الدرس الثالث: كيف أتبع أهل البيت عليهم السلام؟

﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾(1).

أ- في كنف الآية:

تبيّن لنا الاية أن النبي (ص) لا يريد أجراً ولا جزاءً على ابلاغ الرسالة إلا مودة أهل بيته عليهم السلام، ومودتهم ترتبط بقضية الولاية وقبول قيادتهم عليهم السلام حيث تعتبر في الحقيقة استمراراً لقيادة النبي (ص) واستمراراً للولاية الإلهية، ومن الواضح أن قبول هذه الولاية والقيادة كقبول نبوة النبي (ص) ستكون سبباً لسعادة البشرية نفسها وستعود نتائجها إليها وهي التي تعبّد الطريق للوصول إلى الخالق، وكون المودة المطلوبة بمستوى الرسالة دليل على وجوب الطاعة، وعلى هذا الأساس إن الاية تعني استمرار الرسالة بعد النبي (ص) بواسطة الأئمة عليهم السلام الذي هم جميعاً قرابته ومن عائلته، ولأن المودة أساس هذا الارتباط أشارت لها الاية بصراحة.

والذي نبحثه في هذا الدرس كيف نتمسك بخط أهل البيت عليهم السلام ونتبعهم اتباعاً حقيقياً صادقاً، ونكتب من الدعاة لهم والسائرين على نهجهم والمسلّمين لأمرهم. هذا ما نجيب عنه عبر تعداد الوظائف والواجبات التي توصلنا إلى المقصود. مع معرفتنا لما ورد في الحديث: "رضا اللَّه رضانا أهل البيت".

ب-هكذا أتبعهم:

أولاً: معرفة الأئمة عليهم السلام

أعرفهم لا بأسمائهم وأنسابهم فقط وزمان الولادة ومكان الشهادة، بل بمعرفة مقاماتهم ومراتبهم التي رتبهم اللَّه فيها وسيرتهم لنقتدي بهم يقول الصادق (ع): "وأدنى معرفة الإمام أنه عدل النبي (ص) (إلا درجة النبوة) ووارثه وإن طاعته طاعة اللَّه وطاعة رسول اللَّه (ص) والتسليم له في كل أمر والرد إليه والأخذ بقوله"(2) وأما مع عدم معرفتهم كذلك، ينتفي الإيمان في الحديث: "لا يكون العبد مؤمناً حتى يعرف اللَّه ورسوله والأئمة كلهم وأمام زمانه ويردّ إليه ويسلّم له"(3).

ثانياً: الثبات على الولاية

ورد عن الباقر (ع): "يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان، إن أدنى ما يكون لهم من الثواب أن ينادي بهم الباري جل جلاله فيقول: عبيدي وإمائي امنتم بسري وصدّقتم بغيبي فأبشروا بحسن الثواب مني، أي عبيدي وإمائي حقاً منكم أتقبل وعنكم أعفو ولكم أغفر وبكم أسقي عبادي الغيث وأدفع عنهم البلاء لولاكم لأنزلت عليهم عذابي"(4).

ثالثاً: الالتزام بالأحكام الشرعية

فيما جاء عن الصادق (ع): "شيعتنا أهل الورع والاجتهاد وأهل الوفاء والأمانة وأهل الزهد والعبادة، أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة، القائمون بالليل، الصائمون بالنهار، يزكون أموالهم ويحجون البيت ويجتنبون كل محرم"(5).

رابعاً: البراءة من أعدائهم عليهم السلام

ورد عن رسول اللَّه (ص): "يا علي والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية، لو أن عبداً عبد اللَّه ألف عام ما قبل ذلك منه إلا بولايتك وولاية الأئمة من ولدك وإن ولايتك لا تقبل إلا بالبراءة من أعدائك وأعداء الأئمة من ولدك بذلك أخبرني جبرئيل فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"(6).

خامساً: ذكر فضائلهم

وهو من الأمور التي ينبغي أن لا يتوانى الواحد منّا عن القيام بها في أي مجتمع كان سواء بين أقاربه وجيرانه أو في الجامعة أو المدرسة أو في مكان العمل أو في السيارة، وذكر فضلهم مما يبعد الشيطان عن الإنسان يقول مولانا الكاظم (ع): "وإن المؤمنين يلتقيان فيذكران اللَّه ثم يذكران فضلنا أهل البيت فلا يبقى على وجه إبليس مضغة لحم إلا تخدّد حتى أن روحه تستغيث من شدة ما يجد من الألم"(7).

سادساً: طلب العلم

إن طلب العلم من الأمور اللازمة على أتباع أهل البيت عليهم السلام في كل زمان ومكان والتعلم أمر لا بد منه في موالاتهم والسير في ركبهم فقد ورد عنهم (ع): "يغدو الناس على ثلاثة أصناف عالم ومتعلم وغثاء فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غُثاء"(8) والعمل بدون علم سبب للإفساد والضياع فعن الصادق (ع): "من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح"(9).

وهم صلوات اللَّه عليهم معادن العلم وأصول الحكم يقول الباقر (ع): "شرّقاً وغرّباً لن تجدا علماً صحيحاً إلا شيئاً يخرج من عندنا أهل البيت"(10).

