للمطالعة (قصد المسجد للمال؟!)

قدم المدينة أعرابي من البادية وذهب إلى المسجد كي يظفر بمال من النبي (ص) فرأى النبي (ص) جالساً بين أصحابه، فدنا منه وأظهر حاجته طالباً منه أن يساعده، فأعطاه النبي (ص) شيئاً إلا أن الأعرابي لم يقنع وعدّ ما أعطي قليلاً وتفوّه على النبي (ص) بالخشن البذي‏ء من الكلام مما أثار نار الغضب لدى أصحابه، فقاموا للأعرابي يطرحونه أرضاً فحال النبي (ص) بينهم وبينه، ثم خرج مصطحباً الأعرابي إلى بيته فزاده شيئاً، فأظهر الرضا والامتنان قائلاً بعد اعتذاره: جزاك اللَّه من أهل وعشيرة خيراً، فقال له النبي (ص): "إنك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي من ذلك شي‏ء وأنا أخشى أن يصيبك منهم أذى، فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك"، فلما كان الغد ذهب الأعرابي مجدداً إلى المسجد، وكرّر شكره واعتذاره من النبي (ص) أمام أصحابه.

وهنا التفت النبي (ص) إلى أصحابه ليلقنهم الدرس الذي عاشوه عن حس قائلاً: "مثلي ومثل هذا مثل رجل له ناقة شردت منه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفوراً فناداهم صاحبها: خلوا بيني وبين ناقتي فأنا أرفق منكم بها واعلم، فتوجه لها بين يديها فأخذها من قمام الأرض فردّها حتى جاءت واستناخت وشد عليها رحلها ثم استوى عليها، وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار"(1).


1- كحل البصر، ص70.