سورة الجمعة

(1): ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ مجيؤه تارة ماضيا وأخرى مضارعا إيذان بدوام تنزيهه تعالى ﴿الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ فسر.

(2): ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ﴾ العرب لأنهم لا يقرءون ولا يكتبون غالبا ﴿رَسُولًا مِّنْهُمْ﴾ من جنسهم عربيا أميا ﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾ القرآن ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ يطهرهم من دنس الكفر والمعاصي ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ﴾ القرآن ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ الشرائع ﴿وَإِن﴾ هي المخففة ﴿كَانُوا مِن قَبْلُ﴾ قبل بعثه ﴿لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ من الشرك والبدع الباطلة واللام فارقة.

(3): ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ﴾ عطف على الأميين أو على هم في يعلمهم ﴿لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ أي لم يلحقوا بعد ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ في بعث الرسول بالمعجز الحكيم في اصطفائه.

(4): ﴿ذَلِكَ﴾ الفضل الذي اختصه به ﴿فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء﴾ بمقتضى حكمته ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ فهو الحقيق بإيتاء الفضل.

(5): ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ﴾ كلفوا العمل بها وهم اليهود ﴿ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا﴾ لم يعملوا بها ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ كتبا لا ينال منها إلا التعب ﴿بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ الشاهدة بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ إلى الجنة أو لا يلطف بهم لظلمهم.

(6): ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ في زعمكم أنكم أولياؤه حيث قلتم نحن أولياء الله وأحباؤه.

(7): ﴿وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ بسبب ما قدموا من كفرهم بالنبي المنعوت في كتبهم ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ وما يأتون وما يذرون.

(8): ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ﴾ حرصا على الحياة وخوفا أن تؤخذوا بوبال كفركم ﴿فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾ ففراركم منه فرار إليه ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ بمجازاتكم به.

(9): ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ لم يقل قل كما في اليهود تشريفا للمؤمنين بخطابه ﴿إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ﴾ أذن لها ﴿مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ امضوا إلى صلاة الجمعة أو خطبتها مسرعين ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ ظاهر في تحريمه وفي انعقاده قولان وفيه مبالغة في إيجابها ويؤكده ﴿ذَلِكُمْ﴾ أي السعي الباقي أجره ﴿خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ من الفاني نفعه ﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.

(10): ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ﴾ فرغ من أدائها ﴿فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ إباحة بعد حظر وكذا ﴿وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾ اطلبوا الرزق ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ أي على كل باللسان والقلب ﴿لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ لتفوزوا.

(11): ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ قيل كان يصلي الجمعة أو يخطب فقدمت عير تحمل طعاما فضربت طبلا للإعلام كعادتهم فخرج لها الناس إلا اثني عشر رجلا فنزلت وقدمت التجارة على اللهو لأنها المقصود ولذا خصت برد الضمير ويقدر ضمير آخر ﴿وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ تصلي أو تخطب ﴿قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ﴾ من الثواب المحقق العظيم الباقي ﴿خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ﴾ قدم اللهو ترقيا من الأدنى إلى الأعلى ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.