- آية الرجم ليست قرآناً

آية الرجم ليست قرآناً

المسألة:

ما هي حقيقة آيه الرجم عند الشيعة والسنة؟

الجواب:

لا وجود لما يسمى بآية الرجم في القرآن:

ليس في القرآن الكريم الذي نزل على قلب رسول الله (ص) آية اسمها آية الرجم بل لم يرد في القرآن الكريم حدُّ الرجم وإنما ورد في السنَّة الشريفة انَّ الزاني المُحصَن رجلاً كان أو امرأة يُعاقب بحدِّ الرجم.

ما ورد عن طرق السنة:

نعم رُوي عن عمر بن الخطاب بأسانيد كثيرة، صحيحة عند علماء السنة انَّ ثمة آية في القرآن عبَّر عنها بآية الرجم، وقال انَّهم قرأوها وعقلوها ووعوها إلا أنَّها لم تُضبط في المصحف وانَّه يخشى إنْ طال بالناس الزمان انْ يقول قائل ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى.

والآية التي نُسب لعمر انَّه قال انَّها من القرآن رويت بألسنةٍ مختلفة منها: "إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم"، ومنها: "الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة"، ومنها: "انَّ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة"(1).

وقد ورد انَّ عمر قال: انه "لو لا ان يقول قوم زاد عمر في كتاب الله لكتبتُها بيدي الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما يقضيا من اللذة نكالاً من الله والله عزيز حكيم"(2).

تبريرات علماء السنة:

ثم إنَّ علماء السنة برَّروا لعدم ضبط آية الرجم في المصحف الشريف بدعوى انها نُسخت تلاوتها وإنْ لم يُنسخ حكمها، ونسخ التلاوة واحد من أقسام النسخ(3).

إلا انَّ ذلك يُنافي ما رُوي انَّ عمراً كان يريد كتابتها في المصحف لو لا خشيته من أنْ يُقال انَّه زاد في كتاب الله تعالى، ومن الواضح عندهم انَّ الآيات المنسوخةِ التلاوة لا يصح كتابتها ولا تلاوتها على انَّها قرآن.

وذلك هو الفرق بين نسخ التلاوة وبين نسخ الحكم دون التلاوة، فالآيات المنسوخةُ الحكم دون التلاوة تُعدُّ من القرآن، فلا يجوز إسقاطها من المصحف وانْ كان حكمها منسوخاً، وأما الآيات المنسوخةُ التلاوة فهي لا تُتلى على أنها قرآن ولا تُضبط في المصحف.

فإذا كانت آية الرجم منسوخة التلاوة كما برَّر لذلك أكثر علماء السنة فكيف أراد الخليفة عمر كتابتها في المصحف.

وهل انَّ خشيته من ضياع حكم الرجم يُبرِّر له كتابتها في المصحف بعد ان نُسخت تلاوتها بحسب الدعوى؟!

فالظاهر انَّ نسخ التلاوة لم يكن رأي الخليفة عمر بل كان يرى انَّ آية الرجم من القرآن ولم تُنسخ حكماً ولا تلاوةً، وأما عدم ضبطها في المصحف فقد نشأ عن انها لم تكن أساساً آية من آيات القرآن وإنما هو وهم توهَّمه الخليفة عمر فحسِبَ انَّ حكم الرجم الثابت من السنَّة الشريفة آيةٌ من آيات القرآن الكريم.

ما ورد عن طرقنا:

وأما ما ورد في طرقنا عن آية الرجم فهي روايتان مرويتان عن أبي عبد الله (ع):

الرواية الأولى: ورد فيها انه سُئِل: في القرآن رجم؟ قال (ع): "نعم"، قلت: كيف؟ قال (ع): "الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فإنهما قضيا الشهوة"(4).

الرواية الثانية: ورد عنه (ع) انه قال: "الرجم في القرآن قول الله عزّ وجل: إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فإنهما قضيا الشهوة"(5).

والروايتان صحيحتان من حيث السند إلا أنَّهما ساقطتان عن الإعتبار والحجيَّة، وذلك لمنافاتهما مع واحدٍ من ضرورات الدين والمذهب وهو انَّ ما بين الدفتين هو كتاب الله كاملاً لم ينقص منه شيء، فكلُّ حديث يقتضي خلاف ذلك فهو ساقط عن الاعتبار، فهو إما انْ يكون موضوعاً أو صدر تقيةً ومجاراةً لما عليه العامة من البناء على انَّ آية الرجم كانت من القرآن ثم نُسخت تلاوتها.

فليس كل رواية صحَّ سندها تكون حجةً، فإنَّ ثمة ضابطاً لحجيَّة الرواية أفاده أهل البيت (ﻉ) وهو عدم منافاة مضمون الرواية لصريح الكتاب أو ظاهره وعدم منافاتها للسنَّة القطعية، فكلُّ خبر يكون منافياً للكتاب والسنة الشريفة فقد أفاد أهل البيت (ﻉ) -في روايات تفوق حدَّ التواتر- انَّه مكذوب عليهم، وانَّه زُخرف وانَّ قائله أولى به وانَّ عليكم ان ترموا به عرض الجدار، وانَّه مردود(6).

