- معنى قوله تعالى ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾

معنى قوله تعالى

﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾

المسألة:

يقول الله في كتابه الحكيم في سورة طه: ﴿وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾(1) صدق الله العلي العظيم، فما هو السّرّ المقصود من الآية؟

الجواب:

رواية الصدوق:

روى الشَّيخ الصَّدوق بسنده إلى محمَّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عزّ وجلّ ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ فقال (ع): "السّرّ ما أكننته في نفسك، وأخفى ما خطر ببالك ثُمّ أنسيته"(2).

ومعنى الرّواية أنّ ما يُحدِّث به الإنسان نفسه دون أن يُخبر به أحدًا فذلك هو السّرّ، ومعنى ﴿وَأَخْفَى﴾ هي الخواطر التي تطرأ على النَّفس ثُمَّ ينساها الإنسان، فلا يتذكّر ما خطر في نفسه، فالله عزّ وجلّ يعلم بهذه الخواطر رغم عدم استقرارها في النّفس.

وثمَّة تفسيرات أخرى ذُكرت للآية الشَّريفة:

منها: أنَّ المُراد من السّرّ هو ما حدَّث به الإنسان غيره خفيةً، والمراد من أخفى هو ما أضمره في نفسه ولم يُحدّث به أحدًا.

ومنها: أنَّ المُراد من السّرّ هو العلم والإحاطة بأسرار الخلق وما عليه من دقّة ولطافة، ومعنى "أخفى" هو علمه بنفسه جلَّ وعلا.

ومنها: أنَّ المُراد من السّرّ هو العمل الذي يستره الإنسان عن النَّاس، فلا يعلم به من أحدٍ غيره، والمراد من "أخفى" هو الخواطر النَّفسيَّة.

ومنها: أنَّ المُراد من السّرّ هو ما يُحدِّث به الإنسان نفسه فعلاً، والمراد من قوله "أخفى" هو ما سيُحَدِّثُ الإنسان به نفسه غدًا(3).

والظَّاهر أنَّه لا تنافي بين هذه التَّفسيرات، فهي ليست سوى بيان لمصاديق ما يعلمه الله عزّ وجلّ من السّرّ وأخفى.

فكلّ معلومَين إذا نسبت أحدهما إلى الآخر كان أحدهما أخفى من الآخر.


1- سورة طه آية رقم 7.

2- في بعض النسخ (ما كتمته في نفسك) معاني الاخبار- الشيخ الصدوق- ص143، وفي تفسير مجمع البيان- الشيخ الطبرسي- (وروي عن السيدين الباقر والصادق (ع) السر ما أخفيته في نفسك، وأخفى ما خطر ببالك ثم انسيته) ج7 ص8.

3- لاحظ مجمع البيان- الشيخ الطبرسي- ج7 ص8.