الدرس الثامن: الإنفاق في سبيل الله

يقول الله تعالى في محكم كتابه:

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾(1). 

الشخصيَّة الإيمانيَّة

إنّ الشخصية الإيمانية الّتي تستحقّ أن يُطلق عليها عنوان المؤمن الصادق لها مقوّمات لا تكتمل إلا بها مجتمعة مكتملة، ومع نقصان بعضها ينتقص بمقداره من صدق تلك الشخصية ومن صدق الإيمان.

وهذه المقوّمات أربعة:"الحكمة، والشجاعة، والعفّة، والعدالة".

وقد أشارت الآية الكريمة إليها:

فالإيمان بالله ورسوله وعدم الارتياب تعبير عن اليقين، واليقين إنّما هو من قوّة العقل ومنتهى الحكمة.

والجهاد بالمال هو السخاء وهو مصداق أبرز من مصاديق ضبط قوّة الشهوة وإخضاعها إلى حكم العقل والشرع وهو العفّة.

والجهاد بالنفس هو الشجاعة وهو ضبط قوّة الغضب تحت سلطان العقل والشرع.

وبنفس الجهاد بالمال والنفس فعلاً في الخارج تكون قد تحقّقت قوّة العدالة الّتي هي القوّة الرابعة والمقوّم الرابع، فإذا كانت الحكمة هي إشارة العقل الّتي قد ينصاع إليها الإنسان وقد يُخالفها، فإنّ العدالة هي تلك القوّة الّتي تدفع الإنسان نحو الجري العمليّ والتطبيق الفعليّ الخارجيّ لما أشارت إليه الحكمة نظرياً.

الإنفاق في سبيل الله من مقوّمات الشخصيّة الإيمانيّة

فظهر أنّ من مقوّمات الشخصية المؤمنة الصادقة الجهاد بالمال أي الإنفاق في سبيل الله والسخاء، فإذاً، لا بُدّ أن نعلم أنّه لا يكون المؤمن الحقيقيّ بخيلاً، حتّى وإن اكتملت فيه خصال محدّدة.

والآية الكريمة فيها كلمة "إنّما" الّتي تفيد الحصر، وتعني حصر الإيمان الصادق بمن يمتلك في شخصيته تلك الخصال المذكورة.

قال العلامة الطباطبائيّ في الميزان: ".. فيه قصر المؤمنين في الّذين آمنوا بالله ورسوله..الخ، فتفيد تعريفهم بما ذكر من الأوصاف تعريفاً جامعاً مانعاً فمن اتّصف بها مؤمن حقّاً، كما أنّ من فقد شيئاً منها ليس بمؤمن حقّاً"(2).

وكذلك شهادة الآية في آخرها بأنّهم هم الصادقون، تعني أنّه يوجد في المؤمنين من هو صادق الإيمان ومن هو ليس بصادق، فمن افتقد صفة من الصفات الأربعة، ومنها الجهاد بالمال فإنّه يكون مندرجاً في الصنف الآخر من المؤمنين غير الصادقين في إيمانهم.

فعلى أيّ حال يجب أن يتنبّه المؤمن لهذا الأمر جيّداً ويُدخل في حساباته الإيمانية مسألة الإنفاق والبذل في سبيل الله تعالى، تماماً كما يأخذ في حسبانه إذا أراد أن يترقّى ويتقرّب من خالقه صلاة الليل، أو الحجّ، أو العمرة، أو زيارة الأئمّة عليهم السلام...

فكذلك إذا لم يكن معوّداً نفسه على الإنفاق والبذل فليفعل وليبدأ بتدريب نفسه على هذا الركن المهمّ من أركان الإيمان.

يقول العلامة الطباطبائيّ: "إذا قام السالك بتطهير يده ولسانه وسائر أعضائه وجوارحه، وأدّبها بتمام معنى الكلمة بالأدب الإلهيّ، ولكنّه لم يجاهد نفسه في مقام الإنفاق وبذل الأموال، فلن يكتمل سلوكه الإيمانيّ بل يسير إلى النقص، ويكون ذلك النقص مانعاً من الارتقاء إلى المقام الأعلى..."(3).

