للمطالعة (سورة النصر)

بسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا *فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ .

شرح المفردات:

1-دين الله: الإسلام.

2-أفواجاً: جماعة بعد جماعة وزمرة بعد زمرة.

3-سبِّح: نزّه.

محتوى السورة وفضيلتها:

نزلت هذه السورة في المدينة المنوّرة بعد الهجرة، وفيها بُشرى النصر العظيم ودخول الناس في دين الله أفواجاً، وهي تدعو النبيّ (ص) إلى أن يسبّح الله ويحمده ويستغفره شكراً على هذه النعمة، وكذا سائر المؤمنين.

في الإسلام فتوحات كثيرة، ولكنّ فتحاً بالمواصفات المذكورة في السورة ما كان سوى "فتح مكّة"، خاصّة وأنّ العرب كما جاء في الروايات كانت تعتقد أنّ نبيّ الإسلام (ص) لا يستطيع أن يفتح مكّة إلّا إذا كان على حقّ... ولو لم يكن على حقّ فربُّ البيت يمنعه كما منع جيش "أبرهة". ولذلك دخل العرب في دين الله بعد فتح مكّة أفواجاً.

وقد نزلت هذه السورة بعد "صلح الحديبيّة" في السنة السادسة للهجرة، وقبل عامين من فتح مكّة.

أمّا ما ذكره بعضهم من نزول هذه السورة بعد فتح مكّة في السنة العاشرة للهجرة في حجّة الوداع فبعيد جدّاً، لأنّ عبارات السورة لا تنسجم وهذا المعنى، فهي تخبر عن حادثة ترتبط بالمستقبل لا بالماضي.

ومن أسماء هذه السورة "التوديع" لأنّها تشعر بقرب رحلة النبيّ (ص) إلى ربّه عزّ وجلّ.

في الرواية أنّ هذه السورة لمّا نزلت قرأها رسول الله (ص) على أصحابه ففرحوا واستبشروا وسمعها العبّاس فبكى.

فقال (ص): ما يبكيك يا عمّ؟

فقال: أظنّ أنه قد نُعيت إليك نفسك يا رسول الله.

فقال (ص): "إنّه لكما تقول (1)"

ظاهر السورة ليس فيه إنباء عن قرب رحلة الرسول (ص) بل عن الفتح والنصر. فكيف فهم العبّاس أنّها تنعى إلى الرسول (ص) نفسه؟

يبدو أنّ دلالة السورة على اكتمال الرسالة وتثبيت الدين هو الّذي أوحى بقرب ارتحال الرسول (ص) إلى جوار ربّه.

عن الإمام الصادق (ع) قال:

"من قرأ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾(2) في نافلة أو فريضة نصره الله على جميع أعدائه، وجاء يوم القيامة ومعه كتاب ينطق قد أخرجه الله من جوف قبره، فيه أمان من حرِّ جهنّم...".


1- مجمع البيان، ج‏10، ص 554. هذه الرواية وردت بألفاظ مختلفة: الميزان، ج‏20، ص‏532.

2- م.ن.