المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي اختص بالأزليّة والقدم وعمر الخلائق بالنّعم، وشمل الكائنات باللطف الجميل والكرم، بعد أن أبرز نور المكونات من ظلمة العدم وجعل شريعة محمّد (ص) بين الشرائع كنار على علم، وفضّله على جميع من تأخر من الأنبياء أو تقدّم، وأكمل دينه بخلافة ابن عمّه سيّد العرب والعجم وأولاده القائمين في الإمامة على أرسخ قدم، صلى الله عليه وآله ما غسق ليل وأظلم، وما انفجر صبح من الظلام وضحك أو تبسّم..

الحمد لله ربّ العالمين الذي أسبغ نعمه ظاهرة وباطنة على عباده المؤمنين، ووفق ما اختاره من بريّته للتفقّه في الدين، وجعل الصلاة معراجاً لمن يؤمن به ليعرج بها من مدارج الكمال والسعادة، وقرباناً لمن يتّقيه فيتقرّب بها إلى معدن الجمال والعظمة، وميزاناً يوزن به المخلصون من عباده وأوليائه، وعموداً للدين يعتمد عليه من سافر إلى رحمة رضوانه...

الحمد لله الذي جعل القرآن نوراً لا تطفأ مصابيحه، وسراجاً لا يخبو توقّده وبحراً لا يدرك قعره، ومنهاجاً لا يضلّ نهجه، وشعاعاً لا يظلم ضوؤه... وعّزاً لا تهزم أنصاره، وحقّاً لا تخذل أعوانه... الحمد لله الذي جعله ريّاً لعطش العلماء وربيعاً لقلوب الفقهاء، ومحاجّ لطرق الصلحاء، ودواء ليس بعده داء، ونوراً ليس معه ظلمة.. وبعد..

فقد وجدت جمعية المعارف الإسلامية أنّ كتابها "تجويد القرآن" وضع للمتخصّصين والعارفين والدارسين لعلم التجويد، وهو صعب المنال والفهم لمبتدئي القرآن، لذا كان هذا الكتاب "كيف تقرأ القرآن" يسير الفهم، سلس الأسلوب، ومقدّماً بطريقة سهلة ومبسطة، مركّزاً على الرسم القرآنيّ كونه هناك صعوبة حقيقية أمام المبتدئين في القراءة،لأنّ النصّ القرآنيّ مكتوب بطريقة فريدة، عُدت وقْفاً لا يجوز تغييره، وهو يخالف الكتابة الإملائيّة الحديثة في كثير من الكلمات، فقد يستطيع المتعلّم أنّ يقرأ نصّاً عربيّاً مكتوباً بالطريقة الإملائّية المعروفة، ولكنّه يتتعتع في قراءة النصّ القرآنيّ.

وبناءً لما تقدّم جاءت المادّة تتحدث في بدايتها عن أهميّة القرآن الكريم وفضل تلاوته وآدابه، كمقدّمة لا بدّ منها للانطلاق إلى التعرف على مخارج الحروف العامّة، والصفات الأساسيّة، وهي عادة ما يقع المبتدئ بالخطأ فيها، ثم تحدّثنا عن أحكام "ال" التعريف، ولفظ الجلالة، وأحكام همزتيّ القطع والوصل، إلى أنّ وصلنا إلى ذكر العديد من الكلمات، وطريقة كتابتها بالرسم القرآنيّ. إلى جانب اصطلاحات الضبط وعلامات الوقف والإبتداء...

وأخيراً نسأل الله أنّ يكون ما قدّمناه بين يديّ القراء الكرام، مادةّ تتيح لهم النظر إلى القرآن الكريم، وقراءة آياته والتبحّر في معانيه، ويجعل ثواب ذلك في ميزان أعمالنا ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ*إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾(1)، وأن يرضى عنّا مولانا صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.

جمعية المعارف الاسلامية الثقافية


1- الشعراء،88-89.