للمطالعة (علماؤنا أسوتنا)

كتب رجل بعيد عن الآداب الإسلاميّة إلى العالم العظيم الخواجة نصير الدين الطوسيّ قدس سره كتاباً خشناً، وكان في جملة ما كتب فيه: (يا كلب).

فأجابه الخواجة الطوسيّ قدس سره في كتاب بجواب ليّن، وكان في جملة ما كتب فيه: وأمّا خطابك لي بالكلب، فإنّي لست بذلك، فإنّ الكلب منحني الظهر، وأنا مستقيم القامة أمشي على رجلين. وما أشبه هذه العبارات، وذلك بكل هدوء ورفق، وبدون أيّ خشونة وخُرق، ما أدّى إلى خجل الكاتب والاعتذار منه.

ويُحكى أنّه وقع قحط في بغداد أيّام مرجعيّة السيّد المرتضى علم الهدى قدس سره، وحيث إنّ السيّد كان يُجري على طلبة العلم ورجال الدين الّذين يحضرون درسه في بغداد المرتّب الشهريّ، احتال يهوديّ للتوصّل إلى المرتّب الشهريّ والحصول عليه بإظهار الإسلام، والانضمام إلى صفوف الطلبة. فأظهر اليهوديّ الإسلام وجاء إلى درس السيّد، وذلك في تلك الأيّام العجاف، والقحط الشديد، فقبله السيّد وأجرى له مرتّباً شهريّاً كما يجريه لبقيّة طلبته، وأحسن معاشرته.

فلمّا رأى اليهوديّ حسن معاشرة السيّد، وطيب معاملة المسلمين، أسلم قلباً وآمن حقيقة، وبقي يواصل دراسته عند السيّد، ولم يفارقه حتّى الموت -وذلك بعد أن هدى إلى الإسلام جماعة من أقربائه وذويه اليهود- وهذا كان من بركة حزم السيّد قدس سره وحسن تقديره.