سورة الزمر

(1): ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ﴾ القرآن مبتدأ خبره ﴿مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ﴾ في سلطانه ﴿الْحَكِيمِ﴾ في تدبيره.

(2): ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ متلبسا ﴿بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾ من الشرك وأغراض الدنيا.

(3): ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء﴾ كعيسى والأصنام قائلين ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ قربى ﴿إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ من أمر الدين فيثيب المحق ويعاقب المبطل والضمير للكفرة وأضدادهم ﴿إن إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ﴾ بنسبة الشريك والولد إليه ﴿كَفَّارٌ﴾ لنعمه بعبادة غيره.

(4): ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا﴾ كما زعموا ﴿لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاء﴾ لا ما شاء الناس ونسبوه إليه ﴿سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ ليس له في الأشياء شبه.

(5): ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ﴾ يغشي كل منهما الآخر كأنما ألبسه ولف عليه أو يدخل كلا منهما على الآخر ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ منتهى دوره أو يوم القيامة ﴿أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾.

(6): ﴿خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ فيه إتيان خلق آدم من غير أب وأم وتشعب الخلق الكثير منه لأن حواء منه كما قال ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ من فضل طينته أو من ضلعه وهو آية ثالثة وثم لتفاوت ما بين الآيتين ﴿وَأَنزَلَ لَكُم﴾ أنشأ بسبب ما أنزله من المطر أو قسم لأن قسمته كتبت في اللوح وتنزل من هناك ﴿مِّنْ الْأَنْعَامِ﴾ الإبل والبقر والضأن والمعز ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ من كل زوجين ذكر وأنثى ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ أنتم وسائر الحيوان ﴿خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ﴾ نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ثم كسوتها لحما ثم حيوانا سويا ﴿فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ﴾ ظلمة البطن والرحم والمشيمة ﴿ذَلِكُمُ﴾ الفاعل لهذه ﴿اللَّهُ رَبُّكُمْ﴾ المالك لكم ﴿لَهُ الْمُلْكُ﴾ على الحقيقة ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى﴾ فكيف ﴿تُصْرَفُونَ﴾ عن توحيده إلى الإشراك به.

(7): ﴿إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ﴾ عن إيمانكم ﴿وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ الهاء لمصدر تشكروا ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ مر مثله مرارا.

(8): ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا﴾ راجعا ﴿إِلَيْهِ﴾ لكشف ضره ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ﴾ أعطاه من الخول التعهد والافتخار ﴿نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ﴾ أي الضر الذي كان يدعو ربه إلى كشفه أو ربه الذي كان يدعو ربه إلى كشفه أو ربه الذي كان يتضرع إليه وما بمعنى من ﴿مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا﴾ شركاء ﴿لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا﴾ مدة حياتك الزائلة ﴿إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾ في الآخرة.

(9): ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ﴾ منقطعة أي بل أمن هو قانت كمن هو عاص ﴿آنَاء اللَّيْلِ﴾ ساعاته ﴿سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾ جامعا بين الصفتين ﴿يَحْذَرُ الْآخِرَةَ﴾ أي عذابها ﴿وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ فهو متقلب بين الخوف والرجاء ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ بالمواعظ والآيات وعن الصادق (عليه السلام) نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا أولوا الألباب.

(10): ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ بأن تطيعوه ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾ في الآخرة هي الجنة ﴿وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ﴾ فمن لم يتمكن من الطاعة فليهاجر إلى حيث يتمكن منها ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ﴾ على الطاعة والمحن ﴿أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ أي لا يحصر لكثرته أو لا يحاسبون.

(11): ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾ بتوحيده.

(12): ﴿وَأُمِرْتُ﴾ بذلك ﴿لِأَنْ﴾ لأجل أن ﴿أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ سابقهم في الدارين أو أول من أسلم من هذه الأمة.

(13): ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ لعظم أهواله.

(14): ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ﴾ أخصه بعبادتي ﴿مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي﴾ من الشرك.

(15): ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ﴾ تهديد لهم ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ﴾ في الحقيقة ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ﴾ بإدخالها النار ﴿وَأَهْلِيهِمْ﴾ لعدم انتفاعهم بهم سواء كانوا معهم أو في الجنة وقيل أهلوهم الحور المعدة لهم في الجنة لو آمنوا ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ تفظيع لحالهم.

(16): ﴿لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ﴾ أطباق ﴿مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ أطباق منها هي ظلل الآخرين ﴿ذَلِكَ﴾ العذاب الذي ﴿يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ﴾ ليجتنبوا ما يوجبه ﴿يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ بحذف الياء فيهما.

(17): ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ﴾ الأوثان والشيطان ﴿أَن يَعْبُدُوهَا﴾ بدل اشتمال منه ﴿وَأَنَابُوا﴾ أقبلوا بكليتهم ﴿إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى﴾ عند الموت ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾.

