مقدمة.

براءة آدم حقيقة قرآنية

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

حديث شريف

"قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدثني بكر بن صالح الرازي، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: سمعت أبا الحسن (ع) يقول لأبي: ما لي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟ قال: إنه خالي.

فقال له أبو الحسن (ع): إنه يقول في الله قولاً عظيماً، يصف الله تعالى ويحده، والله لا يوصف. فإما جلست معه وتركتنا، وإما جلست معنا وتركته.

فقال: إن هو يقول ما شاء، أي شيء علي منه إذا لم أقل ما يقول؟

فقال له أبو الحسن (ع): أما تخافن أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعاً؟ أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى وكان أبوه من أصحاب فرعون، فلما لحقت خيل فرعون موسى (ع) تخلف عنه ليعظه، وأدركه موسى وأبوه يراغمه حتى بلغا طرف البحر فغرقا جميعاً، فأتى موسى الخبر، فسأل جبرئيل عن حاله، فقال له: غرق رحمه الله ولم يكن على رأي أبيه، لكن النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمن قارب المذنب دفاع!" (1).

مقدمة الطبعة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين. وبعد.. فهذه هي الطبعة الثانية لكتاب (براءة آدم) عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام، وهي تشتمل على كثير من الإيضاحات، والتصحيحات، والإضافات، في مختلف الموارد.. ولكنها لم تصل إلى حد العدول عن النظرة الأساسية التي سجلت في الطبعة الأولى.. بل هي تدخل في سياق تأكيدها.. وفي جميع الأحوال نقول:

إنه لو لم يكن من نتائج هذا البحث إلا أنه استطاع أن يقدم هذه القضية بنظرة أخرجها من دائرة الإنحصار في اتجاه واحد لكفى، فكيف إذا كان قد أسهم في رسم معالم هذا الحدث، وملامحه، بصورة تقترب من الوضوح التام، في مختلف عناصرها، ومكوناتها الضرورية التي تفيد في إقناع كل من يستغرق في شبهات كثيراً ما تؤدي به إلىالطعن في عصمة النبي آدم صلوات الله وسلامه عليه وعلى نبينا وآله.. وهو يظهر بما لا مجال معه لأي شك أو شبهة أن هذه القضية إنما هي من جملة ابتلاءات الأنبياء، التي أراد الله من خلالها أن يظهر مكنونات ضمائرهم، وحقيقة وشرف معادنهم وعناصرهم، ومدى صفاء جوهرهم، ليقيم بذلك الحجة على الناس، ولتتمثل لهم الأسوة والقدوة، بأجلى وأتم حالاتها، وليبين لهم حقيقة مقاماتهم، وأن الله قد اصطفاهم واجتباهم استحقاقاً منهم لذلك، وتفضلاً منه عليهم.

كما ﴿.. ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ (2). واستحق النبي إبراهيم (ع) أن يعرف من اسم الله الأعظم ثمانية أحرف (3).. وامتحن الله النبي آدم (ع)، فنجح وأفلح، واصطفاه الله، واجتباه، واستحق أن يعرف من إسم الله الأعظم خمسة وعشرين حرفاً.. كما ورد في الروايات لأنه رضي أن يتخلى عن كل شيء من الملذات والنعم، والسعادات، ويتحمل كل أنواع المتاعب، والمصائب، والبلايا الدنيوية، في سبيل أن يكون في مقامات القرب والزلفى، في المحل الأعلى، مع محمد وأهل بيته الطاهرين.. هذا.. ولا بد لي من شكر الإخوة الأعزاء الذين لم يبخلوا علي بملاحظاتهم، وبتأييدهم وبآرائهم، فشكر الله سعيهم، وسدد على طريق الخير والهدى والصلاح خطاهم.. والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين..

تقديم، وتمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين، محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.. وبعد.. فإن في حياة الشعوب والأمم أفراداً وجماعات، قضايا حساسة وأساسية ينطلق منها وعيها، ويقوم على أساسها التكوين الفكري والإيماني، ثم العاطفي لها، بل هي تلامس جوهر فطرة تلك الشعوب، فتثير كوامنها، أو تكون سبباً في إلحاق أنواع من الأذى بها.

