للمطالعة (الإمام الخميني قدس سره في بيان نوراني)

إن الحق المتعالي قد جعل الروَّح والراحة في اليقين والرضا والهمّ‏َ والحزن في الشك والسخط، وذلك على أساس القسط والعدل.

لا بد وأن تعرف أن الروَّح والراحة وكذلك الهم والحزن بسبب ذكر هذه الأمور أثر تقدير الأرزاق وتقسيمها يعودان إلى الأمور الدنيوية وكسب العيش وطلب الرزق، وإن كان إرجاعهما إلى الأمور الأخروية على أساس بيان آخر، أيضاً صحيحاً.

إذن: فاعلم أن الإنسان الذي يعتقد بالحق وتقديره اعتقاداً يقيناً ويعتمد على الركن الركين القادر بصورة مطلقة الذي يقرر الأمور بأسرها على المصالح الغيبية، وأن له سبحانه الرحمة الكاملة المطلقة وأنه الرحيم والجواد المطلق ومن المعلوم أنه مع مثل هذا اليقين تذلل الصعاب وتهون كل المصائب، ويختلف ويختلف كثيراً طلبه لمعيشته عن طلب أهل الدنيا وأهل الشك والشرك.

إن الذين يعتمدون على الأسباب الظاهرية يعيشون دائماً عند طلب الرزق في حالة من القلق والإضطراب ولو اصطدموا بمشكلة، لعظمت عندهم لأنهم لا يجدونها محفوفة بالمصالح الغيبية.

وخلاصة الكلام إن من يرى سعادته، في تحصيل هذه الدنيا. يواجه في طلبه هذه الآلام والعناء وتسلب عنه الراحة والبهجة وتستنزف قواه وطاقاته في هذا الطلب كما نرى أن أهل الدنيا دائماً في تعب ونصب. وأنهم لم يتمتعوا بإطمئنان في روح واستقرار في الجسم وإذا حلّت بهم مصيبة خارت قدراتهم وحيويتهم وزال جلدهم وصبرهم أمام الحوادث التي تداهمهم وهذا لا يكون إلا نتيجة شكهم وعدم إيمانهم بالقضاء الإلهي وعدله. فتكون هذه الأمور من الحزن والهم والتعب نتيجة لهذا التزلزل.