فنحن نعرف أنّ الإيمان درجات، وهناك إيمان مكتمل وإيمان ناقص، فالذي لا يكون سخيّاً بماله يكون في درجة متدنيّة غير مكتملة من الإيمان. وقد ورد عن النبيّ (ص): "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنكم خلقاً"(4). فهذا الكلام النورانيّ من الرسول الأكرم (ص) يوضّح أنّ الإيمان منه مكتمل ومنه منتقص، وهو على درجات، وكلّما كان خلق المؤمن أحسن كان إيمانه أكمل.

وعن عبد العزيز القراطيسيّ قال: "قال لي أبو عبد الله (ع): يا عبد العزيز إنّ الإيمان عشر درجات بمنزلة السلّم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولنّ صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست على شيء حتّى ينتهي إلى العاشرة، فلا تُسقط من هو دونك فيُسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق، ولا تحملنّ عليه ما لا يطيق فتكسره، فإنّ من كسر مؤمناً فعليه جبره"(5).

فإذاً، الّذي لا يكون باذلاً لماله في سبيل الله لا يكون في درجة مرتفعة من درجات الإيمان عند خالقه عزّ وجلّ.

لا يكون المؤمن شحيحاً

نعم، قد وردت بعض الروايات بلسان أنّه لا يكون المؤمن شحيحاً، فعن الإمام الباقر(ع): "لا يؤمن رجل فيه الشحّ والحسد والجبن، ولا يكون المؤمن جباناً ولا حريصاً ولا شحيحاً"(6).

-وفي رواية عن أمير المؤمنين (ع): "ثلاث لا تكون في مؤمن: لا يكون جباناً، ولا حريصاً، ولا شحيحاً"(7).

وقد يكون المقصود من هذه الروايات الّتي تنفي الإيمان عن الشحيح الّذي هو البخيل، أنّ الشحّ بالفعل يُخرج الإنسان عن الإيمان من خلال إدخاله في المخالفات الشرعية المتعدّدة ويجعله فاسقاً أو جاحداً، فمثلاً:

قد يمنع حقّ الله في ماله الواجب عليه.

وقد يكون واجباً عليه صلة رحمه بالمال فلا يفعل.

وقد يمنع نفقة الوالدين والأهل من زوجة وأولاد وهي واجبة.

أو قد يترك الحجّ مع الاستطاعة...الخ

لذلك نجد أمير المؤمنين (ع) يُنكر على من جعل حال الظالم أسوأ من حال البخيل، فعن الإمام جعفر الصادق(ع) أنّ أمير المؤمنين (ع) سمع رجلاً يقول: إنّ الشحيح أعذر من الظالم.

فقال له(ع): "كذبت، إنّ الظالم قد يتوب ويستغفر ويردّ الظلامة على أهلها، والشحيح إذا شحّ منع الزكاة، والصدقة، وصلة الرحم، وقرى الضيف، والنفقة في سبيل الله، وأبواب البرّ، وحرام على الجنّة أن يدخلها شحيح"(8).

البخل قد يُسبّب عاقبة السوء

فهذا الإنسان وإن كان مسلماً في الظاهر إلا أنّه ارتكب ببخله العديد من الكبائر الّتي تجعله في خطر شديد من خروج سكينة الإيمان من قلبه ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون﴾(9).

وقد يقوده بخله إلى خاتمة النفاق والسوء كما حدث لثعلبة بن حاطب، ولقارون... وغيرهما الكثيرين ممّن أهلكه الشحّ وأطفأ شعلة إيمانه البخل.

وبالتالي وإن كان مؤمناً بالظاهر إلا أنّ الإيمان القلبّي يُسلب منه لشحّه بالمال وعدم امتثاله للتكليف الإلهيّ بالبذل.

