- إحباط الطاعة

إحباط الطاعة

المسألة:

ذكر بعضهم انَّ المؤمن اذا ارتكب الذنوب فإنَّ ثواب طاعاته تُمحى من سجلِّ عمله وقال: إنَّ ذلك هو معنى الإحباط الذي ذكره القرآن الكريم مثل قوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ﴾(1) ما مدى صحة هذا القول؟ أرجو التفصيل إن تكرمت.

الجواب:

معنى الإحباط:

الإحباط في اللغة بمعنى الإبطال والإفساد، يُقال أحبط الرجلُ عمله إذا أبطله وأفسده.

قال الأزهري: إذا عمل الرجل عملاً ثمَّ أفسده قيل حبط عمله(2). والمستظهَر من عبائر اللغويين أنَّ الحبط لا يُقال إلا عند زوال النفع المقصود من العمل، فالحبط هو حصول نقيض ما يُنتظر من منفعة العمل، ولهذا لا يُقال عند زوال الأثر السيء للعمل أنَّه حبْط وإنما يقال عند زوال نفع العمل أنه حبط. ولذلك قال ابن الأثير أنَّ الدابة إذا أصابت مرعىً طيباً فأفرطت في الأكل حتى انتفخت فماتت " أنَّها حبطت(3).

فالمُنتَظَر من الأكل هو المنفعة والذي حصل هو نقيض ذلك. ثمَّ إنَّ الإحباط في اصطلاح المتكلمين لا يبتعد كثيراً عن المعنى اللغوي، حيث أنَّ المراد منه هو زوال الأثر المُنتَظَر من الطاعة والذي هو الثواب، فكأن الطاعة لم تقع أصلاً.

أقوال المتكلمين في المسألة:

وقد وقع النزاع بين المتكلمين في وقوع الإحباط وعدمه، ولكي يتحرّر محل النزاع لابدَّ من استعراض الأقوال في المسألة:

القول الأوّل: إنَّ المؤمن إذا فعل الطاعات وارتكب المعاصي الكبيرة ولم يتب منها فإنَّ الطاعة لا تنفعه، وعندئذٍ يكون مصيره الخلود في النار، وهذا هو معنى حبْط الطاعة، إذ لم يترتَّب عليها ما يُنتظر منها، والذي هو الثواب، فكأن هذا المكلَّف لم يفعل الطاعة، وهذا القول نسبه التفتزاني في شرح المقاصد إلى مشهور المعتزلة(4).

القول الثاني: وقد تبنَّاه بعض المعتزلة(5)، وهو أنَّ الطاعات إذا كانت قليلة وكان في مقابلها معاص كثيرة فإنَّ ذلك يؤدي إلى حبط الطاعة وزوال أثرها، وهذا القول لم يفرق بين حالات تأخُّر الطاعات عن المعاصي أو تقدمها. فالمناط في وقوع الحبط هو قلّة الطاعات في مقابل المعاصي الكثيرة، كما انَّ مقتضى هذا القول هو انَّ الطاعات في قوة العدم بحيث لا يكون لها تأثير حتى من قبيل التقليل من أثر المعاصي.

القول الثالث: وهو منسوب لبعض المعتزلة(6) أيضاً، وهو لا يختلف عن القول الثاني إلا من جهة دعوى انَّ الطاعات القليلة تستوجب التقليل من تأثير المعاصي الكثيرة. ويعبَّر عن ذلك بالموازنة.

القول الرابع: أنَّ المناط في تحقق الحبط للطاعة هو تأخُّر المعصية بقطع النظر عن القلة والكثرة، بمعنى انَّه حتى لو كانت الطاعات أكثر فإنَّ المعاصي تُوجب حبطها مهما قلَّت إذا كانت متأخرة عن الطاعات بشرط ان تكون المعصية المتأخرة من الكبائر وهذا القول يتناسب مع الإطلاق في القول الأول.

القول الخامس: انَّه لا تحابط بين الطاعات والمعاصي وانَّ من يعمل مثقال ذرةٍ من الطاعات خيراً يره ومَن يعمل مثقال ذرةٍ من المعاصي شراً يره، بمعنى أنَّ العاصي والمطيع يُثاب ويُعاقب، وهذا القول ذهب إليه الإمامية والأشاعرة(7). وباستعراض هذه الأقوال تحرَّر محل النزاع وانَّ مردَّ الحبط المتنازَع في وقوعه وعدم وقوعه إنما هو بعد افتراض الإيمان، أمّا الطاعات التي يتعقَّبها الكفر فإنَّها مُحبَطة بلا ريب، وذلك للآيات والروايات الكثيرة.

