لتطهير (أهل الكساء) وإذهاب الرجس عنهم. وصدقاً، أنا لا أجد مبرراً لهذا الربط بين إطاعة النساء للأوامر، وتطهير (أهل الكساء). والذي يعني ـ كما أسلفنا ـ أنه إذا لم تطع كل النساء كل الأوامر ـ وهذا ما قد حصل ـ فإن خللاً سينتج في (عصمة) أو تطهير (أهل الكساء). وهذا ما لا يستسيغه العقل..ثم إنها لا تزر وازرة وزر أخرى، وقد كانت زوجة لوط (عليه السلام)، وزوجة نوح وابنه كفاراً، وما أنقص ذلك من قيمة أنبياء الله شيئاً. ومن يتأمل في أوامر الله تعالى ونواهيه لزوجات النبي يدرك تماماً أن هذه الأوامر والنواهي هي لتزكية وتطهير زوجات النبي أنفسهن، فماذا يفيد (أهل الكساء) أن تؤتي زوجات الرسول الزكاة، أو تقنت نساؤه لله، ويقمن الصلاة، ويعملن عملاً صالحاً؟! وماذا يضر (أهل الكساء) أن لا تفعل نساء النبي ذلك! وهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ما ضره أن نشأ في حجر آزر الكافرالمشرك، وما ضر آدم (عليه السلام) أن فلذة كبده قابيل قاتل سفاح، فالمسؤولية فردية في الإسلام، ولا تزر وازرة وزر أخرى.نعم، لو كانت أوامر الله تعالى لزوجات النبي متعلقة فقط بنواحي صون شرفهن وسمعتهن، لكان لذلك الربط ـ المذكور آنفاً ـ مجال للقبول أو للطرح على الأقل؛ ولكن عندما تكون التوجيهات الإلهية متعلقة بكل الكمالات الإنسانية الدنيوية والأخروية، في ما يتعلق بنواهي الشرف والسمعة، وفي ما يتعلق بغير ذلك أيضاً، من المسائل التي قد ترفع الإنسان أو تضعه، فعندها لا يكون هناك مسوغ للقول (بأن هذه الأوامر والنواهي ليست لتطهير نساء النبي ذاتهن ولكنها لتطهير غيرهن). أوردها سعـدٌ وسعـدٌ مشتـمل ما هـكذا تـورد يـا سعد الإبلوالمرء عندما يدرك دور (إنما)، ويفهم معنى اللام ودورها، قد لا يبقى عنده أدنى شك في ارتباط (عبارة التطهير) بما قبلها ـ وبعدها أيضاً ـ من الآيات الكريمة، وعندما يدرس أوامر الله ونواهيه عز وجل لزوجات النبي، ويضعها جنباً إلى جنب مع اللام، يدرك تماماً أن كلمة (أهل البيت) تشمل نساء النبي حتماً، وأن إطاعتهن لأوامر الله تعالى واجتنابهن لنواهيه كفيل بتطهيرهن وإذهاب الرجس عنهن، كما أن إطاعة أي فرد آخر من (أهل البيت) لأوامر الله واجتنابه لنواهيه كفيل بتطهير هذا الفرد وإذهاب الرجس عنه، وذلك لأن تكليف كل فرد من (أهل البيت) هو تكليف شديد ـ مقارناً بتكليف بقية أفراد الأمة ـ ولكنالتزامه به يجعله من سوية لا يدانيه فيها أحد من الناس..وبالنسبة لما قاله السيد مرتضى من (أن إطلاق عبارة (أهل البيت) على الزوجات، وكونهن مشمولات بها موضع شك كبير، إن لم نقل: إنه يمكن الجزم بخلافه، فقد قال الزبيدي: (ومن المجاز: الأهل للرجل: زوجته، ويدخل فيه الأولاد).. فنقول: إن معظم أفعال وأسماء اللغة العربية هي عبارة عن مجاز. ومعظم الكلام القرآني أيضاً والذي هو بلسان عربي مبين يعتمد على ألفاظ مجازية. فمثلاً فعل (وعى) في الأصل معناه: وضع في وعاء. لكنه أطلق في ما بعد على فهم الإنسان لمسألة أو قضية ما، واشتق منه (الوعي). وفعل (عقل) معناه: ربط في الأصل. وهكذا.. فليس هناك أي مشكلة في أن يكون استعمال (الأهل) للزوجة مجازياً..ثم إن القرآن الكريم تُستعمل فيه كلمة (الأهل) للدلالة على الزوجة بشكل كبير. وإليك بعض الآيات الكريمة الدالة على ذلك: قالت امرأة العزيز لزوجها: (مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(10).وقال لوط (عليه السلام): (رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُأَجْمَعِينَ إِلاَ عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ)(11).وقالت الملائكة للوط (عليه السلام): (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ)(12).وقالت الملائكة متحدثة عن لوط (عليه السلام): (لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ)(13).ثم قالت الملائكة للوط (عليه السلام): (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ)(14).وتحدث الله تعالى عن إبراهيم (عليه السلام)، عندما جاءته الملائكة: (فَرَاغَ إلى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ)(15). ولا نعرف أحداً كان في بيته وقتها إلا زوجته سارة.وتحدث تعالى عن موسى (عليه السلام): (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراًلَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)(16). ومثل ذلك قوله تعالى في وصف نفس الحادثة: (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً)(17). ومعلوم أن زوجة موسى (عليه السلام) كانت في رفقته في هذه الرحلة. وهناك أمثلة أخرى كثيرة في القرآن الكريم على استعمال كلمة (أهل) للدلالة على الزوجة ـ أو على شمول كلمة (أهل) للزوجة بالأحرى ـ مثل قصة نوح (عليه السلام)، واستثناء الله سبحانه لزوجة نوح من أهله، فالكلمة تستعمل بمعنى الزوجة قرآنياً بشكل واسع.وإن شاء الله تعالى سيكون لنا تساؤل حول صحة التقسيم الاصطناعي الذي أورده السيد مرتضى لمعاني (الأهل) و(أهل البيت) و(الآل) معتمداً فيه على إحدى طرق (حديث الكساء) ولفكرة وجود مصطلح (أهل البيت). والتي أعتقد أن ما ورد في هذه الرسالة، وفي نقاش الاحتمالات في الرسالة الماضية كاف للرد عليها، وسيكون هناك نظرة إلى مفهوم (الأهل) و (أهل البيت) في كبرى معاجمنا اللغوية إن شاء الله في الرسالة القادمة.وأعتذر لكم بسبب توسع التساؤلات، وتأخري في تقديمها، والذي أحد أسبابه ظهور أمور جديدة تستحق التأمل.. وشكراً لكم على أخذي وتساؤلاتي من وقتكم الثمين الشيء الكثير، وحفظكم الله ذخراً للإسلام والمسلمين.وسلام الله عليكم ورحمة من لدنه وبركات..


1- سورة المائدة الآية6.

2- سورة النساء الآية26.

3- سورة القيامة الآية5.

4- سورة التوبة الآية55.

5- سورة التوبة الآية31 و32.

6- سورة الصف الآية7و8.

7- المفردات للراغب ص305.

8- سورة التوبة الآية60.

9- سورة النساء الآية 17 و18.

10- سورة يوسف الآية25.

11- سورة الشعراء الآية169 حتى171.

12- سورة هود الآية81.

13- سورة العنكبوت الآية32.

14- سورة العنكبوت الآية33.

15- سورة الذاريات الآية26.

16- سورة القصص الآية 29.

17- سورة طه الآية9 و10.