ولأجل ذلك لا بد من توخي الحذر، وعدم المبادرة إلى إلقاء الكلام في تلك القضايا، على عواهنه، وبصورة مرتجلة، ومن دون تدبر، وتأمل وتثبت.. بل لا بد من استحصاف الرأي، واستكناه الأمور بروية وبصيرة، وبصدق وأمانة.. وإن أخطر هذه القضايا وأشدها حساسية في الإسلام، هي قضايا الإيمان والاعتقاد، خصوصاً ما يرتبط منها بالأنبياء، والأئمة الأصفياء، الذين هم الأسوة والقدوة، والذين لكل شيء يرتبط بهم تأثيره العميق جداً في بناء شخصية الإنسان، وفي تكوين خصائصه الإنسانية والإيمانية، وفي تبلور ميزاته في مختلف جهات وجوده.

الطبل الأجوف.

غير أنك قد تواجه في حياتك من يدعي المعرفة، ويتاجر بها، ويبيع ويشتري ويهب ويمنح من ألقابها ما شاء لمن شاء. ويا ليته يكتفي برفع شعاراتها، ولوك عباراتها، بل هو يتعدى ذلك إلى حد التطاول على رموزها، ثم إلى أن يقنع نفسه بأنه هو طليعة روادها، وغاية جهدها وجهادها، فيبادر إلى طرح آرائه السقيمة، وأفكاره العقيمة في كل اتجاه. حتى في قضايا الإيمان والاعتقاد.. فإذا رجعت إليها وإليه، فلن تجد أمامك إلا ألعوبة تحركها أيد في الظلام، أو أضحوكة لا تعرف خفاياها لأن الناس نيام، فهو ينعق بما لا يسمع، كالطبل الأجوف، له صوت عال، وجوف خال. لا يرجع في دعاويه إلى أساس، ولا يعتصم بركن وثيق، بل يرتجل الرأي، ويلقي الكلام على عواهنه، فيخطىء المرمى، ويقع في المتناقضات، ويضيع في متاهات ما يثيره من عجيج وضجيج، دون أن يعرف الخطأ من الصواب، والزائغ من السائغ، فما أشد انطباق قوله تعالى عليه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ / ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ (4).

أما أهل العلم والفكر الحقيقيون والرساليون، فإنهم الذين يلزمون أنفسهم بقواعد ومناهج، أثبتت لهم الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة حقانيتها وصوابيتها وواقعيتها.. إن هؤلاء قد أعطوا هذه الضوابط والمعايير حرّيتها - بأمانة وصدق - لتهيمن على كل حركتهم الفكرية، والتزاماتهم الإيمانية، ولتحكم وتضبط مسيرتهم في كل موقف، وفي كل مجال.. فهي التي تفرض عليهم القرار، وتحدد لهم المسار، حتى إذا اعتمدوا رأياً أو موقفاً، ثم ظهر لهم: أنه لا ينسجم معها فإنهم يتراجعون عنه، بكل رضى، وحزم، وسيشعرون بالسعادة، لأنهم اهتدوا إلى الحق، وبالامتنان وبالعرفان لمن يدلهم عليه، أو يهديهم إليه، على قاعدة رحم الله من أهدى إلى عيوبي.

وتصبح هذه المعايير والثوابت هي السبب الأقوى في توحيد النظرة، وفي تجذر الفكرة على أسس سليمة وقويمة، وفي الانصهار في بوتقة الحقيقة برؤية صحيحة، ملؤها النقاء والصفاء، وبها تكون السعادة، ويكون البقاء..

مواجهة الانحراف.

وحين واجه هؤلاء العلماء الأبرار، ما ينسبه أهل الزيغ والهوى إلى الأنبياء من أمور تنافي عصمتهم الشاملة، فإنهم واجهوا ذلك بالموقف الحازم والحاسم، وبالرفض القاطع لكل هذه المقولات، لمنافاتها للأدلة القطعية التي تثبت طهارتهم وعصمتهم (ع).. ثم عكفوا على تفسير الآيات الشريفة بما ينسجم مع هذا الاتجاه، ويتناغم مع تلكم المعايير.

