للمطالعة (لو كان عبداً لاستحى من الله!)

بِشْر الحافي اسم عرفته بغداد بالسكر والغناء وملاحقة الأعراض أزعج الناس وأتعبهم إلى أن شكوه إلى الإمام الكاظم (ع) فقرّر الوقوف على حقيقة الأمر بنفسه وقبل أن يصل الإمام (ع) إلى داره انفتح الباب فخرجت جارية حسناء، بيدها طبق ملي‏ء ببقية الفواكه التي توضع عادة على مائدة الخمر تريد رميها في الخارج فسألها الإمام قائلاً: "لِمن الدار".

قالت: الدار لسيدي، قال الإمام: "سيدكِ حر أم عبد"؟ قالت: لا.. بل حر!

قال (ع): "صدقتِ لو كان عبداً للَّه لاستحى من اللَّه".

فنزلت الكلمة كالصاعقة على قلب الفتاة فعادت داخل الدار ترتجف فسألها بشر: ما بالكِ ترتعدين هكذا؟ فقالت: إن رجلاً عليه سمة الإيمان والصلاح قال لي: كذا وكذا.. ولما وصفته عرف بشر أنه الإمام الكاظم (ع) فخرج من داره مسرعاً في أثر الإمام حتى أدركه وسط الطريق وتعلق بأذياله قائلاً: سيدي كيف تقول أنني لست عبداً للَّه؟ أجابه الإمام في هدوء وحزم: "لو كنت عبداً للَّه لخفت اللَّه، ولكنك لم تعبد اللَّه وإنما عبدت شهواتك وأهوائك".

إن العبودية للَّه هي أن تخشى اللَّه وتتوب إليه ولا تلطّخ نفسك بالمعاصي وفعلت هذه الكلمات فعلتها في قلب بشر فتساقط على قدمي الإمام يقبلها ويمرغ وجهه بالتراب والدموع تجري من عينيه وهو يقول: أنا تائب، أنا تائب، سيدي هل ترى لي من توبة؟!

قال (ع): "أجل إن تبت تاب اللَّه عليك". وبالفعل تحوّل بشر إلى أكبر عابد وأعمق زاهد في بغداد لا تخلو منه المساجد وصار ينادى بين الناس بالشيخ بشّار.