للمطالعة (في معنى الترتيل)

في معنى الترتيل(1)

ومن آداب قراءة القرآن الكريم التي تبعث على التأثير في النفس، ويجدر بالقارئ أن يراعيها، هو الترتيل في التلاوة، وهو كما في الحديث عبارة عن الحد الوسط بين السرعة والعجلة من جهة، والتأني والفتور المفرطين الموجبين لتفرّق الكلمات وانتشارها من جهة أخرى.

عن محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله تعالى:

﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾.

قال (ع):

"قال أمير المؤمنين (ع): تبينه تبياناً (تبييناً. خ ل) ولا تهذه هذَّ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن أفرغوا قلوبكم القاسية ولا يكن هم أحدكم آخر السورة"(2).

(أي لا يكن هدفكم ختم القرآن في أيام معدودة أو الإسراع في قراءة السورة والبلوغ إلى آخرها).

فالإنسان الذي يريد أن يتلو كلام الله، ويداوي قلبه القاسي، ويشفي أمراضه القلبية من خلال قراءته للكلام الجامع الإلهي، ويطوي مع نور هداية هذا المصباح الغيبي المنير، وهذا النور على النور السماوي، طريق الوصول إلى المقامات الأخروية والمدارج الكمالية، لا بد لهذا الإنسان من توفير الأسباب الظاهرية والباطنية والآداب الصورية والمعنوية. أما أمثالنا عندما نقرأ القرآن بعض الأحيان، فمضافاً إلى أننا نغفل نهائياً عن معاني الآيات الكريمة، وأهدافها السامية وأوامرها ونواهيها ووعظها وزجرها، وكأن آيات الجنّة ونعيمها، وآيات جهنم والعذاب الأليم، لا تعنينا، بل ?نعوذ بالله? يكون انتباهنا وتوجّه قلوبنا عند قراءة الكتب القصصية أكثر من توجهنا حين تلاوتنا للآيات المجيدة، مضافاً إلى ذلك فإننا في غفلة حتى عن الآداب الظاهرية لقراءة القرآن الكريم.

وقد ورد في الأحاديث الشريفة، الأمر بقراءة القرآن بصوت حزين وجميل وعن أبي الحسن (ع) قال:

"ذكرت الصوت عنده فقال إن علي بن الحسين عليهما السلام كان يقرأ فربما مر به المار فصعق من حسن صوته، وإن الإمام لو أظهر من ذلك شيئاً لما احتمله الناس من حسنه"(3).

ونحن عندما نريد أن نُري الناس صوتنا الحسن وأنغامه الجميلة، نلتجئ إلى قراءة القرآن أو الآذان، من دون تلاوة القرآن والعمل بهذا الاستحباب. وعلى كل حال إن مكائد الشيطان وأضاليل النفس الأمارة كثيرة، وغالباً ما يلتبس الحق بالباطل، والحسن بالقبيح، فيجب أن نلوذ بالله سبحانه ونعوذ به من هذه الأشراك والأفخاخ.


1- من كتاب الأربعون حديثاً للإمام الخميني قدس سره ص560.

2- أصول الكافي، المجلد الثاني كتاب فضل القرآن، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن، ح1، ص614.

3- أصول الكافي، المجلد الثاني، باب ترتيل القرآن، ح4.