سورة الزخرف

(1)-(2): ﴿حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ والقرآن الموضح سبيل الحق وما يحتاج إليه في الدين.

(3): ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ لكي تفهموا معانيه.

(4): ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ﴾ أصل الكتب وهو اللوح المحفوظ ﴿لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ﴾ على سائر الكتب ﴿حَكِيمٌ﴾ ذو حكمة بالغة.

(5): ﴿أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ﴾ القرآن ﴿صَفْحًا﴾ لأجل ﴿أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ﴾ مشركين.

(6): ﴿وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ﴾.

(7): ﴿وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون﴾ تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم).

(8): ﴿فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا﴾ أي من قومك عدل عن خطابهم إلى خطابه ﴿وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ﴾ سبق في القرآن خبرهم العجب وإهلاكهم فليحذر هؤلاء مثله.

(9): ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ هذا جوابهم وما بعده استئناف أو الجمع لازم جوابهم وهو الله للزوم هذه الصفات له.

(10): ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا﴾ فراشا ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا﴾ تسلكونها ﴿لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ إلى مقاصدكم في أسفاركم.

(11): ﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ﴾ بمقدار نافع غير ضار ﴿فَأَنشَرْنَا﴾ أحيينا ﴿بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ﴾ الإنشاء ﴿تُخْرَجُونَ﴾ من قبوركم.

(12): ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ﴾ الأصناف ﴿كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ﴾.

(13): ﴿لِتَسْتَوُوا﴾ لتستقروا ﴿عَلَى ظُهُورِهِ﴾ الهاء لما والجمع للمعنى ﴿ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ﴾ مقرين بها شاكرين عليها ﴿وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ مطيقين مقاومين له في القوة.

(14): ﴿وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ﴾ راجعون.

(15): ﴿وَجَعَلُوا لَهُ﴾ مع إقرارهم بأنه خلق الخلق ﴿مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا﴾ ولدا إذ قالوا: الملائكة بنات الله لأن الولد جزء الوالد قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) فاطمة بضعة مني يؤذيني من يؤذيها ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ﴾ ظاهر الكفر أو الكفران بنسبة الولد إليه.

(16): ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ﴾ أي بمعنى بل وهمزة الإنكار لحالهم إذ لم يكتفوا بجعلهم له ولدا حتى جعلوا ذلك الولد أخس مما أصفاهم به وأكره شيء إليهم بدليل.

(17): ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا﴾ بالجنس الذي جعله شبها أي إذا بشر بالأنثى ﴿ظَلَّ﴾ صار ﴿وَجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾ لما يلحقه من الغم ﴿وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ ممتلىء كربا.

(18): ﴿أَوَمَن﴾ إنكار أي أو جعلوا له من ﴿يُنَشَّأُ﴾ يتربى ﴿فِي الْحِلْيَةِ﴾ الزينة ﴿وَهُوَ فِي الْخِصَامِ﴾ في المخاصمة ﴿غَيْرُ مُبِينٍ﴾ للحجة لضعف عقله يعني الإناث.

(19): ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا﴾ بتسميتهم بنات الله ﴿أَشَهِدُوا﴾ أحضروا ﴿خَلْقَهُمْ﴾ فرأوهم إناثا ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ﴾ بأنهم إناث ﴿وَيُسْأَلُونَ﴾ عنها يوم القيامة.

(20): ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ﴾ أن لا نعبد الملائكة ﴿مَا عَبَدْنَاهُم﴾ فإنما عبدناهم بمشيئته كأنهم كانوا جبرية أو أشعرية ﴿مَّا لَهُم بِذَلِكَ﴾ المقول ﴿مِنْ عِلْمٍ﴾ مستند إلى حجة ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ يكذبون فيه.

(21): ﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ﴾ قبل القرآن أو الرسول ﴿فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ﴾ أي ليس الأمر هكذا.

(22): ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ ملة تؤم أي تقصد ﴿وَإِنَّا﴾ سالكون ﴿عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ﴾ بهم أي لا مستند لهم إلا التقليد.

(23): ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ﴾ متنعموها ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ﴾ فلا تغتم لضلال قومك.