نستجير بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا.

فقد ورد أنّ ثعلبة كان فقيراً فعاهد الله لئن آتاني من فضله لأصّدقنّ ولأكوننّ من الصالحين، فأعطاه الله مالاً كثيراً ببركة دعاء النبيّ (ص)، إلا أنّه بخل وشحّ وتولّى، ولم يؤدّ ما فُرض عليه من زكاة في ماله، واعترض على حكم الزكاة بأنّه مثل العُشر الّذي كان يؤخَذ كضريبة بغير حقّ، ﴿وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُون﴾(10).

فإلامَ أدّى به شحّه؟

إلى النفاق وخاتمة السوء ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُون﴾َ(11).

كيف نتخلّص من البخل؟

يقول الله تعالى: ﴿وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ﴾(12).

"الشحُّ" مرض وبيل ابتليت به النفوس البشرية لا بُدّ من التخلّص منه والقضاء عليه، وعند إتمام المهمة، فالوسام من ربّ العالمين - عزّ شأنه وجلّ ثناؤه - الفلاح الإلهيّ ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾َ(13).

فأنت عند الله ساعتئذٍ من المفلحين.

فليس الشاهد لك عبداً مثلك يُخطئ ويُصيب، بل الشهادة من الخالق تبارك وتعالى.

والقضاء على البخل يكون باكتساب صفة الكرم. وحبُّ البذل إنّما يكون من خلال معاودة الإنفاق مرّة بعد أخرى فتسكن النفس بعد ذلك ويذهب عنها خوف الفقر، وتطرد تسويلات الشيطان من داخلها، فإنّ الشيطان يخوِّف الناس بالفقر:﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْر﴾َ(14) كما يقول تعالى، وخاصة بعد أن يلمس أنّ ما يُنفقه يخلف الله عليه مثله، ولعلّه مضاعَفاً في الدنيا قبل الآخرة: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾(15).

ومن أيقن الخلف جادت يده بالعطيّة

وأيضاً من الأمور المهمّة الّتي تجعل الإنسان محبّاً للبذل ومبتعداً عن البخل، الإصغاء بالقلب لأخبار الشريعة المقدّسة، ليعلم من خلالها كم هي راقية مرتبة الإنسان السخيّ سواء في الدنيا أم الآخرة، وبالمقابل كم هو مبغوض بعيد عن الله تعالى ومذموم في الدنيا والآخرة الإنسان البخيل الشحيح، وإليك غيضاً من فيض هذه الروايات المقدّسة.

أخبار مدح السخاء والبذل وذمّ البخل

وقد وردت الأخبار الكثيرة في مدح السخاء وذمّ البخل:

-عن النبيّ (ص) أنّه قال: "السخاء شجرة في الجنّة، أغصانها في الدنيا، من تعلّق بغصن من أغصانها قادته إلى الجنّة. والبخل شجرة في النار، أغصانها في الدنيا، فمن تعلّق بغصن من أغصانها قادته إلى النار"(16).

-وقال الإمام عليّ (ع): "الجنّة دار الاسخياء"، وقال: "السخيّ قريب من الله وقريب من الجنّة وقريب من الناس بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنّة بعيد من الناس قريب من النار"(17).

-وعن الإمام أبي الحسن موسى (ع):"السخيّ الحسن الخلق في كنف الله لا يتخلّى منه حتّى يدخله الجنّة، وما بعث الله عزّ وجلّ نبيّاً ولا وصيّاً إلا سخيّاً، وما كان أحد من الصالحين إلا سخيّاً، وما زال أبي يوصيني بالسخاء حتّى مضى"(18).

-وعنه (ع) قال: "أتى رجل النبيَّ (ص) فقال: يا رسول الله (ص) أيّ الناس أفضلهم إيمانا؟ً فقال: أبسطهم كفّاً"(19).

