- هل يتأثر النبي (ص) بالسحر

هل يتأثر النبي (ص) بالسحر

المسألة:

هل ما ورد في سبب نزول المعوِّذتين من سحر النبي (ص) صحيح، وهل يمكن أن يُسحر وما المانع منه؟

الجواب:

وردت روايات متعددة من طرق الفريقين مفادها انَّ منشأ نزول المعوَّذتين هو انَّ لبيد بن أعصم اليهودي سحر النبي (ص)(1) وفي بعضها(2) انَّ بناته سحرنَ النبي (ص) وذلك بأن اتخذنَ مِشاطةَ رأسٍ وأسنانَ مشطٍ وخيطاً عقدنه إحدى عشرة عُقدة وغرزن فيها الإبر ثم وضعن كلَّ ذلك في قشر الطلع وخبأنه في بئرٍ تحت صخرة فتوَّعك النبي (ص) لذلك وأصابه وجع في بدنه فهبط عليه الوحي فأخبره بذلك فبعث علياً (ع) وقيل بعث معه الزبير وعماراً فاستخرج عليٌ (ع) المشاطة وأسنان المشط والخيط المعقود وجاء بها إلى النبي (ص) فأنزل الله تعالى المعوذتين فتعوَّذ بهما النبي (ص) فذهب عنه أثر السحر.

هذا حاصل ما ورد في سبب نزول المعوَّذتين، ولم يثبت شيء من هذه الروايات من حيث السند.

إلا انه على فرض ثبوتها واقعاً فإنها لا تُنافي شيئاً من أصول العقيدة، فلا محذور من الالتزام بمضمونها، إذ لا مانع من الالتزام بإمكانية تأثُّر جسد النبي (ص) بالسحر، فالعصمة الثابتة للنبي (ص) يقيناً لا تقتضي مصونية جسده من التأثر بالسحر، نعم العصمة تقتضي امتناع تأثر عقله بالسحر، لذلك يلزم طرح بعض الروايات(3) المُوهِمة بتأثر عقل النبي (ص) بالسحر، لأنها منافية لواحدٍ من أصول العقيدة وهي عصمة النبي (ص) من الخطأ والوهم.

وأما ما ورد في القرآن من التشنيع على الكافرين حيث وصفوا النبي (ص) بالمسحور في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا...﴾(4).

فالمراد منها هو تنزيه النبي (ص) عما ادَّعاه عليه الكافرون من انَّه رجل مسحور في عقله، فمرادهم من انَّ النبي (ص) مسحور هو انه مخبول لذلك تصدّى القرآن الكريم للتشنيع عليهم وتفنيد مدّعاهم.


1- تفسير فرات الكوفي- فرات بن إبراهيم الكوفي- ص619، طب الأئمة- ابن سابور الزيات- ص113، مكارم الأخلاق- الشيخ الطبرسي- ص413، مستدرك الوسائل- الميرزا النوري- ج13 ص107، تفسير مجمع البيان- الشيخ الطبرسي- ج10 ص492، تفسير نور الثقلين- الشيخ الحويزي- ج 5 ص 718، تفسير مقاتل بن سليمان- مقاتل بن سليمان- ج 3 ص 537، تفسير السمرقندي- أبو الليث السمرقندي- ج 3 ص 610.

2- التبيان- الشيخ الطوسي- ج10 ص434، تفسير البغوي- البغوي- ج4 ص547، زاد المسير- ابن الجوزي- ج8 ص434، تفسير القرطبي- القرطبي- ج20 ص259، البرهان- الزركشي- ج1 ص25، تفسير الثعالبي- الثعالبي- ج5 ص641.

3- الروايات الموهِمة لذلك وردت من طرق العامة فأفاد بعضها انَّ النبي كان يُخيَّل اليه انه يفعل الشيء وما فعله، لاحظ صحيح البخاري- البخاري- ج4 ص91، ج7 ص88،28، صحيح مسلم- مسلم النيسابوري- ج7 ص14، مسند احمد- احمد بن حنبل- ج6 ص96،63،57، صحيح ابن حبان- ابن حبان- ج14 ص545، معرفة السنن والآثار- البيهقي- ج6 ص275، مسند أبي يعلى- أبو يعلى المو صلي- ج8 ص291.

4- سورة الفرقان آية رقم 8-9.