سابعاً: قبول أحاديثهم عليهم السلام

إن الأحاديث التي يرويها الثقات عن أهل البيت عليهم السلام هي حجج شرعية لا يجوز رفضها وردّها ومن يردّها فإنما يردّ عليهم (ع) والراد عليهم رادٌّ على اللَّه تعالى ومن وصايا مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف عدم التشكيك بهذه الأحاديث فضلاً عن عدم الردّ، جاء في توقيعه: "لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يؤديه عنا ثقاتنا"(11).

ثامناً: طاعة الولي الفقيه

وهي من الأمور الثابتة والمهم فيها هو الاجتماع تحت رايته حيث أرادنا أهل البيت عليهم السلام مجتمعين غير متفرقين متحابين متباذلين كأفضل ما يكون عليه الأخوان في اللَّه تعالى، ملتزمين بأوامر الولي الفقيه. مسلّمين له ليأخذ بأيدينا في غيبة مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف كي لا تتفرق بنا السبل، فمن ردّ عليه ردّ عليهم (ع) وحينئذٍ كيف يكون تابعاً لهم؟! ومن تمرّد على من أوجبوا طاعته والتسليم لأمره ونهيه كيف يرضون عنه؟! ويعتبر عامل التوحد والاجتماع على طاعة الولي الفقيه من أهم الأسباب والشروط لظهور إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف كما صرّح بذلك قائلاً: "لو أن أشياعنا وفقهم اللَّه بطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة"(12).

هذه جملة من الأمور التي علينا مراعاتها والالتزام بها حين نريد اتباع أهل البيت عليهم السلام اتباعاً حقيقياً يرضيهم عنّا ويجعلنا من المتمسكين بولايتهم وهناك أمور أخرى تتفرع مما ذكرناه تأتي فيما بعد إن شاء اللَّه تعالى.

من فقه الإسلام

س: هل التارك لتعليم المسائل الشرعية التي يبتلى بها عاصي؟

ج: لو أدى عدم تعلمه المسائل الشرعية إلى ترك واجب أو فعل حرام كان عاصياً.

س: هل يجوز تقليد الميت ابتداءً؟

ج: لا يترك الاحتياط في تقليد المجتهد الحي الأعلم في التقليد الابتدائي.

س: هل تصح الوكالة في اختيار المرجع؟ كتوكيل الابن للأب والتلميذ لمعلمه؟

ج: إذا كان المراد من الوكالة تفويض الفحص عن المجتهد الجامع للشرائط إلى الأب، أو المعلم، أو المربي أو غيرهم فلا أشكال فيه نعم نظر هؤلاء في هذا الموضوع يكون حجة ومعتبراً شرعاً إذا أفاد العلم أو الاطمئنان أو كان واجداً لشرائط البينة والشهادة.

س: هل يعتبر من لا يعتقد بولاية الفقيه مسلماً حقيقياً؟

ج: عدم الاعتقاد اجتهاداً أو تقليداً بولاية الفقيه المطلقة في زمن غيبة الإمام الحجة أرواحنا فداه لا يوجب الارتداد والخروج عن الإسلام.

س: إذا كنت مقلداً لأحد المراجع، وأعلن ولي أمر المسلمين الحرب ضد الكفرة الظالمين أو الجهاد، ولم يجوّز لي المرجع الذي أقلّده الدخول في الحرب فهل التزم برأيه أم لا؟

ج: يجب إطاعة ولي أمر المسلمين في الأمور العامة التي منها الدفاع عن الإسلام والمسلمين ضد الكفرة والطغاة المهاجمين(13).

خلاصة الدرس

أ-تعتبر اية المودة أحد الأدلة القرانية على استمرار الرسالة الإلهية بولاية الأئمة الأطهار عليهم السلام.

ب-إن اتباع أهل البيت عليهم السلام حقيقة يفرض الالتزام بعدة أمور وهي: معرفتهم، والثبات على ولايتهم وإطاعة اللَّه في كل صغيرة وكبيرة، والبراءة من أعدائهم، وذكر فضائلهم، وطلب العلم، وقبول أحاديثهم، وطاعة الولي الفقيه بالتوحد تحت رايته، وملخص القول فعل ما يحبونه (ع) واجتناب ما يكرهونه عليهم السلام هو اتباعهم.

أسئلة حول الدرس

1- ما الذي تفهمه من اية المودة؟

2- كيف يكون اتباع أهل البيت عليهم السلام؟

3- عدّد الأمور التي لا بد من التزامها؟للحفظ

قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًاً﴾(14).

عن الإمام الصادق (ع):

"إن رحم الأئمة عليهم السلام من ال محمد (ص) يتعلّق بالعرش يوم القيامة وتتعلق بها أرحام المؤمنين تقول: يا رب صل من وصلنا واقطع من قطعنا..."(15).


1- الشورى:23.

2- كفاية الأثر، ص263.

3- الكافي، ج1، ص180.

4- البحار، ج52، ص145.

5- صفات الشيعة، ص13.

6- البحار، ج27، ص62.

7- م. ن، ج63، ص258.

8- الكافي، ج1، ص34.

9- الكافي، ج1، ص44.

10- البحار، ج2، ص92.

11- معجم رجال الحديث، ج2، ص356.

12- البحار، ج53، ص177.

13- أجوبة الاستفتاءات، ج1، كتاب التقليد.

14- الأحزاب:33.

15- البحار، ج71.