سورة الإنسان

(1): ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ﴾ جنسه ﴿حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ﴾ طائفة من الزمان الغير المحدود ﴿لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا﴾ بالإنسانية بل كان عنصرا ونطفة وقيل أريد بالإنسان آدم.

(2): ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ﴾ أخلاط لأنه من مجموع ماء الزوجين ﴿فَجَعَلْنَاهُ﴾ بسبب الابتلاء ﴿سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ ليسمع الآيات ويبصر الدلائل فتلزمه الحجة.

(3): ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ بنصب الأدلة ﴿إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾.

(4): ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا﴾ يسلكون فيها ﴿وَأَغْلَالًا﴾ في أعناقهم وأيديهم ﴿وَسَعِيرًا﴾ يصلونها.

(5): ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ﴾ جمع بر أو بار والمراد بهم علي وفاطمة وابناهما بإجماع أهل البيت وشيعتهم وتضافر روايات العامة والخاصة ﴿يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ﴾ إناء فيه خمر أو من خمر ﴿كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ يخلق فيها رائحته وبياضه وبرده وقيل اسم عين في الجنة تشبه الكافور.

(6): ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا﴾ منها ﴿عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾ يجرونها حيث شاءوا بسهولة.

(7): ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ﴾ هواه ﴿مُسْتَطِيرًا﴾ منتشرا ذاهبا في الجهات.

(8): ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ حب الله أو الطعام أي مع حاجتهم إليه ﴿مِسْكِينًا وَيَتِيمًا﴾ من المسلمين ﴿وَأَسِيرًا﴾ من الكفار أخذ من دار الحرب وقيل من المسلمين ويعم المحبوس والمملوك قائلين بلسان الحال.

(9): ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ لطلب رضاه خاصة روي أنهم لا يتكلمون به ولكن علمه الله منهم فأثنى عليهم ﴿لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا﴾ ولا شكرا على الإطعام.

(10): ﴿إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا﴾ مكفهرا لشدته كالأسد العبوس أو تعبس به الكفار لهوله ﴿قَمْطَرِيرًا﴾ شديد العبوس.

(11): ﴿فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ﴾ الذي يخافونه ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً﴾ حسنا بهاء في وجوههم ﴿وَسُرُورًا﴾.

(12): ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا﴾ على التكاليف والإيثار مع شدة الحاجة ﴿جَنَّةً﴾ يسكنونها ﴿وَحَرِيرًا﴾ يلبسونه.

(13): ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ الأسرة في الحجال أو المساند ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾ أي لا يجدون حرا ولا بردا والزمهرير القمر أي هي مضيئة بذاتها لا لشمس ولا قمر.

(14): ﴿وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا﴾ أشجارها ﴿وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا﴾ سهل أخذ ثمارها للمتناول كيف شاء.

(15): ﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ﴾ أقداح لا عرى لها ﴿كَانَتْ قَوَارِيرَا﴾.

(16): ﴿قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ﴾ أي جامعة لصفاء الزجاج وبياض الفضة فيرى باطنها من ظاهرها ﴿قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾ أي قدروها في أنفسهم على صنعة فجاءت كما قدروها أو قدر الطائفون شرابها على قدر ريهم لا يزيد ولا ينقص وذلك ألذ للشارب.

(17): ﴿وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا﴾ خمرا ﴿كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا﴾ في الطعم والعرب تستلذه.

(18): ﴿عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا﴾ من السلاسة على زيادة الباء لسلاسة مساغها في الحلق ويفيد نفي لذع الزنجبيل المنافي للسلاسة.

(19): ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ﴾ لا يتغيرون ﴿إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا﴾ لحسنهم وصفائهم وانتشارهم في الخدمة.

(20): ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ﴾ لا مفعول له أي إذا رميت ببصرك في الجنة ﴿رَأَيْتَ نَعِيمًا﴾ أي نعيم ﴿وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ باقيا لا يزول أو متسعا.

(21): ﴿عَالِيَهُمْ﴾ أي فوقهم ﴿ثِيَابُ سُندُسٍ﴾ ما رق من الحرير ﴿خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ﴾ ما غلظ من الديباج ﴿وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ﴾ وفي مواضع من ذهب ولا منافاة لجواز التعاقب والجمع وكون تلك الفضة أفضل من الذهب ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ طاهرا من الأقذار لم تمسه الأيدي الخاطئة الدنسة.

(22): ﴿إِنَّ هَذَا﴾ الثواب ﴿كَانَ لَكُمْ جَزَاء﴾ على حسناتكم ﴿وَكَانَ سَعْيُكُم﴾ في مرضاة الله ﴿مَّشْكُورًا﴾ مقبولا مثابا عليه.

(23): ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا﴾ مفصلا نجوما لحكم منها تسليتك.

(24): ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ تبليغ رسالته وتحمل أذى قومك ﴿وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾.

(25): ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ واظب على ذكره أو على صلاة الفجر والظهرين.

(26): ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ﴾ بعضه ﴿فَاسْجُدْ لَهُ﴾ فصل العشاءين له ﴿وَسَبِّحْهُ﴾ تهجد له ﴿لَيْلًا طَوِيلًا﴾.

(27): ﴿إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ﴾ الدنيا ﴿وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ﴾ أمامهم ﴿يَوْمًا ثَقِيلًا﴾ شديدا لا يعملون له.

(28): ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ﴾ وثقنا ربط أوصالهم بالعصب ﴿وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا﴾ بعد إهلاكهم ﴿أَمْثَالَهُمْ﴾ في الخلقة وشد الأسر ﴿تَبْدِيلًا﴾ أي أعدناهم وجيء بالماضي لتحققه وكذا لفظ إذا.

(29): ﴿إِنَّ هَذِهِ﴾ السورة ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ عظة ﴿فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ﴾ رضاه ﴿سَبِيلًا﴾ بالطاعة.

(30): ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ﴾ اتخاذ السبيل إليه ﴿إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ﴾ جبرهم عليه ولكن لا يشاءوه لمخالفته للحكم ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ فلا يفعل خلاف مقتضى الحكمة.

(31): ﴿يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ﴾ جنته وهم المؤمنون ﴿وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾.