للمطالعة (توحيد الكلمة)

إنّ من الأهداف الكبيرة للشرائع الإلهيّة والأنبياء العظام -سلام الله عليهم- مضافاً إلى كونه -الهدف الّذي نذكره- هدفاً مستقلّاً وليس بمجرّد أداة وواسطة وإنّما هي الوسيلة الّتي تبعث على إنجاز الأهداف الأساسيّة الكبيرة، وشرط ضروريّ لتحقيق المدينة الفاضلة. مضافاً على ذلك، هو توحيد الكلمة وتوحيد العقيدة والاتّفاق في الأمور الهامّة، والحدّ من ظلم الجائرين الباعث على فساد بني الإنسان ودمار المدينة الفاضلة، ولا يتحقّق هذا الهدف الكبير المصلح للمجتمع والفرد إلّا في ظلّ وحدة النفوس واتّحاد الهمم والتآلف والتآخي، والصداقة القلبيّة والصفاء الباطنيّ والظاهريّ، وتربية أفراد المجتمع على نمط يُساهم كلّهم في بناء شخص واحد، يحوّل المجتمع إلى فرد، ويجعل الأفراد بمنزلة الأعضاء والأجزاء لذلك الفرد وتُدار كافّة الجهود والمساعي حول الهدف الإلهيّ الكبير، والأمر الهامّ العقليّ العظيم الوحدة والأخوّة- الّذي فيه مصلحة الفرد والمجتمع. ولو أنّ مثل هذه الوحدة والأخوّة ظهرت في طائفة أو نوع، لتغلّبوا على جميع الطوائف والأمم الّتي لا تحظى بالأخوّة والوحدة كما يتّضح ذلك من مراجعة التاريخ وخاصّة دراسة الحروب الإسلاميّة والفتوحات العظيمة، حيث تمتّع المسلمون لدى بزوغ القانون الإلهيّ - الإسلام - بشيء من الوحدة والاتحاد، واقترنت مساعيهم بشيء من الخلوص في النيّة، فحقّقوا في فترة قصيرة إنجازات عظيمة، وهزموا القوى الجبّارة آنذاك المتمثّلة في إيران والروم وانتصروا رغم قلّة عددهم وعُدّتهم على الجيوش المدجّجة بالسلاح وعلى المجتمعات الكبيرة.

إنّ نبيَّ الإسلام قد أجرى عقد الأخوّة في الأيّام الأولى بين المسلمين، فسادت

الأخوّة حسب الآية الكريمة ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾(1) بين جميع المؤمنين.

وفي الكافي الشريف: عَنْ العَرْقُوفي قالَ: سَمِعْتُ أبا عَبْد ِاللهِ (ع) يقول لأصْحابه: "اتقوا اللهَ وَكُونُوا إِخْوَةً بَرَرَةً فِي اللهِ مُتَواصِلينَ مُتَراحِمينَ. تَزاوَرُوا وَتَلاقَوْا وَتَذاكَرُوا أمْرَنا وَأحْيُوهُ"(2).

وَعَنْ أبي عَبْدِاللهِ (ع) قالَ: "يَحِقُّ عَلَى المُسْلِمِينَ الاجتهاد فِي التواصُلِ وَالتَّعاوُنَ عَلَى التَّعاطُفِ وَالمُواسَاةِ لأَهْلِ الحاجَةِ وَتَعاطُفِ بَعْضِهِمْ عَلى بَعْضٍ حَتَّى تَكُونُوا كَما أمَرَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿رُحَماءُ بَيْنَهُمْ...﴾(3).

وعنه (ع): "تَواصَلُوا وَتَبارُّوا وَتَراحَمُوا وَكُونُوا إِخْوَةً بَرَرَةً كَما أمَرَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ"(4).

الأربعون حديثاً، الإمام الخميني، دار التعارف،1411ه- - 1991م،ص288-290.


1- سورة الحجرات، آية: 10.

2- أصول الكافي، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب التراحم والتعاطف، ص175، ح 1.

3- م.ن، ح 4.

4- م.ن ، ح 2.