الدرس الثاني عشر: المعاد

أهمية بحث المعاد:

إن لبحث المعاد أثراً كبيراً على صعيد الحياة الدنيوية وعلى صعيد السعادة الأخروية من حيث إيجاد محفز ودافع قوي لسير الإنسان نحو تكامله. لهذا كان البحث في المعاد محط اهتمام جميع الأديان وفي كل العصور حتى أنّ‏َ أحد وجوه الحكمة في بعث أصحاب الكهف هو إثبات المعاد لوجود الجدل الكبير حينها بين الناس فكان إحياؤهم دليلاً قاطعاً أمام المنكرين يقول تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنّ‏َ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ ايَاتِنَا عَجَبًا﴾، ﴿ثُمّ‏َ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيّ‏ُ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾، ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنّ‏َ وَعْدَ اللَّهِ حَقّ‏ٌ وَأَنّ‏َ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا﴾(1).

ولو ألقينا نظرة على القرآن الكريم لوجدنا أن ثلث القرآن يتكلم عن المعاد أي ما يقرب من (1200) آية من مجموع آياته، وأن اللّه تكلم عن اليوم الآخر في كل موضع تكلم فيه عن الإيمان باللّه كقوله تعالى:﴿وَلَكِنّ‏َ الْبِرَّ مَنْ امَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ﴾(2).

﴿إِن كُنّ‏َ يُؤْمِنّ‏َ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاخِر﴾(3).

﴿مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ﴾(4).

﴿يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾(5).

﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ امَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ﴾(6).

إلى غير ذلك من الآيات التي قرن فيها تعالى الإيمان به بالإيمان باليوم الاخر ما يقرب من ثلاثين اية.

أسماء المعاد في القرآن:

عبَّر القرآن الكريم في مئات الآيات الكريمة بتعبيرات متنوعة عن المعاد وكل تعبير يتناول بعداً من أبعاده وأهم هذه الأسماء:

1- قيام الساعة.

2- إحياء الموتى.

3- البعث.

4- الحشر.

5- النشر.

6- المعاد والعود.

7- لقاء اللّه.

8- الرجوع.

9- القيامة.

10- اليوم الآخر.

11- يوم الحساب.

12- يوم الدين.

13- يوم الفصل.

14- يوم الخروج.

15- اليوم الموعود.

16- يوم الخلود.

17- يوم الحسرة.

18- يوم التغابن.

إلى غير ذلك مما يقارب السبعين اسماً.

دلائل المعاد في القرآن الكريم:

هناك طرق كثيرة في القرآن الكريم يمكن إثبات المعاد من خلالها.

1-آيات الخلق الأول:

يقول تعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلّ‏ِ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾(7).

ويقول تعالى: ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾(8).

ويقول تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمّ‏َ يُعِيدُهُ إِنّ‏َ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾(9).

ويقول تعالى: ﴿اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ‏َ يُعِيدُهُ ثُمّ‏َ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾(10).

ففي هذه الآيات الكريمة يبين الله تعالى إمكان إثبات المعاد بدليل أن الذي خلقها وكوَّنها في أول مرة قادر على إحيائها وخلقها من جديد مرة ثانية، لأن القدرة واحدة بل لعل الخلق الثاني أهون وأيسر بنظر المخلوقين ولكن عند الله تعالى أيسر في كل المراحل لأن قدرته متساوية لجميع الأشياء.

2-آيات القدرة الإلهية المطلقة:

البحث في المعاد يأتي بعد إثبات التوحيد والصفات الثبوتية والسلبية وإن إحدى صفاته تعالى (قدرته غير المحدودة) التي ظهرت في خلق السماوات والأرض والمجرات والكواكب وتنوع المخلوقات ودقة النظام، وذلك كله لدليل على قدرته تعالى يقول تعالى:

﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنّ‏َ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾(11).

ويقول تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّ‏َ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾(12).

ويقول تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمّ‏َ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْاخِرَةَ إِنّ‏َ اللَّهَ عَلَى كُلّ‏ِ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ﴾(13).

ففي هذه الآيات المباركة يقيس اللَّه تعالى إحياء الموتى بخلق السموات والأرض فالذي يخلق هذا الخلق العظيم قادرٌ على إعادة الإنسان الذي خلقه أولاً.

3-آيات إحياء الأرض:

إحياء النباتات الميتة هي ظاهرة أخرى من الظواهر الدالة على المعاد والتي أشار إليها القرآن الكريم في عدد من اياته فذلك النظام وتلك الحالة المتكررة والمتجددة في كل عام لدليل صريح على المعاد حيث إن كل من على الأرض يرى هذه النباتات كيف تموت وكيف تُحيا في كل عام وعند كل موسم إذا تهيأت لها ظروف الحياة. وإن الحاكم على موت هذه النباتات وعلى إحيائها هو نظام واحد في كل الموارد وحتى على الإنسان وباقي المخلوقات.

يقول تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبّ‏َ الْحَصِيدِ ءوَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ * رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾(14).

