للمطالعة (الفرق بين التوكل والرضى)

اعلم أنّ مقام "الرضى" غير مقام "التوكُّل"، وهو أسمى منه وأرفع. وذلك لأنّ المتوكِّل يطلب الخير والصلاح لنفسه، فيوكِّل الحقّ تعالى، بصفته فاعل الخير، للحصول على الخير والصلاح. أمّا الشخص "الراضي" فيكون قد أفنى إرادته في إرادة الله، فلا يختار لنفسه شيئاً. ولقد سُئِل أهل السلوك:

"مَا تُرِيدُ؟". فَقَالَ: "أُرِيدُ أَنْ لا أُرِيدَ".

فمطلوبه هو مقام الرضى. أمّا ما جاء في الحديث الشريف: "فَمَا فَعَلَ بِكَ كُنْتَ عَنْهُ رَاضِياً" فإنّه لا يعني مقام الرضى، ولذلك جاء بعد ذلك قوله: "تَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَأْلُوكَ خَيراً وَفَضلاً"، وكأنّه (ص) أراد أن يوجد في السامع مقام التوكُّل، وذلك بوضع المقدّمات، فقال أوّلاً: "تعلم أنّه لا يألوك خيراً وفضلاً" ثمّ قال: "تعلم أنّ الحكم في ذلك له" طبيعيٌّ أنّ من يعلم أنّ الله تعالى قادرٌ على كلّ شيء، وأنّه لا يفوّت على نفسه خيره وفضله، فإنّ مقام التوكُّل يحصل له.... إذاً، تكون نتيجة المقدّمات المذكورة المطوية والمعلومة هي أنّ ما يفعله الحقّ تعالى يبعث على الرضى والسرور. إذ إنّ فيه الخير والصلاح، وبذلك يحصل مقام التوكُّل.

الأربعون حديثا، الإمام الخميني، دار التعارف،1411ه- - 1991م،ص210