سورة فصلت

(1): ﴿حم﴾ إن كان مبتدأ فخبره.

(2): ﴿تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ وإن كان عدد حروف فتنزيل خبره محذوف أو مبتدأ خبره.

(3): ﴿كِتَابٌ﴾ هو على الأولين بدل منه أو خبر آخر أو لمحذوف ﴿فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ ميزت أحكاما وقصصا ومواعظ ﴿قُرْآنًا﴾ مدح أو حال من كتاب باعتبار صفة ﴿عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ العربية أو للعلماء.

(4): ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ﴾ عن تدبره ﴿فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ سماع قبول.

(5): ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ﴾ أغطية ﴿مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ فلا تفقه ﴿وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ﴾ صمم فلا نسمعه ﴿وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ يصدنا عن اتباعك قالوا ذلك استهزاء ﴿فَاعْمَلْ﴾ على دينك أو في هلاكنا ﴿إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ على ديننا أو في هلاكك.

(6): ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا﴾ متوجهين ﴿إِلَيْهِ﴾ بالتوحيد وإخلاص الدين ﴿وَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ من الشرك ﴿وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ﴾ تهديد لهم.

(7): ﴿الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ فالكفار مخاطبون بالفروع وقرن منعها بالشرك وبالكفر في الآخرة في ﴿وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾.

(8): ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ مقطوع أو لا أذى فيه.

(9): ﴿قُلْ﴾ توبيخا لهم ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ مقدارهما ﴿وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا﴾ شركاء ﴿ذَلِكَ﴾ الخالق ﴿رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ مالكهم وخالقهم ومدبرهم.

(10): ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا﴾ بادية لهم ليعتبر بها ويتوصل إلى منافعها ﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾ كثر خيرها بالمياه والزرع والضرع ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾ الناشئة منها للناس والبهائم ﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾ أي مع اليومين الأولين ﴿سَوَاء﴾ استوت سواء والجملة صفة أيام أو حال من ضمير فيها أو أقواتها ﴿لِّلسَّائِلِينَ﴾ عنها.

(11): ﴿ثُمَّ اسْتَوَى﴾ قصد ﴿إِلَى السَّمَاء﴾ بعد خلق الأرض لا دحوها وقيل خلق السماء قبل الأرض فثم لتفاوت ما بين الخلقين ﴿وَهِيَ دُخَانٌ﴾ أجزاء دخانية ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا﴾ بما خلقت فيكما من النيرات والكائنات أو حصلا في الوجود ﴿طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ بلسان المقال أو الحال.

(12): ﴿فَقَضَاهُنَّ﴾ الضمير للسماء باعتبار ما يئول إليه أو مبهم يميزه ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ قيل هما الخميس والجمعة وهما مع تلك الأربعة ستة كما في آيات أخر ﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا﴾ أمر أهلها من العبادة والطاعة ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ نيرات تضيء كالمصابيح ﴿وَحِفْظًا﴾ حفظناها عن المسترقة حفظا ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾.

(13): ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا﴾ عن الإيمان بعد هذا البيان ﴿فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً﴾ نخوفهم عذابا يصعقهم أي يهلكهم ﴿مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ مثل عذابهم الذي أهلكهم.

(14): ﴿إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ من كل جهاتهم بالإنذارات والحجج أو حذروهم ما مضى من هلاك الكفرة وما يأتي من عذاب الآخرة أو بالعكس ﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا﴾ إرسال رسله ﴿لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً﴾ مرسلين ﴿فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ﴾ على زعمكم ﴿كَافِرُونَ﴾ إذ لستم ملائكة.

(15): ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ على الخلق ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا﴾ لما خوفوا بالعذاب ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ اغترارا بقوتهم كان أحدهم يقلع الصخرة العظيمة من الجبل بيده ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ يعلموا ﴿أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ﴾ وخلق قوتهم ﴿هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ قدرة ﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ عنادا.

(16): ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾ باردة مهلكة من الصر البرد أو شديدة الصوت من الصرير ﴿فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ﴾ مشئومات عليهم ﴿لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ﴾ الذل ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ﴾ لا يمنعون منه.

(17): ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ أريناهم طريق الهدى ﴿فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى﴾ الضلال ﴿عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ من الكفر.

(18): ﴿وَنَجَّيْنَا﴾ منها ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ صالحا ومن معه.

(19): ﴿وَيَوْمَ﴾ واذكر يوم ﴿يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ يحبس أولهم على آخرهم ليجتمعوا.