وحتى لو فرض أن بعضهم قد وقع في الخلل والزلل، والمخالفة للقاعدة وللمنهج الأصيل، فلا ريب في أنهم لا يصرّون على رأيهم ذاك إذا ظهر لهم خطله وفساده، بل هم سيشكرون من يدلهم عليه، أو يشير إليه.

الرؤية الصحيحة

وإن مما لا ريب فيه: أن المعروف بين الخاص والعام من مذهب شيعة أهل البيت (ع) هو عصمة الأنبياء والأئمة (صلوات الله وسلامه عليهم) عن الخطأ، والسهو، والنسيان، في التبليغ، وفي غيره. كما أنهم معصومون ومطهرون عن الذنوب صغيرها وكبيرها.. غير أن هناك - من غير الشيعة الإمامية - من حاول أن يستفيد من بعض الآيات الكريمة، أنها تنسب للأنبياء خلاف ذلك. الأمر الذي دعا العلماء الأبرار إلى بسط القول في هذه الآيات لبيان خطأ هذا الفهم، حفاظاً منهم على صفاء الاعتقاد لدى الناس الطيبين الذين يأخذون الأمور بعفوية وصدق، الأمر الذي يجعلهم أقل سعياً لتحصين أنفسهم من الوقوع في الشك والشبهة التي يحاول أصحاب الأهواء أن يوقعوهم بها.

آيات معصية آدم (ع)

ولعل الآيات التي تحدثت عما جرى لآدم (ع) في مواجهة مكر إبليس، وفيها قوله تعالى: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ (5)، هي الأوفر حظاً، والأكثر تردداً على ألسنة السائلين والمجادلين، الذين يترددون ما بين قوسي صعود ونزول.

فمن السؤال البريء، الطالب لنيل الحقيقة، والراضي بها.. إلى سؤال يسعى إلى إشباع شهوة حب الظهور، من خلال الاستغراق في المراء والجدال العقيم، بهدف إسقاط الطرف الآخر في دوامة من العجيج والضجيج المرهق والجريء إلى حد الوقاحة، وتجاوز كل الحدود.. وانتهاء بما يسعى إليه الكثيرون من أصحاب النوايا السيئة، من اهتبال الفرصة لإثارة الشبهة، وزعزعة يقين الطيبين من الناس، ثم جرهم إلى أباطيل، وأضاليل، وأفائك يقدمونها إليهم على أنها البديل الصالح، والبلسم الشافي، في حين أنها السم الزعاف، وما أدراك ما السم..

القرآن.. وترشيد الفكر البشري.

والملاحظ أن آيات القرآن الكريم في سياق عرضها لما جرى بين آدم (ع)، وإبليس لعنه الله.. وهي أخطر قضية ترتبط بأمر اعتقادي بالغ الحساسية، وله مساس عميق جداً بالتكوين الفكري، وبالنظرة، وبالتعامل، والسلوك، والتعاطي مع الأنبياء، ومع تعاليمهم، وله تأثير على حقيقة الارتباط بهم صلوات الله عليهم. نعم، إن القرآن الكريم قد عرض هذه القضية بطريقة تهدف - فيما تهدف إليه - إلى ترشيد الفكر البشري، وتحريك العقل الإنساني، وفتح آفاق المعرفة أمام الإنسان، وتعميق الرؤية لديه، وإطلاقه من أسار السطحية القاتلة، التي تشل حركته، وتسلبه أقوى مبررات وجوده.

وهذا هو ما عوّدناه القرآن الكريم في سياساته البيانية في مختلف المقامات والأحوال. فهو يريدنا أن نصبح قادرين على إدراك أكبر قدر ممكن مما تختزنه الألفاظ، في مفرداتها وفي تراكيبها من إيحاءات وإلماحات، تفيد في تنمية الفكر، وتعمق الوعي الإيماني لدى الإنسان، ليقوم الإيمان على أسس راسخة وقوية..