ويقول تعالى: ﴿يُخْرِجُ الْحَيّ‏َ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيّ‏ِ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾(15).

ويقول تعالى: ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ‏ِ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنّ‏َ اللَّهَ هُوَ الْحَقّ‏ُ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلّ‏ِ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ﴾(16).

وفي هذه الآيات أيضاً يقيس اللَّه تعالى إحياء الإنسان بإحياء النباتات بعد موتها لأنها تابعة لنفس القانون وهو أمرٌ يحتاج إلى تأمل وتفكُّر، ونحن لا نعتني كثيراً بهذا التغيير في النباتات لأننا اعتدنا مشاهدته في كل عام فصار أمراً عادياً وإلا فإنه تابع لنظام دقيق.

4-آيات تطور مراحل خلق الإنسان:

إن التغيّرات التي تطرأ على النطفة منذ استقرارها في الرحم حتى الولادة وتقلّبها وتبدلها في تلك المرحلة لخير دليل على ثبوت المعاد، لأنه نموذج من نماذجه فإن الإنسان بموته ينتقل من مرحلة إلى مرحلة أخرى.

يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمّ‏َ مِن نُّطْفَةٍ ثُمّ‏َ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمّ‏َ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمّ‏َ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا... * ذَلِكَ بِأَنّ‏َ اللَّهَ هُوَ الْحَقّ‏ُ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلّ‏ِ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ﴾(17).

ويقول تعالى: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيّ‏ٍ يُمْنَى ءثُمّ‏َ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾(18).

ففي هذه الآيات يشير القرآن الكريم إلى مراحل الإنسان الأربع "التراب، النطفة، العلقة، المضغة" وكل مرحلة تُعتبر بنفسها عالماً عجيباً.

نماذج واقعية عن المعاد:

بالإضافة إلى الأدلة القرآنية التي مرَّت حول إمكان المعاد فإن القرآن الكريم ذكر شواهد تاريخية واقعية على المعاد في آيات وحوادث متعددة منها:

1-قصة أصحاب الكهف، التي ذكرناها في بداية البحث حيث بعثهم اللَّه تعالى بعد ثلاثمائة وتسع سنوات لكي يكونوا دليلاً حياً على المعاد. يقول تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنّ‏َ وَعْدَ اللَّهِ حَقّ‏ٌ وَأَنّ‏َ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا﴾(19).

2-قصة النبي عزير (ع) الذي أماته اللَّه تعالى مائة عام ثم بعثه عندما مرَّ على قرية مهجورة فأراد أن يشاهد إحياء الموتى بنفسه ليكون ذلك دليلاً قاطعاً أمام المنكرين.

يقول تعالى: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمّ‏َ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ

لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ايَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا(20) ثُمّ‏َ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنّ‏َ اللّهَ عَلَى كُلّ‏ِ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ﴾(21).

3- قصة النبي إبراهيم (ع) مع الطيور الأربعة عندما طلب من اللَّه تعالى أن يرتيه كيف يحيي الموتى حتى يطمئن قلبه.

قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبّ‏ِ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنّ‏َ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنّ‏َ (22) إِلَيْكَ ثُمّ‏َ اجْعَلْ عَلَى كُلّ‏ِ جَبَلٍ مِّنْهُنّ‏َ جُزْءًا ثُمّ‏َ ادْعُهُنّ‏َ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنّ‏َ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(23) هذا بالإضافة إلى شواهد أخرى ذكرها القرآن الكريم وكذلك إحياء النبي عيسى (ع) للموتى لدليل واضح على ذلك.

العدل دليل على المعاد:

إنه من المسلم أن في هذه الدنيا يوجد ظالمون ومظلومون ولكن حقهم لا يأخذونه في هذه الدنيا بصورة كاملة فمقتضى العدالة الإلهية أن يقتص اللَّه تعالى من الظالمين للمظلومين بمحاسبة عادلة وهذا لا يتحقق في الدنيا لأنهم قد يموتون من دون تحقق ذلك فلا بد أن يوجد عالم يحاسبون فيه ويؤخذ الحق منهم وهو عالم الآخرة.

يقول تعالى: ﴿أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ امَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾(24).

وذلك مقتضى عدالة اللّه سبحانه وتعالى لأنه لا يظلم مثقال ذرة كما مرَّ في مبحث العدل.

يقول تعالى: ﴿إِنّ‏َ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾(25).

ويقول تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾(26).

فيبعث اللّه تعالى البشر حتى يحاسبهم.

محكمة العدل الإلهي:

إن أهم منزل من منازل يوم القيامة مرحلة حساب الخلائق في محكمة العدل الإلهي فيسأل الإنسان فيها عن الصغيرة والكبيرة، ﴿مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾(27).

حضور الجميع أمام المحكمة الإلهية

يقول تعالى: ﴿وَإِن كُلّ‏ٌ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾(28).

