سورة ص

(1): ﴿ص﴾ روي أنه عين ينبع من تحت العرش يقال لها ماء الحياة وروي أنه اسم من أسماء الله أقسم به وقيل صدق محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ الشرف أو العظة وجواب القسم محذوف أي إنه لمعجز أو إن محمدا لصادق.

(2): ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ﴾ حمية وتكبر عن الحق ﴿وَشِقَاقٍ﴾ خلاف وعداوة للرسول.

(3): ﴿كَمْ﴾ أي كثير ﴿أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ﴾ تهديد لهم ﴿فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾ أي ليس الحين حين مفر.

(4): ﴿وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ﴾ من جنسهم ﴿وَقَالَ الْكَافِرُونَ﴾ وضع موضع وقالوا تسجيلا ﴿هَذَا سَاحِرٌ﴾ في إظهار الخوارق ﴿كَذَّابٌ﴾ على الله.

(5): ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ بحصره الألوهية في واحد ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ مفرط في العجب.

(6): ﴿وَانطَلَقَ الْمَلَأُ﴾ الأشراف ﴿مِنْهُمْ﴾ يقول بعضهم لبعض: ﴿أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ﴾ على عبادتها ﴿إِنَّ هَذَا﴾ الأمر ﴿لَشَيْءٌ﴾ من نوب الدهر ﴿يُرَادُ﴾ بنا فلا يدفع.

(7): ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا﴾ الذي يقوله ﴿فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ﴾ ملة عيسى فإن آباءنا النصارى تثلث أو الذي أدركنا عليه آباءنا أو ما سمعنا بالتوحيد ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ﴾ كذب اختلقه.

(8): ﴿أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾ القرآن ﴿مِن بَيْنِنَا﴾ وليس بأعظم منا رئاسة وشرفا ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي﴾ من القرآن لتركهم النظر ﴿بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ﴾ أي لو ذاقوه لزال شكهم وصدقوا ولم ينفعهم حينئذ.

(9): ﴿أَمْ﴾ بل ﴿عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ﴾ التي من جملتها النبوة ﴿الْعَزِيزِ﴾ الغالب ﴿الْوَهَّابِ﴾ ما يشاء لمن يشاء فيخصون بها من شاءوا.

(10): ﴿أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا﴾ أي إن زعموا ذلك فليصعدوا ﴿فِي الْأَسْبَابِ﴾ في المعارج الموصلة إلى السماء فيأتوا بالوحي إلى من اختاروا.

(11): ﴿جُندٌ مَّا﴾ هم جند حقير فما مزيدة للتحقير ﴿هُنَالِكَ﴾ يوم بدر أو الخندق أو الفتح ﴿مَهْزُومٌ﴾ عما قريب ﴿مِّنَ الْأَحْزَابِ﴾ من جملة الكفار المتحزبين على الرسل وأنت غالبهم فلا تبال.

(12): ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ﴾ ذوي الجموع الكثيرة المقوية لملكه كما يقوي الوتد الشيء أو ذو الملك الثابت وقيل كان نبذ أربعة أوتاد لمن يعذبه ويشد إليها يديه ورجليه.

(13): ﴿وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ﴾ الغيضة وهم قوم شعيب ﴿أُوْلَئِكَ الْأَحْزَابُ﴾ المتحزبون على الرسل.

(14): ﴿إِن كُلٌّ﴾ منهم ﴿إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ﴾ فوجب لذلك عقابي لهم.

(15): ﴿وَمَا يَنظُرُ هَؤُلَاء﴾ أي قومك أو الأحزاب المذكورون ﴿إِلَّا صَيْحَةً﴾ نفخة ﴿وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ﴾ توقف مقدار فواق وهو ما بين الحلبتين أو رجوع لأن الواحدة تكفي أمرهم.

(16): ﴿وَقَالُوا﴾ مستهزئين ﴿رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا﴾ قسطنا من العذاب الموعود أو الجنة ﴿قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾.