هذا البحث.

ومهما يكن من أمر، فقد أحببت في هذا البحث أن أقدم عرضاً سريعاً، وموجزاً جداً لما ترمي إليه هذه الآيات المباركات.

وسيظهر بوضوح أن ما يزعمون أنه هو الظاهر من الآيات المباركة، ليس بظاهر منها.. وإنما للآيات منحى آخر، يختلف، بل يتناقض مع المنحى الذي يزعمون أنها تسير باتجاهه، أو تشير إليه.

بل إننا لا نبعد إذا قلنا: إن الآيات الشريفة قد جاءت في سياق مدح آدم (ع) وتعظيمه، وتكريمه، وتفخيمه، لا لتلومه وتذمه.. إنها تريد أن تمنحه وسام التقدير الفائق، ولتؤكد على حقيقة ميزاته وخصائصه الفضلى، ولتشير إلى مقامه العظيم عند الله سبحانه. وأنه (ع) إنما نال هذا الوسام وتبوأ ذلك المقام، لنجاحه الباهر في الامتحان، وذلك حين أكل من الشجرة، إذ لولا أكله منها لاستحق الطرد المهين والمشين، ولكان جديراً بالإسقاط عن درجة النبوة، ولم يكن ليصلح لها، لا من قريب، ولا من بعيد.

رجاء.. ودعاء.

وإذا كانت هذه النظرة ستكون مثيرة للقارىء الكريم، فإن رجاءنا منه هو أن لا يستعجل الحكم، وأن يختزل من فورة الغضب لديه، ولا يبادر إلى الحكم بالبطلان والبوار على هذا البحث قبل أن يتم قراءته، علماً بأنه لن يصاب بالإرهاق أو الملل، وذلك لما فيه من اقتضاب وإيجاز.

حتى إذا أتم قراءته، وعرف مراميه ومقاصده، واطلع على ما فيه من دلائل وشواهد، وإشارات، فإنه سيجد الفرصة متاحة أمامه للرد أو القبول، إذا وجد لأي منهما المبرر المعقول والمقبول.. ونسأل الله سبحانه أن يهدينا وإياه سبيل الرشاد، وأن يمنحنا التوفيق والسداد، إنه ولي قدير، وبالإجابة حري وجدير.

والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين.

آيات بيّنات..

الآيات الكريمة:

1. إن الآيات التي تحدثت عما جرى بين آدم (ع) وإبليس هي التالية:

﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ / فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إلى حِينٍ / فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ / قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.. (6).

وقال تعالى: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ / فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ / وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ / فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ / قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ / قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إلى حِينٍ / قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ / يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ / يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾.. (7).

وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا / وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى / فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى / إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى / وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى / فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى / فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى / ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى / قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى﴾.. (8).


1- راجع: أمالي المفيد ص112 ولاحظ أصول الكافي ج2 ص 375.

2- الآية 124 من سورة البقرة.

3- ولعل لهذه الأحرف آثاراً في مجالات التصرف المختلفة التي يراد، أو يفترض في كل نبي أن يتصدى لها، وليس بالضرورة أن يكون لهذه الأحرف علاقة بسعة علم النبي المعطاء له، كما أنها لا علاقة لها بأفضليته، إذ لا شك في أفضلية النبي إبراهيم عليه السلام على سائر الأنبياء، ما عدا نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله، فضلاً عن أن يمكن أن يكون لبعض الأحرف إحاطة وسعة بحيث تشمل غيرها من الأحرف على غرار الأسماء الإلهية، فإنها رغم بلوغها تسع وتسعين اسماً، فإن العلماء ردوها إلى سبعة، واعتبروا هذه السبعة هي أجل الأسماء، والباقي مندك تحتها، والله أعلم.

4- الآيات من 8 إلى 9 من سورة الحج.

5- الآية 121 من سورة طه.

6- الآيات من 35 إلى 38 من سورة البقرة.

7- الآيات من 19 إلى 27 من سورة الأعراف.

8- الآيات من 115 إلى 123 من سورة طه.