- هل دخول النار حتمٌ على كلِّ البشرية؟

هل دخول النار حتمٌ على كلِّ البشرية؟

المسألة:

هل دخول النار حتمٌ على كلِّ البشرية؟

الجواب:

منشأ التوهُّم:

إنَّ منشأ هذا التوهُّم هو ما استُظهر من قوله تعالى: ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا﴾(1) فلأنَّ الخطاب عام يشمل المؤمن والكافر اقتضى ذلك استظهار المعنى المذكور، وهو انَّه ما من احدٍ إلاّ وسيدخل -ولو آنًا ما- جهنّم والعياذ بالله.

ولو تمَّ هذا الاستظهار لكانت الآية متنافية مع قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾(2) وقوله تعالى: ﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾(3).

معنى الورود:

لذلك كان استظهار دخول الناس جميعًا إلى جهنّم من آية ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلا وَارِدُهَا﴾، غير تامٍ، والصحيح انَّ الورود لا يعني الدخول وإنما يعني الدنو والاقتراب والإشراف.

قال تعالى: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ﴾(4).

فليس المراد من ورود الماء هو الدخول فيه كما هو واضح، وإنما هو بمعنى الاقتراب منه والإشراف عليه لغرض السقي والاغتراف.

وعليه فمعنى قوله تعالى: ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ هو ما ذكره الكثير من المفسرين(5) من انَّ الناس يوم القيامة يُشرفون على جهنّم ليشهدوا ما هي عليه من هول ثمّ إنَّ المؤمنين يجوزونها ويمرَّون بها وهي تستعر ويرون الكافرين وهم يتهاوون فيها.


1- سورة مريم آية رقم 71.

2- سورة الأنبياء آية رقم 101.

3- سورة الأنبياء آية رقم 102.

4- سورة القصص آية رقم 23.

5- تفسير القمي لعلي بن إبراهيم القمي عن ابي عبدالله (ع) ج2 ص52، التبيان- الشيخ الطوسي- ج7 ص141، لاحظ تفسير مجمع البيان- الشيخ الطبرسي- ج6 ص438، جامع البيان- إبن جرير الطبري- ج16 ص138.