للمطالعة (التشيع أمانة الحق)

.... وإنّ ولاية أهل بيت العصمة والطهارة، ومودّتهم، ومعرفة مرتبتهم المقدّسة، أمانة من الحقّ سبحانه. كما ورد في الأحاديث الشريفة في تفسير الأمانة في الآية ﴿إنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلى السَّماواتِ والأرضِ﴾(1) بولاية أمير المؤمنين (ع). كما أنّ غصب خلافته وولايته، خيانة لتلك الأمانة وأنّ رفض المتابعة للإمام عليّ (ع) مرتبة من مراتب الخيانة.

وفي الأحاديث الشريفة، أنّ الشيعيّ هو الّذي يتّبع أمير المؤمنين (ع) اتّباعاً كاملاً وإلاّ فإنّ مجرّد دعوى التشيّع من دون الاتّباع لا يكون تشيّعاً.

إنّ كثيراً من الأوهام، تُعتبر من قبيل الشهوة الكاذبة يشتهي الإنسان الطعام وهو شبعان، فإذا لمسنا في قلوبنا مودّة عليّ (ع) وأولاده الطاهرين اغتررنا بها، وحسبنا أنّ هذه المودّة لوحدها ستبقى وتستمرّ من دون حاجة إلى تبعيّة كاملة لهم. ولكن ما هو الضمان على بقاء هذه المودّة إن لم نُحافظ عليها بل إن تخلّينا عن آثار الصداقة والمودّة الّتي هي المشايعة والتبعيّة؟ إذ من الممكن أن الإنسان ينسى عليّ بن أبي طالب (ع) من جرّاء الذهول والوحشة الحاصلتين من الضغوط الواقعة على غير المخلصين والمؤمنين. ففي الحديث "إنّ طائفة من أهل المعصية يتعذّبون في جهنّم وهم ناسون اسم رسول الله (ص)، وبعد انتهاء فترة العذاب وحصول الطهارة والنظافة من قذارات المعاصي يتذكّرون اسم النبيّ المبارك أو يُلقى الاسم في قلوبهم، فيصرخون ويستغيثون قائلين وا محمداه (ص) فتشملهم بعد ذلك الرحمة".

إنّنا نظنّ أنّ حادثة الموت وسكراته، تُضاهي حوادث هذا العالمَ. عزيزي إنّك عندما تُعاني من مرض بسيط، تنسى كلّ علومك وثقافاتك، فكيف بك عندما تواجه الصعاب والضغوط والمصائب والأهوال الّتي تُرافق الموت وسكراته؟ إذا تصادق الإنسان مع الحقّ سبحانه، وعمل حسب متطلّبات الصداقة، وتذكّر الحبيب وتبعه، كانت تلك الصداقة مع الوليّ المطلق، والحبيب المطلق الّذي هو الحقّ المتعالي محبوبةً لديه سبحانه، وملحوظة عنده تعالى. ولكنّه إذا ادعى المودّة ولم يعمل حسب مقتضاها بل خالفه، فمن الممكن أنّ الإنسان يتخلّى عن تلك الصداقة مع الوليّ المطلق قبل رحيله من هذه الدنيا نتيجة التغييرات والتبدّلات والأحداث المتقلّبة في هذا العالَم. بل والعياذ بالله قد يصير عدوّاً له سبحانه وتعالى. كما أنّنا شاهدنا أشخاصاً كانوا يدّعون المودّة والصداقة وبعد العِشرة اللامسؤولة، والأعمال البشعة تحوّلوا إلى أعداء وخصماء لله ورسوله (ص) وأهل بيته عليهم السلام. وإذا فرضنا أنّ هؤلاء رحلوا من هذا العالَم على حبّ محمد وآله، فهم على حسب الروايات الشريفة والآيات المباركة من أهل النجاة يوم القيامة ومصيرهم السعادة، ولكنّهم يكونون في معاناة لدى البرزخ وأهوال الموت وعند الحشر ففي الحديث "إِنَّنا شُفَعاؤُكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلكِنْ تَزَوّدوا لَبرْزَخِكُم".

أعوذ بالله من عذاب القبر وضغطه وشدّة البرزخ وعذابه، حيث لا يُشابهه شيء في هذا العالمَ. إنّ الكوّة الّتي تُفتح من جهنّم على القبر، لو انفتحت على هذا العالمَ لهلكت كافّة الموجودات. نعوذ بالله منه.

الأربعون حديثاً، الإمام الخميني، دار التعارف،1411ه- - 1991م،ص431-432


1- سورة الأحزاب، الآية 72.