(20): ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا﴾ زيدت ما تأكيدا لمفاجاة الشهادة لمجيئهم ﴿شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ بإنطاق الله كلا منها بما اقترف به.

(21): ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ من كلام الجلود أو استئناف يقرر ما قبله.

(22): ﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾ عند ارتكابكم القبائح من ﴿أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ لأنكم لم تظنوا أنها تشهد عليكم لإنكار البعث ﴿وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ وهو ما أخفيتموه.

(23): ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾ أهلككم ﴿فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ﴾ باستبدالكم بالجنة النار.

(24): ﴿فَإِن يَصْبِرُوا﴾ التفات ﴿فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾ ولا ينفعهم التصبر ﴿وَإِن يَسْتَعْتِبُوا﴾ يطلب العتبى أي الرضا ﴿فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ المرضيين.

(25): ﴿وَقَيَّضْنَا﴾ سببنا أو هيأنا ﴿لَهُمْ قُرَنَاء﴾ أخدانا من الشياطين وهو مجاز عن منعهم اللطف لكفرهم حتى استولت عليهم الشياطين ﴿فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ من الدنيا وشهواتها ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ من الآخرة ونفيها ﴿وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ﴾ الوعد بالعذاب ﴿فِي أُمَمٍ﴾ في جملة أمم ﴿قَدْ خَلَتْ﴾ هلكت ﴿مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ﴾ وكانوا مثلهم ﴿إِنَّهُمْ﴾ أي هم والأمم ﴿كَانُوا خَاسِرِينَ﴾ فلذا استحقوا العذاب.

(26): ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي بعضهم لبعض ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ﴾ إذا قرأه محمد ﴿وَالْغَوْا فِيهِ﴾ ارفعوا أصواتكم بالهذيان لتخلطوا عليه ﴿لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ القارىء على قراءته.

(27): ﴿فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أقبح جزائه عملهم سمي أسوأ للمقابلة.

(28): ﴿ذَلِكَ﴾ المتوعد ﴿جَزَاء أَعْدَاء اللَّهِ النَّارُ﴾ بيان لجزاء أو خبر محذوف ﴿لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ﴾ الإقامة دائما ﴿جَزَاء بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ وضع موضع يلغون إقامة للسبب مقام المسبب.

(29): ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وهم في النار ﴿رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ﴾ أي شيطاني الجنسين الداعيين لنا إلى الضلال وقيل إبليس وقابيل سنا الكفر ﴿نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا﴾ في الدرك الأسفل أو تطأهما إذلالا ﴿لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾ محلا أو حالا.

(30): ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ على التوحيد والطاعة وعن الرضا (عليه السلام) هي والله ما أنتم عليه ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ عند الموت أو عنده وفي القبر والقيامة ﴿أَلَّا تَخَافُوا﴾ مما أمامكم ﴿وَلَا تَحْزَنُوا﴾ على ما خلفتم من أهل وولد ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾.

(31): ﴿نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ نتولى حفظكم وإلهامكم الخير ﴿وَفِي الْآخِرَةِ﴾ نشفع لكم ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾ تتمنون من النعيم.

(32): ﴿نُزُلًا﴾ أي مهيئا ﴿مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ﴾ فيكون جليلا هنيئا.

(33): ﴿وَمَنْ﴾ أي لا أحد ﴿أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ إلى توحيده ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ ليقتدى به فيه ﴿وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾.

(34): ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ﴾ في الجزاء ﴿ادْفَعْ﴾ السيئة ﴿بِالَّتِي﴾ بالخصلة التي ﴿هِيَ أَحْسَنُ﴾ كالجهل بالحلم والإساءة بالعفو ﴿فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ محب قريب.

(35): ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا﴾ أي الخصلة المذكورة ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ على تجرع المكاره ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ عقل كامل أو ثواب جزيل هو الجنة.

(36): ﴿وَإِمَّا﴾ الشرطية أدغمت في ما الزائدة للتأكيد ﴿يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ﴾ أي وسوسة صارفة عما أمرت به ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ من شره يكفكه ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ﴾ لدعائك ﴿الْعَلِيمُ﴾ بصلاحك.

(37): ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ﴾ لأنهما مخلوقان مثلكم ﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ تخصونه بالعبادة.

(38): ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا﴾ عن السجود لله وحده ﴿فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ﴾ من الملائكة ﴿يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ أي دائما ﴿وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾ لا يملون.

(39): ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً﴾ ذليلة يابسة ﴿فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ تحركت وانتفخت ﴿إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا﴾ بالنبات ﴿لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

(40): ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ﴾ يميلون عن الحق ﴿فِي آيَاتِنَا﴾ بالطعن والتكذيب ﴿لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا﴾ كفى به وعيدا ﴿أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ استفهام تقرير وتوبيخ ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ أمر تهديد ﴿إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ فيجازيكم به.

(41): ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ﴾ القرآن ﴿لَمَّا جَاءهُمْ﴾ وخبر إن مقدر أي يجازون أولئك ينادون ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ غالب بقوة حججه أو عديم النظير.

(42): ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ من جهة من الجهات أو مما فيه من إخباره بما مضى ويأتي ﴿تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ﴾ في أفعاله ﴿حَمِيدٍ﴾ على إفضاله.

(43): ﴿مَا يُقَالُ﴾ ما يقول كفار مكة ﴿لَكَ إِلَّا﴾ مثل ﴿مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ﴾ من التكذيب أو ما يقول الله لك إلا مثل ما قال لهم من الصبر ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾.

(44): ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ﴾ أي الذكر ﴿قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا﴾ كما قالوا اقتراحا: هلا أنزل بلغة العجم ﴿لَّقَالُوا لَوْلَا﴾ هلا ﴿فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ بينت حتى نفهمها ﴿أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ أقرآن عجمي ورسول أو مخاطب عربي إنكار ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى﴾ من الحيرة ﴿وَشِفَاء﴾ من الشك ﴿وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ هو ﴿فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ﴾ لتصاممهم عن استماعه ﴿وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ لتعامي قلوبهم عن تدبره ﴿أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ أي هم كمن ينادى من بعيد لا يسمع ولا يفهم النداء.

(45): ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ التوراة ﴿فَاخْتُلِفَ فِيهِ﴾ بالتصديق والتكذيب كالقرآن ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ﴾ بتأخير القضاء والجزاء إلى يوم القيامة ﴿لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ بإهلاك المكذبين ﴿وَإِنَّهُمْ﴾ أي اليهود أو قومك ﴿لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ﴾ من التوراة أو القرآن ﴿مُرِيبٍ﴾ موقع الريبة.

(46): ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ﴾ ثوابه ﴿وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا﴾ وباله ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾.

(47): ﴿إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ لا إلى سواه ﴿وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا﴾ أوعيتها جمع كم ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا﴾ كل ذلك مقرونا ﴿بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي﴾ بزعمكم ﴿قَالُوا آذَنَّاكَ﴾ أعلمناك وأسمعناك ﴿مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ﴾ شاهد اليوم بأن لك شريكا.

(48): ﴿وَضَلَّ﴾ غاب ﴿عَنْهُم مَّا كَانُوا يَدْعُونَ﴾ يعبدون ﴿مِن قَبْلُ﴾ من الأصنام ﴿وَظَنُّوا﴾ أيقنوا ﴿مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ﴾ مهرب والنفي معلق عن العمل.

(49): ﴿لَا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ﴾ الكافر ﴿مِن دُعَاء الْخَيْرِ﴾ لا يمل من طلب النعمة ﴿وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ﴾ البلاء ﴿فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ﴾ من رحمة الله.

(50): ﴿وَلَئِنْ﴾ قسم ﴿أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً﴾ نعمة ﴿مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي﴾ مستحق لي بعملي أو دائم لي ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي﴾ فرضا ﴿إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى﴾ كما أكرمني في الدنيا ﴿فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا﴾ إذا جازيناهم به ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ شديد.

(51): ﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ﴾ عن الشكر ﴿وَنَأى بِجَانِبِهِ﴾ بعد بنفسه عنه تجبرا وقرئتا على القلب أو بمعنى بهظ ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ﴾ كثير دائم.

(52): ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ﴾ أخبروني ﴿إِن كَانَ﴾ القرآن ﴿مِنْ عِندِ اللَّهِ﴾ كما أقول ﴿ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ﴾ عنادا ﴿مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ﴾ خلاف عن الحق ﴿بَعِيدٍ﴾ عنه أي لا أحد أضل منكم فوضع الظاهر موضعه بيانا لحالهم.

(53): ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ﴾ في أقطار السموات والأرض من النيرات والنبات والحوادث وغيرها ﴿وَفِي أَنفُسِهِمْ﴾ من بدائع الحكم ولطائف الصنع ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ الضمير لله أو الرسول أو القرآن أو الدين ﴿أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فيعلم حالك وحالهم.

(54): ﴿أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ﴾ شك ﴿مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ﴾ بالبعث والجزاء ﴿أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ﴾ علما وقدرة فلا يفوته شيء.