سورة الشورى

(1)-(2)-(3): ﴿حم عسق﴾ الإيحاء أو مثل معاني السورة ﴿كَذَلِكَ يُوحِي﴾ أوحى ﴿إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ﴾ عبر بالمضارع إيذانا بأن إيحاء مثله عادته ﴿اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

(4): ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾.

(5): ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ﴾ بالتاء والياء ﴿يَتَفَطَّرْنَ﴾ يتشققن أن دعوا له ولدا ﴿مِن فَوْقِهِنَّ﴾ أي يبتدىء الانفطار من أعلاهن وتخصيصه للدلالة على انفطار أسفلهن بالأولوية ولزيادة التهويل ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ﴾ من المؤمنين ﴿أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ لأوليائه أو كل خلقه إذ رحمته في الدنيا وسعت كل شيء.

(6): ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء﴾ أي الأصنام ﴿اللَّهُ حَفِيظٌ﴾ محص ﴿عَلَيْهِمْ﴾ أعمالهم فمجازيهم بها ﴿وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ﴾ تطالب بإيمانهم، إن عليك إلا البلاغ.

(7): ﴿وَكَذَلِكَ﴾ الإيحاء ﴿أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ أهل مكة وسائر الناس العذاب ﴿وَتُنذِرَ﴾ الناس ﴿يَوْمَ الْجَمْعِ﴾ يوم القيامة تجمع فيه الخلق والأرواح والأجساد أو كل عامل وعمله ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ اعتراض ﴿فَرِيقٌ﴾ منهم ﴿فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ في النار.

(8): ﴿وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ وقسرهم على دين واحد وهو الإسلام لكنه لم يفعل لمنافاته التكليف ﴿وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ﴾ بالهداية ﴿وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ يمنعهم من العذاب.

(9): ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء﴾ أي الأصنام وأم منقطعة والهمزة للإنكار التوبيخي ﴿فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾ جواب شرط مقدر كأنه قيل بعد إنكار أن يتخذ وليا سواه إن أراد وليا بالحق فالله هو الولي بالحق ﴿وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فهو الحقيق بالولاية.

(10): ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ﴾ من أمور دينكم ودنياكم ﴿فَحُكْمُهُ﴾ مفوض ﴿إِلَى اللَّهِ﴾ يفصل بينكم بإثابة المحق ومعاقبة المبطل ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي﴾ بتقدير قل ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ أرجع في أموري.

(11): ﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَهْدِي﴾ و﴿جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ﴾ وجنسكم ﴿أَزْوَاجًا﴾ نساء ﴿وَمِنَ الْأَنْعَامِ﴾ وجعل لها من جنسها ﴿أَزْوَاجًا﴾ ذكورا وإناثا أو لكم منها أصنافا ﴿يَذْرَؤُكُمْ﴾ يخلقكم ويكثركم من الذرء أي البث ﴿فِيهِ﴾ في هذا الجعل ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ أريد ب مثله ذاته كقولهم مثلك لا يبخل أو الكاف زائدة ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾.

(12): ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ مفاتيح خزائنهما ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ﴾ يوسعه ﴿لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ﴾ يضيقه لمن يشاء ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ ومنه مصالح البسط والقبض.

(13): ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ أي بين لكم من الدين ما اشترك فيه نوح ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ومن بينهما من أهل الشرائع المفسر بقوله ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ﴾ أي أصوله من التوحيد والنبوة والمعاد ﴿وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ﴾ عظم ﴿عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ من التوحيد ﴿اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ﴾ إلى دينه ﴿مَن يَشَاء﴾ توفيقه له ﴿ويهدي﴾ بالتوفيق ﴿إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ﴾ يقبل إليه.

(14): ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ﴾ أي أهل الكتاب أو أهل الأوثان ﴿إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ﴾ بصحة نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو بالتوحيد ﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ حسدا وعداوة ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ﴾ بتأخيره الجزاء ﴿إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ هو القيامة ﴿لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ بإهلاك المبطلين ﴿وإن الذين أورثوا الكتاب﴾ وهم العرب أورثوا القرآن أو أهل الكتاب المعاصرون له (صلى الله عليه وآله وسلّم) ﴿مِن بَعْدِهِمْ﴾ من بعد أهل الكتاب ﴿لفي شك منه﴾ من القرآن أو كتابهم لا يعلمونه كما هو ﴿مُرِيبٍ﴾ موقع الريبة.

(15): ﴿فَلِذَلِكَ﴾ فلأجل ذلك التفرق أو الشك ﴿فَادْعُ﴾ إلى الدين الحنيفي ﴿وَاسْتَقِمْ﴾ عليه ﴿كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ﴾ الباطلة في تركها ﴿وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ﴾ بأن أعدل ﴿بَيْنَكُمُ﴾ في التبليغ في الحكم ﴿اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ لكل جزاء عمله ﴿لَا حُجَّةَ﴾ لا محاجة ولا خصومة ﴿بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ﴾ لظهور الحق فلا وجه لها ﴿اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا﴾ وبينكم يوم القيامة لفصل القضاء ﴿وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ المرجع.