الردّ على أدلة القائلين بالإحباط:

الدليل الأول: الآيات والروايات الكثيرة الدّالة على الإحباط.

والجواب: أنَّ الآيات والروايات على طوائف:

الطائفة الأولى: وهي الأكثر رتَّبت الإحباط على الكفر بعد الإيمان أو على الكفر بقطع النظر عن تعقُّبِه للإيمان وعليه تكون هذه الطائفة من الآيات أجنبية عن مورد النزاع ومن هذه الآيات قوله تعالى: ﴿وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾(8).

ومنها: قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾(9).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾(10).

ومنها: قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ﴾(11).

ومنها: قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾(12).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾(13).

ومنها: قوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾(14).

الطائفة الثانية: مثل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾(15).

وكذلك قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾(16).

والظاهر أنَّ الحبط في هذه الطائفة من الآيات أجنبي عن محلِّ النزاع أيضًا، إذْ أنَّ المراد منها التحذير من عدم ترتُّب الثواب أو الخير المُنتظَر من العمل، وذلك لعدم الاتيان به على الوجه الصحيح والمأمور به، فيكون مساق هذه الآيات مساق الآية الشريفة وهي قوله تعالى: ﴿لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى﴾(17) حيث أنَّ المنَّ والأذى المقترِن مع الصدقة يمنع عن ترتُّب الثواب المُنتظَر من الصدقة، إذ أنَّ الصدقة حينذاك وقعت على غير الوجه المطلوب والمامور به.

وهكذا الحال في مخاطبة الرسول (ص) للتعرُّف على أحكام الله عزَّ وجل فإنَّه من الأعمال الموجبة لترتُّب الثواب إلا أنها عندما تقترن برفع الصوت وإساءة الأدب فإنَّها تُحبط العمل أي انَّها تمنع من ترتُّب الثواب المُنتظَر، وذلك لإيقاع العمل على غير الوجه الصحيح والمطلوب. وكذلك الحال فيما يتصل بالآية من سورة محمد (ص) وهي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾(18) فإنّها تُحذِّرُ من الأعمال التي تتنافى مع طاعة الله والرسول (ص)، فهي وإنْ افتُرضت نافعة وذات مصلحة بحسب تَوهُّم الفاعل إلا أنّها ليست كذلك واقعًا، فإنّها أعمال باطلة، أي لا يترتَّب عليها النفع والمصلحة المتوهَّمة، لمنافاتها مع الطاعة لله تعالى والرسول (ص). هذا هو المُستظهَر من مثل هذه الآيات ولا أقل من انَّ ذلك هو مقتضى الجمع بينها وبين ما دلَّ من الآيات وغيرها على عدم التحابط.

الطائفة الثالثة: مجموعة من الروايات تدلُّ على انتفاء أثر الطاعات بارتكاب بعض المعاصي. وهذه الطائفة بعضها يدلُّ على أنَّ منشأ انتفاء أثر الطاعات هو أنَّ ثوابها كان مشروطًا من أول الأمر بعدم ارتكاب تلك المعاصي، وهذا ليس من الحبط المُتنازَع عليه، إذ لم يكن ثمّة ثواب حتى يكون انتفاؤهُ بسبب المعصية إحباطًا، فإنَّ غاية ما تحقق هو مقتضي الثواب وأمَا فعليته فهي منوطة بعدم المانع والتي هي المعصية فلما تحققت المعصية كان معنى ذلك هو عدم تحقق الطاعة - الموجبة لتحقق الثواب- من أوّل الأمر(19).

والبعض الآخر من هذه الطائفة يدلُّ على انتفاء أثر الطاعات بارتكاب بعض المعاصي دون أن يكون في هذه الروايات ما يدل على أنَّ منشأ ذلك هو اشتراط فعلية الثواب بانتفاء المعاصي إلا انَّ هذه الروايات لا تعدو عن كونها روايات آحاد كما أفاد ذلك العلاَمة المجلسي(20)، على انّه يمكن تأويلها بذلك دفعاً للمحذور المترتب على القول بالإحباط والذي هو تصريح كثير من الآيات والروايات بترتُّب الثواب على مجرَّد الطاعة حتى في ظرف خلطها بالمعصية، وعندئذٍ لا يكون ثمّة تفسير لهذه الروايات سوى أنَّ في البين طاعات مخصوصة منوط ترتب الثواب عليها بترك معاصٍ خاصة بنحوٍ مطلق.

