للمطالعة (علامات حجة اليقين)

عن أبي عبد الله (ع) قال: "مِنْ صِحَّةِ يَقينِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أنْ لا يُرْضِيَ النّاسَ بِسَخَطِ اللهِ، وَلا يَلومهُمْ عَلى ما لَمْ يؤته اللهُ، فَإنَّ الرِّزْقَ لا يَسوقُهُ حِرْصُ حَريصٍ، وَلا يَرُدُّهُ كَراهِيَةُ كارهٍ، وَلَوْ أَنَّ أحَدَكُمْ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ كَما يَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ لأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ كَما يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ. ثُمَّ قالَ: إنَّ اللهَ بِعَدْلِهِ وَقِسْطِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالرّاحَةَ فِي الْيَقينِ وَالرِّضى، وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحُزْنَ فِي الشَّكِّ وَالسَّخَطِ"(1).

جعل الإمام الصادق (ع) في هذا الحديث الشريف، علامتين على صحّة اليقين وسلامته هي: أحدهما: لا يُرضي الناس بسخط الله. الآخر: لا يلوم الناس على ما لم يؤته الله. وهاتان العلامتان من نتائج كمال اليقين. كما أنّ ما يُقابلهما يكون من آثار ضعف اليقين وسقم الإيمان ومرضه... لابُدّ وأن نعلم بأنّ الراغب في تحصيل رضى الناس، والباذل جهده للهيمنة على قلوبهم وعقولهم، إنّما يقوم بهذه المحاولات لأجل أنّه مقتنع بأنّ لهؤلاء دوراً إيجابيّاً ومؤثّراً في مطعمه ومطمحه، فالّذين يُحبّون المال ويعبدون الدينار يخضعون أمام أصحاب الثروات ويتذلّلون بين أيديهم ويتزلّفون لهم. والّذين يطلبون الرئاسة والاحترامات الظاهريّة، يتملّقون أمام الرؤساء، ويتواضعون لهم تحسّباً منهم بأنّ هذه الأساليب تستميلهم وتبعث على كسب قلوبهم، وهكذا تدور هذه العجلة،... ويخرج من هذه الدائرة الّتي تدور بين الرؤساء والمرؤوسين، خصوص الّذين هذّبوا نفوسهم من خلال ترويض النفس في كلّ من الجانبين وبذلوا ما في وسعهم لأجل تحصيل رضى الحقّ سبحانه، ولم يتزلزلوا أمام الدنيا وزخارفها بل كانوا يُفتّشون في فترة رئاستهم عن رضى الحقّ جلّ وعزّ، ويبحثون عن الحقّ والحقيقة أيّام مرؤوسيّتهم.

الأربعون حديثاً، الإمام الخميني، دار التعارف،1411ه- - 1991م،ص497.


1- أصول الكافي، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب فضل اليقين، ص 57، ح2.