- معنى قوله تعالى ﴿يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾

معنى قوله تعالى

﴿يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾

المسألة:

ورد في سورة البقرة الآية 102: ﴿يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾(1).

إذا كان الجنّ يملكون هذه القدرة، فما دور اللوح المحفوظ في ذلك؟ لأنَّ الله خلق هذا اللوح وقد كتب لعبده فيه من شقاء وسعادة، فلنفترض أنه قد كُتب للإنسان السعادة فهل يستطيع الجنّ أن يفرّق بين الرجل و زوجته؟ ويجعل الإنسان يعيش في ضنك؟.

الجواب:

الآية المباركة تشير إلى أثر السحر وإنّه قد يؤدي إلى التفريق بين المرء وزوجه، إذ أنَّ السحر قد يُحدث وهمًا في نفس الزوج فيرى زوجته على غير ما هي عليه واقعًا فيُسبِّب ذلك كراهته لها، وقد يُحدث وهمًا في نفس الزوجة فترى زوجها على غير ما هو عليه واقعًا فتكرهه لذلك، فينتج عن الكراهة الفرقةُ بينهما، فيكون السحر بمثابة الكذب والنميمة، فكما أنَّ النميمة قد تُنتج الكراهة بين المتحابَّين، إذ أن النمَّام يُلقي في روع ضحيته صورًا ممقوتة عن محبوبه فيؤدي ذلك إلى كراهته له، فأثر السحر كأثر النميمة من هذه الجهة، غايته أنَّ الساحر يعتمد التمويه والخفَّة والحيلة والرياضات والخوارق، والنمَّام يعتمد الكذب والوشاية.

وأمّا دعوى منافاة ذلك لما هو مقدَّر في اللوح المحفوظ فهو غير صحيح، إذ أنّ المقدِّر على نحوين، فمنه محتوم وهو الذي يكون في اللوح المحفوظ ومنه ما هو غير محتوم وهو المكتوب في لوح المحو والإثبات، قال تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾(2).

ولذلك تكون الصدقة والدعاء وصلة الرحم والمعصية وقطعية الرحم والظلم مؤثرة في المقادير(3).


1- سورة البقرة آية رقم 102.

2- سورة الرعد آية رقم 39.

3- قال تعالى: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا﴾، لاحظ كتاب الكافي باب الصدقة تدفع البلاء ج4 ص5، باب صلة الرحم ج2 ص15، معاني الاخبار باب معنى الذنوب التي تغير النعم ص269.