(24): ﴿قَالَ أَوَلَوْ﴾ أي أتتبعون آباءكم ولو ﴿جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ﴾ من الدين ﴿مُتْرَفُوهَا قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ﴾ ولا ننظر فيه وإن كان أهدى.

(25): ﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ بإهلاكهم ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ ولا يهمك تكذيبهم.

(26)-(27): ﴿وَإِذْ﴾ اذكر إذ ﴿قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء﴾ مصدر وصف به يقال للواحد والأكثر والمذكر والمؤنث أي بريء ﴿مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ منقطع أو متصل إن شملته ما وكانوا يعبدونه وغيره ﴿فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ إلى طريق الجنة أو يثيبني على دينه.

(28): ﴿وَجَعَلَهَا﴾ أي الله أو إبراهيم الكلمة التي قالها ﴿كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ ذريته فلا يزال فيهم من يوحد الله ويدعو إلى توحيده ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ من الشرك إلى التوحيد.

(29): ﴿بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاء وَآبَاءهُمْ﴾ بالنعيم ﴿حَتَّى جَاءهُمُ الْحَقُّ﴾ القرآن ﴿وَرَسُولٌ مُّبِينٌ﴾.

(30): ﴿وَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ﴾ ازدادوا عنادا فجحدوا القرآن وكابروا الرسول.

(31): ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ﴾ مكة والطائف ﴿عَظِيمٍ﴾ ذي جاه ومال.

(32): ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ﴾ أي النبوة فيضعونها حيث شاءوا ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ولم نفوض تدبيرها إليهم ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ في الرزق ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا﴾ بمقتضى الحكمة والمصلحة ﴿سُخْرِيًّا﴾ مسخرا يستخدمه في حوائجه فينتفع كل بالآخر فينتظم بذلك أمر العالم ﴿وَرَحْمَتُ رَبِّكَ﴾ أي الجنة أو النبوة لك ﴿خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ من عرض الدنيا.

(33): ﴿وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ مجتمعين على الكفر لحبهم الدنيا ﴿لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ﴾ مصاعد جمع معرج ﴿عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ﴾ يعلون سطوحها.

(34): ﴿وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا﴾ من فضة ﴿عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ﴾.

(35): ﴿وَزُخْرُفًا﴾ أي وجعلنا لهم زينة أو ذهبا ﴿وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ﴾ الجنة ﴿عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ الكفر والمعاصي.

(36): ﴿وَمَن يَعْشُ﴾ عشا كدعا تعامى ﴿عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ﴾ أي القرآن ﴿نُقَيِّضْ﴾ نهيىء ﴿لَهُ شَيْطَانًا﴾ أي نخلي بينه وبينه لإعراضه عن الحق ﴿فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ ملازم يغويه.

(37): ﴿وَإِنَّهُمْ﴾ أي الشياطين ﴿لَيَصُدُّونَهُمْ﴾ أي العاشين ﴿عَنِ السَّبِيلِ﴾ دين الله ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ الضمائر للعاشين.

(38): ﴿حَتَّى إِذَا جَاءنَا﴾ أي العاشي يوم القيامة وقرىء جاءانا أي هو وقرينه ﴿قَالَ﴾ لقرينه ﴿يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ بعد المشرق والمغرب غلب المشرق فثنى ﴿فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾ أنت.

(39): ﴿وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ﴾ تمنيكم ﴿إِذ ظَّلَمْتُمْ﴾ إذ ظهر ظلمكم بكفركم في الدنيا بدل من اليوم ﴿أَنَّكُمْ﴾ لأنكم مع قرنائكم ﴿فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾.

(40): ﴿أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ﴾ شبهوا بهم لعدم انتفاعهم بالسمع والبصر ﴿وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ بين أي لا تقدر على جبرهم على الإيمان فلا تحزن على كفرهم.

(41): ﴿فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ يُعْبَدُونَ﴾ نتوفينك قبل تعذيبهم ﴿فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ﴾ بعدك في الآخرة أو الدنيا.