وبهذا ينتفي المحذور الآخر للإحباط والذي هو الظلم، إذ انَّ الاستحقاق للثواب لمّا كان قد رُتب على الطاعة المغياة بعدم المعصية فإنَّ فعل الطاعة مع ارتكاب المعصية يُنتج عدم استكمال شرط الثواب.

الدليل الثاني: دائميَّة الثواب والعقاب وحاصل ما استدلوا به: أنَّ هنا احتمالات عقلية مترتِّبة على ما ثبت من انَّ الثواب لو استحقَّه المكلَّف كان دائمياً، وهكذا العقاب، وعندئذٍ فحيث ان ذلك ثابت بحسب الفرض لذلك نقول: إنَّ المكلف إمّا ان يستحق الثواب فيكون دائمياً أو يستحق العقاب فيكون دائمياً أو لا يستحقهما معاً أو يستحقهما في عرض واحد.

فعند عدم استحقاقهما لا يكون ثمّة ثواب ولا عقاب، وعند استحقاقهما معاً فإنَّه يثاب ويعاقب دفعةً واحدة أو يُوازَن بينهما، فعند غلبة الثواب لكثرة الطاعة يسقط العقاب ولكن لا يذهب تأثيره بل يؤثِّر في تقليل الثواب، وعند غلبة العقاب لكثرة المعاصي يسقط الثواب ولكن لا يذهب تأثيره بل يؤثِّر في تقليل الثواب، وهذا هو الحبْط على سبيل الموازنة، ولأنَّ جعل الثواب والعقاب دفعة واحدة مستحيل فيتعيَّن الثاني وهو الحبط على سبيل الموازنة أو التكفير على سبيل الموازنة، وهو المطلوب. وتلاحظون أنَّ ثمّة احتمالاً لم يُذكر، وهو أن يُعاقب ويُثاب المستحق لهما ولكن أحدهما في طول الآخر.

وعدم ذكر هذا الاحتمال مبني على ما ذكرناه من دعوى ثبوت دائمية الثواب لمستحقه ودائمية العقاب لمستحقه.

والجواب عن هذا الدليل واضح، وهو أنَّ هذا الدليل مبنائي، فلو كنَّا نبني على فساد دعوى دائميَّة العقاب لمستحقِّه فإنَّ هذا الدليل يسقط برمته، وهو كذلك، إذ لم يثبت أنَّ مرتكب الكبيرة مخلَّد في النار، هذا أولاً. وأمّا ثانياً: فإنَّ الدليل لو تم فإنَّه أخصُّ من المدعى حيث أنّه يناسب القول الثالث للإحباط والذي ذهب إليه أبو هاشم المعتزلي(21).

أدلّة القائلين بعدم الإحباط:

الدليل الأول: الآيات والروايات

استدلَّ القائلون بعدم التحابط بالآيات القرآنية والروايات الشريفة، ومن ذلك:

- ما ورد في قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾(22).

فإنَّ ظاهر الآية المباركة هو عدم حبط الطاعة بالمعصية وانَّ كلاً منهما يظلُّ على حاله مقتضيًا للثواب والعقوبة إلا أن يتفضل الله عزَّ وجل فيُسقط المعصية؛ وذلك لأنّه غفورٌ رحيم. ومنها قوله تعالى: ﴿لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾(23).

- وكذلك قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾(24). فالمستظهَر من الآيتين الشريفتين أنَّ السيئات لا تُحبِط أثر العمل الصالح.

- وكذلك يمكن الاستدلال بقوله تعالى: ﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾(25) فإنَّ الظاهر من الآية ان فاعل الحسنة يُجازى على احسانه وفاعل السيئة يجازى على اساءته ومقتضى اطلاق ذلك ان من صدرت منه الحسنة والسيئة فإنه يجازى على كلٍّ منهما بل إنَّ هذا الفرض هو الفرض الغالب الوقوع في المؤمنين مورد الخطاب إذ لا تكاد تقف على مَن تصدر منه السيئة محضًا أو الحسنة محضًا، فظاهر الآية هو انه لا تحابط بين الطاعة والمعصية بل ان المكلف يجازى عليهما معًا إلا ان يتفضل الله على عبده فيعفوا عن سيئاته.

- وأمّا الروايات فمنها ما رود في التهذيب عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: "من كان مؤمناً فحجّ وعمل في إيمانه ثمَّ أصابته فتنة فكفر ثمَّ تاب وآمن قال يُحسب له كل عمل صالح في إيمانه ولا يبطل منه شيء"(26).

- ويمكن ان يستدل بالروايات الكثيرة التي دلت على انَّ فساق المسلمين لا يخلدون في النار بل يخرجون منها ويدخلون الجنة.

