للمطالعة (الفرق بين القصص القرآني وغيره)

يختلف القصص القرآني عن غيره من القصص في ناحية أساسية هي ناحية الهدف والغرض الذي جاء من أجله، ذلك أن القرآن الكريم لم يتناول القصة لأنها عمل ( فني) مستقل في موضوعه وطريقة التعبير فيه، كما أنه لم يأت بالقصة من أجل التحدث عن أخبار الماضين وتسجيل حياتهم وشؤونها كما يفعل المؤرخون وإنما كان عرض القصة في القرآن الكريم مساهمة في الأساليب العديدة التي سلكها لتحقيق أهدافه وأغراضه الدينية التي جاء الكتاب الكريم من أجلها، بل يمكن أن نقول: إن القصة هي من أهم هذه الأساليب. فالقرآن الكريم كما عرفنا في وقت سابق عند الحديث عن الهدف من نزول القرآن رسالة دينية قبل كل شيء تهدف بصورة أساسية إلى عملية التغيير الاجتماعي بجوانبها المختلفة، هذه العملية التي وجدنا بعض مظاهرها وآثارها في طريقة نزول القرآن التدريجي وفي طريقة عرض المفاهيم المختلفة، وفي ربط نزول القرآن بالأحداث والوقائع والأسئلة، وفي أسلوب القرآن في القصر والإيجاز، أو المزج بين الصور والمشاهد المتعددة، الأمر الذي أدى إلى نشوء كثير من الدراسات القرآنية، عرفنا منها الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والمكي والمدني وغيرها. لذا فلا بد لنا - حين نريد أن ندرس القصة القرآنية - أن نضع أمامنا هذا الهدف القرآني العام لنتعرف من خلاله على الأسلوب الذي اتبعه القرآن الكريم في عرضه القصة القرآنية مساهمة منه في تحقيق هذا الهدف.

علوم القرآن، محمد باقر الحكيم، ص 354.