(18): ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ أولاه بالقبول وأرشده إلى الحق وهو عام أو أريد به الذين اجتنبوا وأنابوا أي هم الذين ضموا هذه الخصلة إلى تلك ولذا وضع الظاهر موضع ضمير هم ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ﴾ بلطف ﴿وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ العقول الصحيحة.

(19): ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ﴾ وهو قوله لأملأن جهنم ﴿أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ﴾ جواب الشرط وأقيم فيه الظاهر مقام الضمير وكررت الهمزة لتكرير الإنكار لإنقاذ من حق عليه العذاب لأنه كالواقع في النار.

(20): ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ﴾ تنكيره للتعظيم ﴿مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ﴾ أرفع من الأولى ﴿مَّبْنِيَّةٌ﴾ بناء المنازل التي على الأرض وسويت تسويتها ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ﴾ وعدهم الله ذلك وعدا ﴿لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾.

(21): ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء﴾ هو المطر ﴿فَسَلَكَهُ﴾ فأدخله ﴿يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾ عيونا ومسالك ومجاري كالعروق في الأجساد ﴿ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ﴾ بالماء ﴿زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ﴾ بخضرة وحمرة وصفرة وبياض ﴿ثُمَّ يَهِيجُ﴾ ييبس ﴿فَتَرَاهُ﴾ بعد الخضرة ﴿مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا﴾ مكسرا فتاتا ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ﴾ بقدرة صانعه وحكمته وزوال الحياة الدنيا الشبيهة به.

(22): ﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ﴾ وسعه ﴿لِلْإِسْلَامِ﴾ ولقبول الحق ﴿فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ﴾ أي على يقين وهداية والخبر محذوف أي كمن طبع على قلبه ﴿فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ﴾ من أجل ذكر الله لأنه إذا ذكر الله عندهم وقرىء عليهم القرآن ازدادت قسوتهم ﴿أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ بين، نزلت الآية في علي (عليه السلام) وحمزة وأبي لهب وولده.

(23): ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ أي القرآن ﴿كِتَابًا مُّتَشَابِهًا﴾ يشبه بعضه بعضا في البلاغة وحسن النظم والإعجاز ﴿مَّثَانِيَ﴾ الثناء لأنه يثني على الله أو من التثنية لأنه يثنى فيه القصص والمواعظ أو تثنى تلاوته ﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ ترتعد خوفا من وعيده ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ بالرحمة والبناء أمره عليها أطلق الذكر ﴿ذَلِكَ﴾ الكتاب ﴿هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء﴾ من المؤمنين لأنهم المنتفعون به ﴿وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ﴾ يخليه وسوء اختياره ﴿فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ عن ضلالة.

(24): ﴿أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ﴾ بأن تغل يده إلى عنقه فلا يتقي عن نفسه إلا بوجهه ﴿سُوءَ الْعَذَابِ﴾ شدته ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ كمن أمن منه ﴿وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ﴾ والقائلون خزنة النار ﴿ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ أي وباله أو نفسه بناء على تجسم الأعمال.

(25): ﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ من جهة لم تخطر ببالهم.

(26): ﴿فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ﴾ الذل كالمسخ والقتل ونحوهما ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ﴾ أعظم وأدوم ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ ذلك بالنظر لاتعظوا به.

(27): ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾ يحاجون إليه في أمر دينهم ﴿لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ يتعظون.

(28): ﴿قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾ اختلاف وانحراف عن الحق ﴿لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ الكفر.

(29): ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا﴾ للمشرك والموحد ﴿رَّجُلًا﴾ مملوكا بدل من مثلا ﴿فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ﴾ متنازعون في استخدامه سيئو الأخلاق ﴿وَرَجُلًا سَلَمًا﴾ خالصا ﴿لِّرَجُلٍ﴾ واحد لا شركة لغيره فيه وهو مثل الموحد ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا﴾ أي لا يستويان إذ رضا واحد ممكن ورضا جماعة مختلفين ممتنع ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ على إلزامهم الحجة ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ لزومها لهم.

(30): ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ فلا شماتة بما يعم الكل.

(31): ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ تحتج عليهم بأنك قد بلغت وأنهم كذبوا ويعتذرون بما لا يجدي أو أريد تخاصم الناس فيما بينهم من المظالم.

(32): ﴿فَمَنْ﴾ أي لا أحد ﴿أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ﴾ بنسبة الشريك والولد إليه ﴿وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ﴾ القرآن ﴿إِذْ جَاءهُ﴾ بلا ترو فيه ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى﴾ مقام ﴿لِّلْكَافِرِينَ﴾.

