للمطالعة (معرفة الله)

شرح الأسماء الحسنى الملا هادي السبزواري، ج‏1، ص‏22:

وروى الصدوق في كتاب التوحيد عن مولانا أبي الحسن الرضا (ع) أنه بعث إليه المأمون فأتاه فقال بنو هاشم يا أبا الحسن اصعد المنبر فانصب لنا علماً نعبد اللَّه عليه، فصعد صلوات اللَّه عليه وقعد ملياً لا يتكلم مطرقاً ثم انتفض انتفاضة واستوى قائماً وحمد اللَّه وأثنى عليه وصلى على نبيه وأهل بيته ثم قال أول عبادة اللَّه معرفته وأصل معرفته توحيده ونظام توحيده نفي الصفات عنه بشهادة العقول إن كل صفة وموصوف مخلوق، وشهادة كل مخلوق إن له خالقاً ليس بصفة ولا موصوف، وشهادة كل صفة وموصوف بالاقتران وشهادة الاقتران بالحدث وشهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من الحدث فليس اللَّه من عرف بالتشبيه ذاته ولا إياه وحّد من اكتنهه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه، ولا صمد صمده من أشار إليه، ولا إياه عنى من شبهه، ولا له تذلل من بعّضه، ولا إياه أراد من توهمه، كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول بصنع اللَّه يستدل عليه، وبالعقول يعتقد معرفته، وبالفطرة تثبت حجته خلقة اللَّه الخلق حجاب بينه وبينهم، ومباينته إياهم مفارقته اينيتهم، وابتداؤه إياهم دليل على أن لا ابتداء له لعجز كل مبتدء عن ابتداء غيره، وأدوه إياهم دليلهم على أن لا أداة فيه لشهادة الأدوات بفاقة المؤدين، فأسماؤه تعبير وأفعاله تفهيم وذاته حقيقة وكنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره تحديد لما سواه. فقد جهل اللَّه من استوصفه، وقد تعداه من اشتمله، وقد أخطأ من اكتنهه، ومن قال كيف فقد شبهه، ومن قال

لِمَ فقد علله، ومن قال متى فقد وقته، ومن قال فيمَ فقد ضمّنه، ومن قال إلى مَ فقد نهاه، ومن قال حتى فقد غياه، ومن غياه فقد غاياه ومن غاياه فقد جزاه، ومن جزاه فقد وصفه، ومن وصفه فقد ألحد فيه. لا يتغير اللَّه بانغيار المخلوق كما لا يتحدد بتحديد المحدود، أحد لا بتأويل عدد، ظاهر لا بتأويل المباشر، متجلٍ لا بإستهلال رؤية، باطن لا بمزايلة، مباين لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف لا بتجسم، موجود لا بعد عدم، فاعل لا باضطرار، مقدر لا بجول فكرة مدبر لا بحركة، مريد لا بهمامة، شاء لا بهمة، مدرك لا بمحسة سميع لا بالة، بصير لا بأداة، لا تصحبه الأوقات ولا تضمنه الأماكن ولا تأخذه السِنات ولا تحده الصفات ولا تقيده الأدوات سبق الأوقات كونه والعدم وجوده والابتداء أزله.