فهذه الآيات تتحدث عن حضور جميع الأمم أمام اللَّه تعالى في محكمة عدله ليقفوا على جميع ما قدَّموه في حياتهم الدنيا واللَّه تعالى يأخذ الحقوق ويحكم بينهم يوم القيامة، يقول تعالى: ﴿اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾(29).

﴿وَجَاءتْ كُلّ‏ُ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾(30).

واللَّه تعالى في تلك المرحلة يُعطي البدن حتى الجلد القدرة على التكلم والنطق وكل عضو من الأعضاء يجيب عما فعله، والمذنبون يعاتبون جلودهم على شهادتهم.

﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾(31).

﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلّ‏َ شَيْ‏ءٍ﴾(32).

ويجيبونهم بأن الأمر وكل شي‏ء بيد اللَّه وقدرته.

ميزان الأعمال:

وعند ذلك توضع الموازين الدقيقة لتزن أعمال العباد صغيرها وكبيرها.

﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾(33).

﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقّ‏ُ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم﴾(34).

فكل شي‏ء يوزن بهذا الميزان سواء كان كبيراً أم صغيراً حتى وإن كان بمقدار حبة خردل فسوف يأتي بها اللَّه تعالى، وقيل إن ما يوزن هو صحيفة الأعمال وأن الميزان هم الأنبياء والأوصياء كما في تفسير البرهان(35).

وقد ورد في الروايات أيضاً أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): هو ميزان الأعمال، لذلك نقول في الزيارة المطلقة لأمير المؤمنين (ع) (السلام على ميزان الأعمال)(36) وهو قسيم الجنة والنار كما ورد عن الإمام الصادق (ع) للمفضل بن عمر عندما سئل: "لمَ صار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قسيم الجنة والنار؟ قال: لأن حبه إيمان وبغضه كفر، وإنما خلقت الجنة لأهل الإيمان وخلقت النار لأهل الكفر فهو (ع) قسيم الجنة والنار"(37).

السرعة في الحساب:

يقول تعالى: ﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾(38).

﴿إِنّ‏َ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾(39).

﴿أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾(40).

إن مسألة الحساب هي مسألة واضحة وجلية يوم القيامة حتى سمي ذلك اليوم بيوم الحساب جعلنا اللَّه تعالى من المستعدين لذلك اليوم العظيم.

خلاصة الدرس

إن لبحث المعاد أثراً كبيراً على صعيد الحياة الدنيوية والأخروية فإنه يوجد محفّز للاهتمام والعمل.

إن ثلث الآيات القرآنية تتحدث عن المعاد وخصوصياته وما يقرب من (1200) آية.

للمعاد عدة أسماء في القرآن الكريم منها "قيام الساعة، إحياء الموتى، البعث، الحشر، القيامة...".

هناك طرق كثيرة في القرآن الكريم يمكن إثبات المعاد من خلالها منها:

1- آيات الخلق الأول.

2- آيات القدرة الإلهية المطلقة.

3- آيات إحياء الموتى.

4- آيات تطور مراحل خلق الإنسان.

هذا بالإضافة إلى نماذج واقعية كثيرة ذكرت في القرآن الكريم لأناس ماتوا ورجعوا "كالنبي عزير (ع) وأصحاب الكهف".

للحفظ

يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمّ‏َ مِن نُّطْفَةٍ ثُمّ‏َ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمّ‏َ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمّ‏َ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا...﴾.

أسئلة حول الدرس

1- ما هي أهمية البحث عن المعاد؟

2- عدّد بعض أسماء المعاد في القرآن الكريم؟

3- ما هو دليل العدل الإلهي على المعاد؟

4- كيف استدل القرآن الكريم بآيات إحياء الأرض على المعاد؟

5- بماذا فُسِّر ميزان الأعمال واذكر حديثاً يدل على ذلك.


1- الكهف: 9-12-21.

2- البقرة: 177.

3- البقرة: 228.

4- البقرة: 232.

5- آل عمران: 114.

6- النساء: 39.

7- يس: 78 79.

8- ق: 15.

9- العنكبوت: 19.

10- الروم: 11.

11- غافر الآية: 57.

12- الإسراء: 99.

13- العنكبوت: 20.

14- ق: 9 -11.

15- الروم: 19.

16- الحج: 5 - 6.

17- الحج: 5 - 6.

18- القيامة: 37 - 40.

19- الكهف: 21.

20- ننشزها: نرفع بعضها فوق بعض.

21- البقرة: 259.

22- صرهنّ: أضممهن.

23- البقرة: 260.

24- الجاثية: 21.

25- النساء: 40.

26- الأنبياء: 47.

27- الكهف: 49.

28- يس: 32.

29- الحج: 69.

30- ق: 21.

31- النور: 24.

32- فصلت: 21.

33- النبأ: 47.

34- الأعراف، الآيتان: 8 9.

35- ج‏3، ص‏61، الكافي، ج‏1، ص‏419.

36- مفاتيح الجنان الزيارة المطلقة.

37- علل الشرائع، ج‏1، ص‏162.

38- ص: 53.

39- آل عمران: 199.

40- الأنعام: 92.