(16): ﴿ وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ﴾ في دينه ﴿مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ﴾ بعد ما استجاب له الناس وقبلوه أو بعد ما استجاب الله لرسوله دعاءه بالنصر ﴿حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ﴾ باطلة ﴿عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ﴾ منه ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ بكفرهم.

(17): ﴿اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ﴾ جنسه أو القرآن ﴿بِالْحَقِّ﴾ متلبسا بالغرض الصحيح ﴿وَالْمِيزَانَ﴾ وأنزل العدل أو الشرع المنصف بين الناس أو ألهمهم اتخاذ آلة الوزن ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ﴾ مجيئها ﴿قَرِيبٌ﴾.

(18): ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا﴾ استهزاء ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ﴾ خائفون ﴿مِنْهَا﴾ خوفا مقرونا بالرجاء ﴿وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ﴾ الواجب كونه ﴿أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ﴾ يخاصمون من المرية الشك ﴿فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ﴾ عن الصواب.

(19): ﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ﴾ يعمهم ببره ولم يعاجل مسيئهم بالعقوبة ﴿يَرْزُقُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ﴾.

(20): ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ﴾ بعلمه ﴿حَرْثَ الْآخِرَةِ﴾ ثوابها ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ نضاعف له الواحد عشرة ﴿وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا﴾ ما قسمنا له ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ﴾ إذ الأعمال بالنيات.

(21): ﴿أَمْ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ بل ﴿لَهُمْ﴾ والهمزة للتوبيخ ﴿شُرَكَاء﴾ وهم شياطينهم ﴿شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ﴾ الباطل ﴿مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ﴾ كالشرك ونفي البعث ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ﴾ الوعد بتأخير الفصل إلى القيامة ﴿لقضي بينهم﴾ وبين المؤمنين بإهلاكهم في الدنيا ﴿وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ في الآخرة.

(22)-(23): ﴿تَرَى الظَّالِمِينَ﴾ يوم القيامة ﴿مُشْفِقِينَ﴾ خائفين ﴿مِمَّا كَسَبُوا﴾ من الجرائم ﴿وَهُوَ﴾ أي وباله ﴿وَاقِعٌ بِهِمْ﴾ لا محالة ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ﴾ في متنزهاتها ﴿لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ﴾ يتمنونه ﴿عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ﴾ الثواب ﴿هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ ذَلِكَ﴾ الثواب والتبشير ﴿الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي يبشرهم به حذف الجار والعائد ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ على تبليغ الرسالة ﴿أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ﴾ كائنة ﴿فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ﴾ يكتسب ﴿حَسَنَةً﴾ روي أنها مودة آل الرسول ﴿نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا﴾ بتضعيف ثوابها ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾ للسيئات ﴿شَكُورٌ﴾ للحسنات.

(24): ﴿أَمْ﴾ بل ﴿يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ بالقرآن أو بدعوى الرسالة ﴿فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ﴾ ينسيك القرآن فكيف تقدر أن تفتري عليه أو يربط على قلبك بالصبر على أذاهم ﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ﴾ يثبته ﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾ يوحيه ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ بضمائر القلوب.

(25): ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ بالتاء والياء.

(26): ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي يستجيب الله لهم بإعطائهم ما سألوا وإثابتهم على طاعتهم ﴿وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ﴾ على ما فعلوا واستحقوا بالطاعة أو بالاستجابة ﴿وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ استحقوه بكفرهم.

(27): ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ﴾ جميعهم ﴿لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ﴾ لبطروا وتجبروا وظلم بعضهم بعضا ﴿وَلَكِن يُنَزِّلُ﴾ بالتشديد والتخفيف ﴿بِقَدَرٍ﴾ بتقدير ﴿مَّا يَشَاء﴾ بحسب مصالحهم ﴿إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾.

(28): ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ المطر النافع ﴿مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾ يئسوا منه ﴿وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾.

(29): ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ على وجوده وقدرته وحكمته ﴿خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ﴾ وخلق ما نشر ﴿فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ﴾ حشرهم ﴿إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ﴾ في أي وقت شاء لا يتعذر عليه.

(30): ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ فبسبب ذنوبكم ﴿وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾ منها فلا يعجل عقوبة رحمته واستدراجا وما أصاب غير المذنبين فلتعريضهم للأجر.

(31): ﴿وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ بفائتين الله هربا ﴿فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ﴾ يمنعكم من عذابه ﴿وَلَا نَصِيرٍ﴾ يدفعه عنكم.

(32): ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ﴾ السفن الجارية ﴿فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ﴾ كالجبال.

(33): ﴿إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ﴾ وقرىء الرياح ﴿فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ﴾ واقفة ﴿عَلَى ظَهْرِهِ﴾ ظهر البحر ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ﴾ على البلاء ﴿شَكُورٍ﴾ للنعم.