(42): ﴿أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ﴾ به من العذاب ﴿فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ﴾ لا يعجزوننا.

(43): ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ﴾ من القرآن والدين ﴿إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ دين قيم.

(44): ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ﴾ لشرف ﴿لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ عن القيام بحقه.

(45): ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا﴾ وقد جمعوا له ليلة الإسراء أو اسأل أممهم ﴿أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً﴾ هل حكمنا بعبادة غير الله في ملة من مللهم، والغرض أن بيان التوحيد دين أطبق عليه الرسل ولم يبتدعه فكيف يكذب ويعادي لأجله.

(46): ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

(47): ﴿فَلَمَّا جَاءهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ﴾ استهزاء بها.

(48): ﴿وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ﴾ من ءايات العذاب كالطوفان والجراد وغيرهما ﴿إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا﴾ من الآية التي قبلها ﴿وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ﴾ بتلك الآيات ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ عن كفرهم.

(49): ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ﴾ العالم الماهر كانوا يرون السحر علما وقيل سموه ساحرا لكفرهم ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ﴾ بعهده ﴿عِندَكَ﴾ من النبوة أو كشف العذاب عمن آمن ﴿إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ﴾ إن كشف عنا العذاب.

(50): ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ قَالَ﴾ بدعاء موسى ﴿إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ عهدهم.

(51): ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ﴾ خداعا لهم بافتخاره ﴿يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ﴾ من النيل ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِي﴾ تحت قصوري أو أمري ﴿أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ ما أنا فيه.

(52): ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾ ضعيف حقير وأم متصلة بتقدير أفلا تبصرون أم تبصرون فتعلمون أني خير منه فأقيم المسبب مقام سببه أو منقطعة والهمزة لتقرير فضله الذي ذكر أسبأبه ﴿وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾ كلامه لأثر بقي من العقدة.

(53): ﴿فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ﴾ قيل كانوا إذا سوروا واحدا سوروه وطوقوه بالذهب ﴿أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾ به أو يقترن بعضهم ببعض يعضدونه ويصدقونه.

(54): ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ﴾ أمرهم أن يخفوا في طاعته أو استجهلهم ﴿فَأَطَاعُوهُ﴾ فيما طلب منهم ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ متمردين في الكفر.

(55): ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا﴾ أغضبونا﴿انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.

(56): ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا﴾ متقدمين إلى النار ﴿وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ﴾ عبرة لهم.

(57): ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا﴾ ضربه المشركون لما نزل إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم فقالوا إن النصارى يعبدون عيسى وقد رضينا أن تكون آلهتنا معه وإذا جاز أن يعبد عيسى فالملائكة أولى بذلك، وأن محمدا يريد أن نعبده كما عبد عيسى ﴿إِذَا قَوْمُكَ﴾ قريش ﴿مِنْهُ﴾ من المثل ﴿يَصِدُّونَ﴾ يصيحون فرحا لزعمهم انقطع الرسول به.

(58): ﴿وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ﴾ أي الأصنام خير أم عيسى فإن كان في النار فلتكن آلهتنا معه أو الملائكة خير أم عيسى فإذا جاز أن يعبد فهم أولى به أو آلهتنا خير أم محمد أي هي خير منه ﴿مَا ضَرَبُوهُ﴾ أي المثل ﴿لَكَ إِلَّا جَدَلًا﴾ لا بحثا عن الحق ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ شديد الخصومة.

(59): ﴿إِنْ هُوَ﴾ ما عيسى ﴿إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ﴾ بالنبوة ﴿وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ كالمثل في الغرابة من خلقه من غير أب.

(60): ﴿وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم﴾ بدلكم أو أولدنا منكم يا بشر ﴿مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾ يقومون مقامكم والغرض بيان كمال قدرته وأن كون الملائكة في السماء لا يوجب لهم الألوهية.

(61): ﴿وَإِنَّهُ﴾ أي عيسى ﴿لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ﴾ يعلم قربها بنزوله لأنه من أشراطها ﴿فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا﴾ لا تشكن فيها ﴿وَاتَّبِعُونِ هَذَا﴾ الذي آمركم به ﴿صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ دين قيم.