(33): ﴿وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ﴾ بالقرآن وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ أي هو ومن تبعه لقوله ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ أو أريد به الجنس ليشمل الرجل وأتباعهم.

(34): ﴿لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ في الجنة ﴿ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ﴾ على إحسانهم.

(35): ﴿لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا﴾ أي سيئه ﴿وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ يعادل حسناتهم بأحسنها فيضاعف أجرها.

(36): ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ أي الرسول أو الجنس ﴿وَيُخَوِّفُونَكَ﴾ أي الكفرة ﴿بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ﴾ بالأصنام إذ قالوا نخاف أن تخبلك آلهتنا لسبك إياها ﴿وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ﴾ يخليه وضلاله ﴿فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ عن ضلاله.

(37): ﴿وَمَن يَهْدِ اللَّهُ﴾ يلطف به لكونه أهل اللطف ﴿فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ﴾ غالب أمره ﴿ذِي انتِقَامٍ﴾ من أعدائه.

(38): ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ معترفين بذلك ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ أي الأصنام ﴿إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ﴾ كاشفا للضر ومصيبا بالرحمة ﴿عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ به يثق الواثقون.

(39): ﴿قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾ حالكم وقرىء مكافاتكم ﴿إِنِّي عَامِلٌ﴾ على حالي ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾.

(40): ﴿مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾ وقد أخزاهم الله ببدر ﴿وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ دائم هو عذاب النار.

(41): ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ﴾ لتضمنه مصالح دينهم ودنياهم ﴿بِالْحَقِّ﴾ متلبسا به ﴿فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ﴾ لعود نفعه إليها ﴿وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾ لأن ضرره لا يتعداها ﴿وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ﴾ فتجبرهم على الهدى.

(42): ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ يقبضها بقطع تعلقها عنها في الجملة لا بالكلية ﴿فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ﴾ ولا يردها إلى البدن ﴿وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى﴾ النائمة إلى بدنها فتستيقظ ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ هو وقت موتها ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ المذكور ﴿لَآيَاتٍ﴾ على قدرته وحكمته ﴿لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ في هذا التدبير العجيب فيعلمون أن من تفرد به منزه عن الشريك قادر على البعث.

(43): ﴿أَمِ اتَّخَذُوا﴾ بل اتخذ المشركون ﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾ آلهة ﴿شُفَعَاء﴾ عند الله ﴿قُلْ أَوَلَوْ﴾ يشفعون ولو ﴿كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ﴾ كما ترونهم جمادات لا تقدر ولا تعقل.

(44): ﴿قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ أي هو مختص بها فلا يشفع أحد إلا بإذنه ﴿لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ يوم القيامة فلا ملك حينئذ إلا له.

(45): ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ﴾ دون آلهتهم ﴿اشْمَأَزَّتْ﴾ نفرت وانقبضت ﴿قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ﴾ أي الأصنام ﴿إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ تمتلىء قلوبهم سرورا حتى تنبسط بشرتهم.

(46): ﴿قُلِ اللَّهُمَّ﴾ بمعنى يا الله ﴿فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ في أمر الدين فاحكم بيني وبينهم.

(47): ﴿وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا﴾ ظهر ﴿لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ وعيد بليغ ونظيره في الوعد فلا تعلم نفس ما أخفي لهم.

(48): ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾ في صحائفهم أو بدا جزاء سيئاتهم ﴿وَحَاقَ بِهِم﴾ وأحاط ﴿مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون﴾ أي العذاب.

(49): ﴿فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ﴾ جنسه ﴿ضُرٌّ دَعَانَا﴾ ملتجأ عكس ما كان عليه من اشمئزازه من التوحيد واستبشاره بذكر الأصنام ولذا عطف بالفاء على وإذا ذكر الله وحده وما بينهما اعتراض ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا﴾ أعطيناه إنعاما ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ من الله باستحقاقي له أو مني بوجوه جلبه ﴿بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ﴾ اختبار له أيشكر أم يكفر ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ذلك.

(50): ﴿قَدْ قَالَهَا ﴾ أي تلك الكلمة أو المقالة ﴿الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ قارون وقومه لرضاهم بها ﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ من المال.

(51): ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾ جزاءه سمي سيئة للمقابلة ﴿وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاء﴾ أي قريش ﴿سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ﴾ بفائتين وقد أصابهم القحط سبع سنين والقتل ببدر.

(52): ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ﴾ يوسعه ﴿لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ﴾ ويضيقه ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ بأنه الباسط القابض.

