للمطالعة (التهاون بالصلاة)

...عن أبي جعفر (ع) قال "بَيْنَا رَسُولُ اللهِ (ص) جَالِسٌ فِي الْمَسْجِد إذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَقَامَ يُصَلِّي فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ فَقَالَ (ع) نَقرٌ كَنَقْرِ الغُرَابِ لَئِنْ مَاتَ هذَا وَهكَذَا صَلاَتُهُ لَيَمُوتنَّ عَلَى غَيْرِ دِينِي"(1) بل قد يُفضي الأمر بالإنسان من جرّاء الاستخفاف بالصلاة، إلى تركها. ومن الطبيعيّ أنّ الإنسان إذ لم يُبدِ اهتماماً بشيء، لسقط من عينه ولانتهى إلى النسيان.

إنّنا قلّما يعترينا النسيان تجاه أمر دنيويّ سيّما في الأمور المهمّة منها، وذلك لاستعظام النفس لها، وتعلّقها بها، وتذكّرها الدائم، ومن الطبيعيّ أن لا يُنسى مثل هذا الأمر. فإذا قال لك شخص صادق في وعوده، إنّني لدى الظهر من يوم كذا، أدفع لك مبلغاً يُعدّ كبيراً ومهمّاً عندك، فإنّك لا تنسى ذلك اليوم والموعد بل تُحصي الساعات والدقائق حتّى يقترب الوقت لكي تستقبل الموعد بكلّ توجّه وحضور قلب، كلّ ذلك نتيجة أنّ حبّ النفس لذلك الشيء وإكبارها له، قد شغلك به، فلا تتهاون فيه أبداً. وهكذا يتمّ الاهتمام من جانب الإنسان في كلّ الأمور الدنيويّة حسب وضعه وشؤونه، وأمّا إذا كان الشيء تافهاً لدى الإنسان، لتوجّهت النفس لحظة واحدة ثمّ غفلت عنه.

إذن: هل تعرف المسوّغ لفتورنا هذا في الأمور الدينيّة؟ إنّه لأجل عدم إيماننا بالغيب وأنّ مرتكزات عقائدنا واهية، وإيماننا بالوعود الإلهيّة والأنبياء مهتزّاً ومتزلزلاً، وتكون النتيجة أنّ جميع الأمور الدينيّة والشرائع الإلهيّة عندنا تافهة

وموهونة، ويُفضي هذا الوهن شيئاً فشيئاً إلى الغفلة فإمّا أنّ هذه الغفلة تُهيمن علينا، وتُخرجنا كليّاً من هذا الدِّين الشكليّ الصور يّ الّذي نعتنقه، أو تبعث على الغفلة لدى أهوال نزع الروح وشدائد اللحظات الأخيرة من حياة الإنسان.

الأربعون حديثاً،الإمام الخميني، دار التعارف،1411 ه- - 1991م، ص 446 - 447.


1- وسائل الشيعة، ج 3، الباب 8 من أبواب أعداد الفرائض وأوقاتها، ص 21، ح2.