-وعنه (ع) قال لبعض جلسائه: "ألا أخبرك بشيء يُقرّب من الله ويُقرّب من الجنّة ويُباعد من النار؟" فقال: بلى، فقال:

"عليك بالسخاء فإنّ الله خلق خلقاً برحمته لرحمته فجعلهم للمعروف أهلاً، وللخير موضعاً وللناس وجهاً يسعى إليهم، لكي يحيوهم كما يُحيي المطر الأرض المجدبة، أولئك هم المؤمنون الآمنون يوم القيامة"(20).

- وعن عليّ بن إبراهيم رفعه قال: أوحى الله تعالى إلى موسى (ع): "لا تقتل السامريّ فإنّه سخيّ".

- وعن جميل بن درّاج عنه (ع): "خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الإيمان البرّ بالإخوان والسعي في حوائجهم، وإنّ البار بالإخوان ليحبّه الرحمن، وفي ذلك مرغمة للشيطان، وتزحزح عن النيران ودخول الجنان، يا جميل أخبر بهذا غرر أصحابك قلت: جعلت فداك من غرر أصحابي؟ قال: البارّون بالإخوان في العسر واليسر"(21).

- وعن النبيّ (ص): "ثلاثة يستغفر لهم السماوات والأرض، والملائكة، والليل والنهار: العلماء والمتعلِّمون والأسخياء.

وثلاثة لا تُردّ دعوتهم: المريض، والتائب، والسخيّ.

وثلاثة لا تمسّهم النار: المرأة المطيعة لزوجها، والولد البارّ لوالديه، والسخي يحسن خلقه"(22).

قصص في السخاء

1-مع الراعي الّذي أضافه

خرج الحسن (ع) إلى سفر فأضلّ طريقه ليلاً، فمرّ براعي غنم فنزل عنده فألطفه وبات عنده، فلمّا أصبح دلّه على الطريق، فقال له الحسن (ع): "إنّى ماضٍ إلى ضيعتي ثمّ أعود إلى المدينة" ووقّت له وقتاً وقال له: "تأتيني به".

فلمّا جاء الوقت شُغل الحسن (ع) بشيء من أموره عند قدوم المدينة، فجاء الراعي وكان عبداً لرجل من أهل المدينة فصار إلى الحسين (ع) وهو يظنّه الحسن (ع)، فقال: أنا العبد الّذي بتّ عندي ليلة كذا، ووعدتني أن أصير إليك في هذا الوقت، وأراه علامات.

عرف الحسين (ع) أنّه الحسن، فقال الحسين (ع) له: "لمن أنت يا غلام"؟

فقال: لفلان.

فقال (ع): "كم غنمك"؟

قال: ثلاثمائة، فأرسل إلى الرجل فرغّبه حتّى باعه الغنم والعبد فأعتقه، ووهب له الغنم مكافأة لما صنع مع أخيه، وقال (ع): "إنّ الّذي بات عندك أخي وقد كافأتك بفعلك معه"(23).

2-الحسين (ع) مع الأعرابيّ

عن الحسن البصريّ: إنّ الحسين (ع) ذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستانه، وكان في ذلك البستان غلام للحسين (ع) اسمه صافي، فلمّا قرب من البستان رأى الغلام قاعداً يأكل الخبز، فجلس الحسين (ع) عند بعض النخل بحيث لا يراه الغلام، فنظر إليه الحسين (ع) وهو يرفع الرغيف فيرمي نصفه إلى الكلب ويأكل نصفه، فتعجّب الحسين (ع) من فعل الغلام، فلمّا فرغ من الأكل قال: الحمد لله ربّ العالمين، اللهم اغفر لي واغفر لسيّدي كما باركت لأبويه برحمتك يا أرحم الراحمين.

فقام الحسين (ع) وقال: "يا صافي"، فقام الغلام فزعاً وقال: يا سيّدي وسيّد المؤمنين إلى يوم القيامة، إنّي ما رأيتك فاعف عنّي.