(62): ﴿وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ﴾ عن دين الله ﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ بين العداوة.

(63): ﴿وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ﴾ المعجزات والشرائع ﴿قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ﴾ بالنبوة والإنجيل ﴿وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾ من أمر الدين والدنيا ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾.

(64): ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا﴾ الدين أي توحيده وعبادته ﴿صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ دين قيم.

(65): ﴿فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ﴾ اليهود والنصارى أو فرق النصارى في عيسى: أهو الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ القيامة.

(66): ﴿هَلْ يَنظُرُونَ﴾ ما ينتظر كفار مكة ﴿إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً﴾ فجأة ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ بها لغفلتهم عنها.

(67): ﴿الْأَخِلَّاء﴾ المتحابون في الدنيا ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ يوم القيامة ظرف لعدو ﴿بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ لظهور أن ما تحابوا عليه سبب عذابهم ﴿إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ المتحابين في الله.

(68): ﴿يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ﴾.

(69): ﴿الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ﴾.

(70): ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ﴾ المؤمنات ﴿تُحْبَرُونَ﴾ تسرون سرورا يبدو في وجوهكم حباره أي أثره.

(71): ﴿يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ﴾ جمع صحفة أي قطعة ﴿وَأَكْوَابٍ﴾ جمع كوب وهو كوز لا عروة له ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ﴾ من النعم ﴿وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ﴾ من المناظر الحسنة ﴿وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ وهو تمام النعمة لعدم ما ينقصه من خوف زواله.

(72): ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ بأعمالكم.

(73): ﴿لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا﴾ بعضها ﴿تَأْكُلُونَ﴾ ويخلق الله بدله.

(74): ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾.

(75): ﴿لَا يُفَتَّرُ﴾ يخفف ﴿عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ آيسون ساكتون حيرة.

(76): ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ﴾ بالعذاب ﴿وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ نفوسهم بجرائمهم الموجبة له.

(77): ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ ليمتنا ﴿قَالَ﴾ بعد مائة عام أو ألف ﴿إِنَّكُم مَّاكِثُونَ﴾ في العذاب بلا موت قال تعالى بعد جواب مالك.

(78): ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ﴾ على لسان رسولنا أو كلاهما قول الله ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾.

(79): ﴿أَمْ أَبْرَمُوا﴾ أحكموا ﴿أَمْرًا﴾ في كيد محمد ﴿فَإِنَّا مُبْرِمُونَ﴾ محكمون أمرا في مجازاتهم.

(80): ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى﴾ نسمع ذلك ﴿وَرُسُلُنَا﴾ الحفظة ﴿لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ ذلك.

(81): ﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ﴾ فرضا ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ للولد لأن تعظيمه تعظيم والده والنبي مقدم في كل حكم على أمته وقيل المعنى إن كان له ولد بزعمكم فأنا أول العابدين الموحدين له.

(82): ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ بنسبة الولد إليه.

(83): ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا اللَّهُ﴾ في باطلهم ﴿وَيَلْعَبُوا﴾ في دنياهم ﴿حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ القيامة.

(84): ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ﴾ معبود وبه يتعلق الظرف وكذا ﴿وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ﴾ في صنعه ﴿الْعَلِيمُ﴾ بكل شيء.

(85): ﴿وَتَبَارَكَ﴾ تعظم ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ القيامة ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ التفات إلى الخطاب للتهديد.

(86): ﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ﴾ لهم عند الله كما زعموا ﴿إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ﴾ بالتوحيد ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ ما شهدوا به وهم الملائكة أو عزير وعيسى.

(87): ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ﴾ يعترفون به لوضوحه ﴿فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ يصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره.

(88): ﴿وَقِيلِهِ﴾ وقول الرسول ونصبه مصدرا لفعله المقدر أي وقال قيله أو عطفا على محل الساعة ﴿يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾ قال تعالى.

(89): ﴿فَاصْفَحْ﴾ أعرض ﴿عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ﴾ منكم أي متاركة ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ تهديد لهم.