الدليل الثاني: طريقة العقلاء

على عدم التحابط هو أنَّ طريقة ترتُّب الثواب والعقاب لا تعدو طريقة العقلاء حيث انَّ سيرتهم جارية على أنَّ كلَّ من جاء بالوظيفة المقرَّرة عليه فإنّه يستحق عليها الأجر كما أنَّ كل من أساء وارتكب المخالفة فإنَّه يستحق العقوبة الموظَّفة لتلك المخالفة. فلو اتفق انّه جاء بمجموعة من وظائفه وخالف في موارد أخرى فإنَّ مخالفته لا تقتضي حرمانه من أجر أعماله الأخرى التي طابقت مقتضى الوظيفة، فإنَّ ذلك ظلمٌ مستبشعٌ بنظر العقلاء.


1- سورة الأحزاب آية رقم 19.

2- لاحظ لسان العرب- ابن منظور- ج7 ص272.

3- النهاية في غريب الحديث- ابن الأثير- ج1 ص331.

4- شرح المقاصد في علم الكلام- التفتازاني- ج2 ص232.

5- شرح المواقف- القاضى الجرجانى- نسبه الى الجبائي من المعتزلة وابنه ج8 ص310.

6- نسب التفتزاني هذا القول في كتابه شرح المقاصد الى ابي هاشم ج2 ص233، ونسبه الرازي الى جمهور المتأخرين من المعتزلة راجع تفسير الرازي- الرازي- ج6 ص40.

7- شرح المواقف- القاضى الجرجانى- ج8 ص310.

8- سورة البقرة آية رقم 217.

9- سورة التوبة آية رقم 17.

10- سورة محمد آية رقم 9-8.

11- سورة محمد آية رقم 32.

12- سورة الكهف آية رقم 105.

13- سورة الأعراف آية رقم 147.

14- سورة الأحزاب آية رقم 19.

15- سورة الحجرات آية رقم 2.

16- سورة محمد آية رقم 33.

17- سورة البقرة آية رقم 264.

18- سورة البقرة آية رقم 264.

19- ويمكن ان نمثِّل لهذه الطائفة من الروايات بما ورد عن النبي (ص) انَّه: (من ترك الصلاة متعمدًا أحبط الله عمله) فإن الظاهر من هذه الرواية ان ترك الصلاة معصية يترتب عليها انتفاء أثر كلِّ الطاعات، بمعنى انَّ كلَّ الطاعات انما يترتَّب عليها الثواب في فرض الالتزام بالصلاة، فإذا ترك المكلَّف الصلاة كانت طاعاته الاخرى فاقدة لشرط القبول المنتج للثواب، ثم انَّه لا فرق في ذلك بين تقدم الطاعات على ترك الصلاة أو تأخرها عن ترك الصلاة، ففي كلا الفرضين تكون الطاعات فاقدة لاثرها وهو الثواب، فالثواب على الطاعات مراعى ومشروط بالالتزام بفريضة الصلاة، غايته انَّ الشرط تارة يكون من قبيل الشرط المتقدم واخرى يكون بمثابة الشرط المتأخر، فحينما يكون ترك الصلاة متقدمًا على فعل الطاعات فإنَّ هذه الطاعات لا تكون مقتضية لترتب الثواب من أول الأمر، وحينما يكون ترك الصلاة متأخرًا عن فعل الطاعات فإن طاعاته تكون مقتضية للثواب إلا انَّ فعليِّة تحصيل الثواب يكون مشروطًا ومراعى بعدم ترك الصلاة لاحقًا. ومنشأ استظهار هذا المعنى من الحديث النبوي الشريف هو ما ورد من انَّ الصلاة هي أول ما يحاسب به العبد فإن قُبلت قُبِل سائر عمله واذا رُدَّت رُدَّ سائر عمله، وما ورد من انها عمود الدين وانَّها أول ما ينظر الله تعالى فيه من عمل ابن آدم فإن صحَّت نظر في باقي عمله وان لم تصح لم يُنظر له في عمل، ولا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة.

20- بحار الأنوار-العلامة المجلسي-ج68 ص197.

21- شرح المقاصد في علم الكلام- التفتازاني- ج2 ص233.

22- سورة التوبة آية رقم 102.

23- سورة الزمر آية رقم 35.

24- سورة العنكبوت آية رقم 7.

25- سورة الأنعام آية رقم 160.

26- تهذيب الأحكام- الشيخ الطوسي- ج5 ص459، وسائل الشيعة (آل البيت)- الحر العاملي- ج1 ص125 باب 31 من أبواب مقدمة العبادات.