- إشكال في إعراب ﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾

إشكال في إعراب

﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾

المسألة:

ورد في القرآن في سورة طه: ﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾(1)، أليس الصحيح هو نصب اسم إنَّ فيقال (إن هذين لساحران)؟

الجواب:

وجه الرفع:

إذا لاحظتَ الآية المباركة تجد كلمة ﴿إنْ﴾ مخفّفة وليست مشدّدة، وإذا كانت كذلك فهي لا تعمل عمل إنَّ المشدَّدة، فعليه يكون إعراب ﴿هَذَانِ﴾ مبتدأً مرفوعاً بالألف لأنَّه مثنّى ويكون إعراب ﴿لَسَاحِرَانِ﴾ خبر للمبتدأ وهو مرفوع بالألف أيضاً للتثنية فأين الخطأ؟!

هذا وجهٌ وثمة وجوه أخرى ذكرها أهل الاختصاص نشير إلى بعضها:

الوجه الأول: انَّ الأسماء المثنَّاة تُعرب بالتقدير كالأسماء المقصورة، مثل: العصى والدُمى والحِمى، فهي تُرفع بالضمَّة المقدرة وتُنصب بالفتحة المقدرة وتُجرُّ بالكسرة المقدرة، فتبقى صورةً على حالها دون أن تُؤثِّر فيها العوامل الداخلة عليها.

وهذه هي لغة بني الحارث بن كعب وخثعم وزبيد وجماعة من قبائل اليمن، لذلك قال شاعرهم:

إنَّ أباها وأبا أباها قد بلغا بالمجد غايتاها(2)

فلم يقل الشاعر إنّ أبيها كما هو مقتضى كونه مدخولاً للحرف (إنَّ) كما لم يقل: وأبي أبيها كما هو مقتضى عطف (أبا) على اسم إنَّ، ثم أنَّ (أباها) الثانية في موقع المضاف إليه وهو يقتضي الجر بالياء.

وكذلك قال شاعر آخر منهم:

تزوَّدَ منّا بين أذناه ضربةً دعته إلى هابي التراب عقيم(3)

فلم يقل الشاعر (أذنيه) رغم أنّه في موقع المضاف إليه.

الوجه الثاني: إنَّ كلمة ﴿إنْ﴾ الواردة في الآية المباركة مخفَّفة من الثقيلة واسمها مضمر وجملة ﴿هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ مبتدأ وخبر في محل رفع خبر إنْ المخففة، والحجة في ذلك دخول اللام التي يتميَّز بها إنْ المخففة عن إنْ النافية(4).

فكلمة ﴿إنْ﴾ الواردة في قوله تعالى: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا﴾ نافية بمعنى (ما هي إلا أسماء سميتموها) لذلك لم تدخل اللام على (أسماء) بخلاف قوله تعالى: ﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ حيث أنَّ كلمة ﴿إنْ﴾ مخفّفة من الثقيلة لذلك دخلت اللام على كلمة (ساحران) ليُعرَف أن كلمة إنْ الواردة في الآية هي إنْ المخففة من الثقيلة.


1- سورة طه آية رقم 63.

2- التبيان- الشيخ الطوسي- ج7 ص184، تفسير مجمع البيان- الشيخ الطبرسي- ج7 ص33 فتح القدير- الشوكاني- ج3 ص373 وغيرهم.

3- التبيان- الشيخ الطوسي- ج7 ص184، تفسير الثعلبي- الثعلبي- ج6 ص251، تفسير السمعاني- السمعاني- ج3 ص338، زاد المسير- ابن الجوزي- ج5 ص308 وغيرهم.

4- التبيان- الشيخ الطوسي- ج7 ص181.