فقال الحسين (ع): "اجعلني في حلٍّ يا صافي، لأنّي دخلت بستانك بغير إذنك"

فقال صافي: بفضلك يا سيّدي وكرمك وسؤددك تقول هذا.

فقال الحسين (ع): "إنّي رأيتك ترمي نصف الرغيف إلى الكلب تأكل نصفه، فما معنى ذلك"؟

فقال الغلام: إنّ هذا الكلب نظر إليّ وأنا آكل فاستحييت منه، وهو كلبك يحرس بستانك وأنا عبدك نأكل رزقك معاً، فبكى الحسين (ع) وقال: "إن كان كذلك فأنت عتيق لله تعالى ووهبت لك ألفي دينار".

فقال الغلام: إن أعتقتني فأنا أُريد القيام ببستانك.

فقال الحسين (ع): "إنّ الكريم ينبغي له أن يصدق قوله بالفعل، أوَ ما قلت لك اجعلني في حلٍّ فقد دخلت بستانك بغير إذنك، فصدقت قولي ووهبت البستان وما فيه لك، فاجعل أصحابي الّذين جاؤوا معي أضيافاً وأكرمهم من أجلي أكرمك

الله تعالى يوم القيامة وبارك لك في حسن خلقك وأدبك".

فقال الغلام: إن وهبتني بستانك فإنّي قد سبّلته لأصحابك وشيعتك(24).

3-سخاء أبي ذرّ رضي الله عنه

أضاف أبو ذرّ الغفاريّ ضيفاً، فقال للضيف: إنّي مشغول، وإنّ لي إبلاً، فاخرج وأتني بخيرها. فذهب فجاء بناقة مهزولة، فقال له أبو ذرّ: خنتني بهذه.

فقال: وجدت خير الإبل فحلها، فذكرت يوم حاجتكم إليه.

فقال أبو ذرّ: إنّ يوم حاجتي إليه ليوم أوضع في حفرتي مع أنّ الله يقول:﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾(25) وقال أبو ذرّ: في المال ثلاثة شركاء: القدر لا يستأمرك أن يذهب بخيرها أو شرّها من هلك أو موت، والوارث ينتظرك أن تضع رأسك، ثمّ يستاقها، وأنت ذميم، وأنت الثالث: فإن استطعت أن لا تكون أعجز الثلاثة فلا تكن، إن الله يقول:﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ وإنّ هذا الجمل كان مما أحبّ من مالي، فأحببت أن أقدّمه لنفسي(26).


1- سورة الحجرات، الآية: 15.

2- تفسيرالميزان، العلامة الطباطبائي، ج 18، ص 329.

3- رسالة لبّ اللباب، السيّد الطهراني، ص 90.

4- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 12، ص 156.

5- م.ن، ج 61، ص 162.

6- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 75، ص 301.

7- عيون الحكم والمواعظ، الواسطي، ص 213.

8- الكافي، الشيخ الكليني، ج 4، ص 44.

9- سورة الروم، الآية: 10.

10- سورة التوبة، الآيتان: 75ـ 76.

11- سورة التوبة: الآية: 77.

12- سورة النساء، الآية: 128.

13- سورة الحشر، الآية: 9.

14- سورة البقرة، الآية: 268.

15- سورة سبأ، الآية: 39.

16- زبدة البيان، المحقق الأردبيلي، ص 324.

17- م. ن.

18- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 21، ص 544.

19- الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج 4، ص 40.

20- زبدة البيان، المحقق الأردبيلي، ص 325.

21- م. ن، ص 326.

22- جامع أحاديث الشيعة، السيّد البروجردي، ج 16، ص 184.

23- مقتل الحسين (ع)، الخوارزمي، ج1، ص 153.

24- كلمات الإمام الحسين (ع)، الشيخ الشريفي، ص 625.

25- سورة آل عمران، الآية: 92.

26- تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي، ج 2، ص 343.