(53): ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا﴾ الذنوب والخيانات ﴿عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا﴾ لا تيأسوا ﴿مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ﴾ ومغفرته وفضله ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ عن علي (عليه السلام) ما في القرآن آية أوسع منها قيل والآية بالغة في اتساع رحمته بوسم المؤمنين بذل العبودية وإضافتهم إليه الموجبين للترحم وقصر إسرافهم على أنفسهم ونهيهم عن القنوط المتضمن لتحقيق الرجاء وإضافة الرحمة إلى اسمه دون ضميره وتكريره في إن الله والتعليل لذلك مصدرا بأن مع تأكيد الذنوب بجميعها وتعليله بما يتضمن الوعد بالمغفرة والرحمة مؤكدا بأن والفصل وتعريف الخبر.

(54): ﴿وَأَنِيبُوا﴾ ارجعوا ﴿إِلَى رَبِّكُمْ﴾ بالتوبة ﴿وَأَسْلِمُوا﴾ أخلصوا العمل ﴿لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾ تمنعون منه.

(55): ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم﴾ أي القرآن أو العزائم دون الرخص ﴿مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ بإتيانه أي لأن أو كراهة.

(56): ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى﴾ يا ندمتي احضري ﴿علَى مَا فَرَّطتُ﴾ قصرت ﴿فِي جَنبِ اللَّهِ﴾ في حقه أو طاعته أو أمره أو قربه، وعنهم (عليهم السلام) نحن جنب الله ﴿وَإِن﴾ مخففة أي إن ﴿كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾ المستهزءين بالقرآن والرسول والمؤمنين.

(57): ﴿أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي﴾ أرشدني إليه دينه ﴿لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ معاصيه.

(58): ﴿أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً﴾ رجعة إلى الدنيا ﴿فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ بالإيمان والعمل.

(59): ﴿بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي﴾ لتهتدي بها ﴿فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾.

(60): ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ﴾ بنسبة الشريك والولد إليه ﴿وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى﴾ مقام ﴿لِّلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ عن الإيمان، سئل الباقر (عليه السلام) عن الآية فقال كل منتحل إمامة ليس له من الله.

(61): ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ﴾ بفلاحهم أو بنجاتهم ﴿لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.

(62): ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ حفيظ يدبره.

(63): ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ مفاتيح خزائنها من المطر والنبات وجميع الخيرات ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.

(64): ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾.

(65): ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ من الرسل ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ﴾ فرضا أو من باب إياك أعني ﴿لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.

(66): ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ﴾ أي خص بالعبادة ﴿وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ﴾ إنعامه عليك.

(67): ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ ما عرفوه حق معرفته أو ما عظموه حق تعظيمه أو ما وصفوه إلا بحسب عقولهم لا بما هو أهله ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ الغرض تصوير عظمته وإحاطة قدرته أي الأرضون السبع ملكه فقط والسموات مجموعات بقدرته وقوته ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ معه من الشركاء.

(68): ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ النفخة الأولى ﴿فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ﴾ تأخير موته كحملة العرش أو غيرهم ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ﴾ يقلبون أبصارهم في الجوانب كالمبهوتين أو ينتظرون ما يفعل بهم.

(69): ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾ بعدله المزين لها والمظهر للحقوق فيها ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ﴾ جنسه أي صحائف الأعمال في أيدي أهلها ﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء﴾ الأمم وعليهم من الملائكة ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ شيئا.

(70): ﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ﴾ جزاءه ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ فلا يحتاج إلى شاهد.

(71): ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بعنف ﴿إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا﴾ أفواجا متفرقة ﴿حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا﴾ توبيخا ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ أي وجبت وهو قوله لأملأن جهنم وعدل إلى الظاهر للإشعار بسبب العذاب.

(72): ﴿قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾.

(73): ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ﴾ بلطف ﴿إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا﴾ بحسب مراتبهم في الرفعة ﴿حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَ﴾ قد ﴿فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ فالواو للحال بتقدير قد للإشعار بأن أبوابها تفتح لهم قبل مجيئهم تكرمة لهم لقوله جنات عدن مفتحة لهم الأبواب أو لأن رحمته سبقت غضبه فلا تفتح أبواب جهنم إلا عند دخول أهلها فيها ﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ بشارة بالسلامة من المكاره ﴿طِبْتُمْ﴾ نفسا أو طهرتم من الذنوب ﴿فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ وجواب إذا مقدر أي كان ما كان من الكرمات لهم.

(74): ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾ بالثواب ﴿وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ﴾ أرض الجنة ﴿نَتَبَوَّأُ﴾ ننزل ﴿مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء﴾ لأن لكل شخص جنة واسعة كثيرة المنازل الحسنة ﴿فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ الجنة.

(75): ﴿وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ﴾ محدقين ﴿مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ أي متلبسين بحمده مستغرقين في ذكره التذاذا به ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ﴾ بإدخال المتقين الجنة والكفرة النار ﴿وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ والقائل الملائكة أو المؤمنون.