على انَّ نسخ التلاوة لو سلَّمنا بتماميته -وهو غير تامٍ جزماً- فإنَّه لا يثبت بأخبار الآحاد كما هو متسالم عليه بيننا نحن الامامية والكثير من علماء السنة.

وحيث انَّ الخبرين من أخبار الآحاد فلا يثبت بهما نسخ، إذ انَّ النسخ لا يثبت إلا بآيةٍ من القرآن أو بالسنَّة المتواترة القطعية.

النتيجة:

وكيف كان فآية الرجم ليست من القرآن بإجماع المسلمين قاطبة، غايته انَّ أكثر علماء السنة يقولون بأنها كانت قرآناً ثم نُسخت تلاوتها أيام رسول الله (ص) وهذا معناه انَّها ليست من القرآن، ولهذا لم تُضبط في المصحف الشريف، وأما الامامية فيقولون انها لم تكن من القرآن أساساً حتى تُنسخ تلاوتها وإنَّ ما ذكره الخليفة عمر كان اشتباهاً منه وممن قَبِل بقوله.

حيث توهَّم أن حدَّ الرجم الثابت في السنَّة كان من القرآن.

ويمكن تأييد ما نذهب إليه بما ورد في رواياتٍ عديدة وردت من طرق العامة انَّ عليَّ بن أبي طالب (ع) جلد امرأةً محصنة الحدَّ ثم رجمها في اليوم الثاني بعد ان ثبت أنها زنت وحين سئل عن ذلك قال (ع): "جلدتُها بكتاب الله ورجمتُها بسنَّةِ رسول الله (ص)" وفي بعض الروايات انه أجاب بذلك بعد ان جلد ثم رجم رجلاً محصناً ثبت انَّه زنى، فقال (ع): "جلدتُه بكتاب الله ورجمتُه بسنة رسول الله (ص)"(7).

فلو ورد حدُّ الرجم في القرآن لقال (ع): "ورجمتُها بكتاب الله" لأنَّ المفترض انَّ الحكم لم يُنسخ وإنما نُسخت التلاوة بحسب الدعوى.

فالروايات صالحة للردِّ على ما توهَّمه الخليفة، فهي صريحة في انَّ حدَّ الرجم إنما ثبت بالسنَّة الشريفة ولم يرد فيه قرآن.


1- لاحظ مسند احمد- احمد بن حنبل-لأحمد بن حنبل ج1 ص36، 40، 43، 47، 55، ج6 ص269، صحيح البخاري- البخاري- ج8 ص26، 113، 152، صحيح مسلم- مسلم النيسابوري- ج5 ص116، صحيح ابن حبان- ابن حبان- ج2 ص147، سنن الدارمي- عبد الله بن بهرام الدارمي- ج2 ص178، سنن أبي داود- ابن الأشعث السجستاني- ج2 ص343، سنن الترمذي- الترمذي- ج2 ص442، السنن الكبرى- البيهقي- ج8 ص211، 213، المصنف- عبد الرزاق الصنعاني- ج5 ص441، ج7 ص315.

2- مسند احمد- احمد بن حنبل-ج1 ص23، صحيح البخاري- البخاري- ج8 ص113، صحيح ابن حبان- ابن حبان- ج2 ص147، معرفة السنن والآثار- البيهقي- ج6 ص323، كتاب المسند- الإمام الشافعي- ص164، سنن أبي داود- ابن الأشعث السجستاني- ج2 ص343، السنن الكبرى- البيهقي- ج8 ص213، أحكام القرآن- الجصاص-ج3 ص343، التمهيد- ابن عبد البر- ج4 ص276.

3- المحلى- ابن حزم- ج11 ص235، عمدة القاري- العيني- ج25 ص55، سبل السلام- محمد بن اسماعيل الكحلاني- ج3 ص216، المستصفى- الغزالي- ص 99، الاحكام- الآمدي- ج3 ص141.

4- من لا يحضره الفقيه- الشيخ الصدوق- ج4 ص26، وسائل الشيعة (آل البيت)- الحر العاملي- ج28 ص67 باب 1 من أبواب حد الزنا ح18.

5- الكافي- الشيخ الكليني- ج7 ص177، وسائل الشيعة (آل البيت)- الحر العاملي- ج28 ص62 باب 1 من أبواب حد الزنا.

6- لاحظ كتاب الكافي- الشيخ الكليني- ج1 ص69 باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب، وسائل الشيعة باب وجوه الجمع بين الاحاديث ج27 ص106، وكذلك تجد روايات عديدة في كتاب الطلاق ج22 في أبواب مختلفة.

7- مسند احمد- احمد بن حنبل- ج1 ص116، 141، 153، المستدرك- الحاكم النيسابوري- ج4 ص364، مسند ابن الجعد- علي بن الجعد بن عبيد- ص87، مسند أبي يعلى- أبو يعلى المو صلي- ج1 ص249.