(34): ﴿أَوْ يُوبِقْهُنَّ﴾ أو إن يشأ يهلكهن بأهلهن بقصوف الريح ﴿بِمَا كَسَبُوا﴾ من الذنوب ﴿وَيَعْفُ﴾ بالجزم ﴿عَن كَثِيرٍ﴾ منهم.

(35): ﴿وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ﴾ مهرب من العذاب.

(36): ﴿فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ تمتعون به زمن حياتكم ﴿وَمَا عِندَ اللَّهِ﴾ من الثواب ﴿خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ إذ لا ينقص ولا ينقطع ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ في أمورهم.

(37): ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾.

(38): ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ﴾ أجابوه إلى ما دعاهم إليه من الإيمان ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى﴾ أي ذو تشاور ﴿بَيْنَهُمْ﴾ لا يقدمون عليه حتى يتشاوروا فيه ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ في طاعة الله.

(39): ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ﴾ بلا تعد لحدود الله ولا ينافي وصفهم بالغفران لاختلاف المحل إذ العفو إنما يحسن عن العاجز لا الباغي المتغلب والانتصار بالعكس.

(40): ﴿وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا﴾ سمي الجزاء سيئة للازدواج ﴿فَمَنْ عَفَا﴾ عن حقه ﴿وَأَصْلَحَ﴾ بينه وبين خصمه ﴿فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ وهو خير له من انتصاره ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾.

(41): ﴿وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ﴾ بعد أن ظلم ﴿فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ﴾ مؤاخذة.

(42): ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ بظلمهم وبغيهم.

(43): ﴿وَلَمَن صَبَرَ﴾ فلم ينتصر ﴿وَغَفَرَ﴾ وصفح ﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾ الصبر والصفح ﴿لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ معزوماتها المأمور بها.

(44): ﴿وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ﴾ يخليه وضلاله ﴿فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ﴾ ناصر يتولاه ﴿مِّن بَعْدِهِ﴾ بعد خذلان الله إياه ﴿وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ﴾ إلى الدنيا ﴿مِّن سَبِيلٍ﴾.

(45): ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا﴾ على النار المعلومة من العذاب ﴿خَاشِعِينَ﴾ متواضعين ﴿مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ يبتدىء نظرهم إليها من تحريك لأجفانهم ضعيف نظر مسارقة ﴿وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ لتخليدهم في النار وعدم انتفاعهم بأهليهم ﴿أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ﴾ من كلامهم أو قول الله.

(46): ﴿وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاء يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ﴾ يوصله إلى الجنة.

(47): ﴿اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ﴾ صلة مرد أي لا يرده الله بعد إتيانه أو ليأتي أي قبل أن يأتي يوم من الله لا مرد له ﴿مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ﴾ معقل ﴿يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ﴾ إنكاري بكم.

(48): ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا﴾ عن إجابتك ﴿فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ رقيبا ﴿إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ وقد بلغت ﴿وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ﴾ كثير الكفران وضع الإنسان موضع ضميره تسجيلا على جنسه بذلك.

(49): ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ لا يشاركه أحد فيه ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء﴾ من الأولاد ﴿إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ﴾.

(50): ﴿أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا﴾ أي يخص بعضا بالإناث وبعضا بالذكورة وبعضا بالضعفين ويعقم بعضا وإنما قدم الإناث أولا وأخرها ثانيا وعرف الذكورة ونكر الإناث لأن مساق الآية للدلالة على أن الواقع ما يتعلق به مشيئة الله لا مشيئة الناس فكان ذكر الإناث اللاتي من جملة ما لا يشاؤه الناس أهم، ولما أخر الذكور تدارك تأخيرهم بالتعريف لأن التعريف تنويه ونكر الإناث للتحقير ثم أعطى كلا من الجنسين حقه من التقديم والتأخير ليعلم أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن ولكن لغرض آخر ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ على ما يشاء.

(51): ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا﴾ وهو الإلهام والمنام كما وقع لأم موسى وإبراهيم ﴿أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ﴾ بأن يسمعه الصوت ولا يرى محله ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا﴾ ملكا كجبرئيل ﴿فَيُوحِيَ﴾ الرسول إلى النبي ﴿بِإِذْنِهِ﴾ بأمر الله ﴿مَا يَشَاء﴾ الله ﴿إِنَّهُ عَلِيٌّ﴾ عن رؤية الأبصار ﴿حَكِيمٌ﴾ في أفعاله.

(52): ﴿وَكَذَلِكَ﴾ أي كما أوحينا إلى سائر الرسل ﴿أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا﴾ هو القرآن يحيي به القلوب أو جبرئيل أو خلق أعظم منه بالوحي ﴿مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي﴾ قبل الوحي ﴿مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ﴾ أي الكتاب أو الإيمان ﴿نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ تدعو إلى دين الإسلام.

(53): ﴿صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ ملكا وخلقا ﴿أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ ترجع وفيه وعد ووعيد.