للمطالعة (من اكتشافات القرآن العلميّة)

دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس

يقول التاريخ إنَّ غاليليو الإيطاليّ كان أوّل من اكتشف دوران الأرض حول نفسها قبل نحو أربعة قرون، بينما كان العلماء قبله يؤمنون بنظرية بطليموس المصريّ القائلة إنّ الأرض هي مركز الكون وإنَّ جميع الأجرام الأخرى تدور حولها.

وكان جزاء غاليليو على اكتشافه العلميّ هذا أنْ حكمت الكنيسة بكفره، ولم ينجُ من الموت إلاّ باظهار الندم على اكتشافه ذاك. غير أنّ علماء آخرين تابعوا نظريته واكّدوها بحيث إنّها أصبحت اليوم من الأُمور الّتي لا يختلف فيها اثنان، بل لقد ثبت بالتجارب الملموسة أنَّ الأرض تدور حول نفسها، وخاصّة بعد التحليقات الفضائية الأخيرة.

وعليه فقد فقدت الأرض مركزيّتها بالنسبة للكون بعد أنْ تبيّن أنَّنا كنّا من قبل ضحيّة خطأ حواسّنا، فكنّا نخلط حركة الأرض بحركة مجموعة الثوابت والسيّارات. إنَّنا نحن الّذين نتحرّك، وكنّا نعتبرها هي الّتي تتحرّك.

على كلّ حال، لقد سيطرت نظريّة بطليموس نحو ألف و خمسمائة سنة على عقول العلماء.

وعند ظهور القرآن لم يكن أحد يجرؤ على القول بخلاف ذلك.

ولكنّنا إذا رجعنا إلى آيات القرآن نجد أنَّه في الآية 88 من سورة "النمل" يتحدّث الله تعالىعن حركة الأرض فيقول عز من قائل:

﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ .

هذه الآية تشير بوضوح إلى حركة الجبال مع أنَّنا نراها ساكنة جامدة. إنَّ تشبيه حركتها بحركة السحاب يفيد السرعة مع الهدوء.

أمّا التعبير عن حركة الأرض بحركة الجبال، فهو لكي يبيّن أهمّيّة الموضوع، إذ لا حركة للجبال بغير حركة الأرض من تحتها، أي إنَّ حركتها هي حركة الأرض نفسها، سواء أكان المقصود دورانها حول نفسها، أم حول الشمس، أم كليهما.

تصوّر الآن عصراً كانت فيه جميع المحافل العلميّة في العالم والإنسان العاديّ، يؤمنون بنظريّة سكون الأرض ودوران الشمس والكواكب الأخرى حولها. ألا يكون الإخبار بحركة الأرض بهذا البيان معجزةً علميّة، خاصّة أنَّ المخبر إنسان أُمّيّ لم يدخل مدرسة، بل إنَّه نشأ في محيط متخلّف لا مدرسة فيه ولا تعليم؟ أفلا يكون هذا دليلاً على كون القرآن كتاباً سماويّاً؟(1)


1- سلسلة دروس في العقائد الاسلاميّة، آية الله مكارم الشيرازي، مؤسسة البعثة، ط2، ص114ـ 116.