(17): فقال تعالى ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ﴾ فقد ابتلي أيضا ﴿ذَا الْأَيْدِ﴾ القوة في العبادة يقوم نصف الليل ويصوم يوما ويفطر يوما ﴿إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ رجاع إلى مرضاة الله.

(18): ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ﴾ بتسبيحه ﴿بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾ الرواح والصباح.

(19): ﴿وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً﴾ مجموعة عليه تسبح معه ﴿كُلٌّ﴾ من الجبال والطير ﴿لَّهُ أَوَّابٌ﴾ رجاع إلى طاعته والتسبيح معه.

(20): ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ﴾ قويناه بإلهيته والجنود كان يحرس محرابه كل ليلة ثلاثون ألف رجل ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ﴾ النبوة والإصابة في الأمور ﴿وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ الكلام البين الدال على المقصود بلا التباس أو القضاء بالبينة واليمين أو قيل أما بعد وهو أول من تكلم بها.

(21): ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ﴾ ألم يأتك وقد أتاك الآن فتنبه له ﴿إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ﴾ صعدوا سور الغرفة.

(22): ﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ﴾ لدخولهم عليه في يوم احتجابه بلا إذن من غير الباب ﴿قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ﴾ نحن فريقان متخاصمان ﴿بَغَى﴾ تعدى ﴿بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ﴾ تجر في الحكم ﴿وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ﴾ وسطه أي العدل.

(23): ﴿إِنَّ هَذَا أَخِي﴾ في الدين أو الخلطة ﴿لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ وهو تمثيل أي له نساء كثير ولي امرأة واحدة ﴿فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا﴾ وعسر اجعلني كافلها أي ملكنيها ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ غلبني في الحجاج.

(24): ﴿قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء﴾ الشركاء ﴿لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ﴾ ما زائدة لتأكيد القلة ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ﴾ اختبرناه بتلك الحكومة ﴿فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا﴾ ساجدا ﴿وَأَنَابَ﴾ ناب.

(25): ﴿فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى﴾ لقربة قبل ذلك وبعده ﴿وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ في الجنة روي كانت خطيئته في رسم الحكم من المسارعة إلى قوله لقد ظلمك قبل أن يسأل البينة من المدعي ويقول للمدعى عليه: ما تقول.

(26): ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ﴾ في إقامة الدين وتدبير أمر الناس ﴿فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى﴾ تهيج له أو من باب إياك أعني ﴿فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ وهو طريق الحق ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ بسبب نسيانهم إياه وهو ضلالهم عن السبيل.

(27): ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا﴾ لا لغرض أو عبثا ﴿ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾ أقيم الظاهر مقام المضمر للتصريح بكفرهم وإشارة إلى العلة.

(28): ﴿أَمْ﴾ بل ﴿نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ استفهام إنكار للتسوية بين الفريقين لتأكيد نفي خلقها باطلا وكذا ﴿أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ كرر الإنكار باعتبار وصفين آخرين يمتنع من الحكيم التسوية بينهما.

(29): ﴿كِتَابٌ﴾ هذا كتاب ﴿أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ ليتأملوها ﴿وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ وليتعظ ذوو العقول فيؤمنوا.

(30): ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ رجاع إلى الله في مرضاته.

(31): ﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ﴾ بعد الظهر ﴿الصَّافِنَاتُ﴾ الصافن من الخيل القائم على ثلاث وطرف الحافر الرابعة ﴿الْجِيَادُ﴾ جمع جواد وهو السريع في الجري.

(32): ﴿فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ﴾ أردت ﴿حُبَّ الْخَيْرِ﴾ أي الخيل سماها خيرا لأنه معقود بنواصيها كما في الخبر ﴿عَن ذِكْرِ رَبِّي﴾ عن أمري إياي بحبها وارتباطها أو عن الصلاة ﴿حَتَّى تَوَارَتْ﴾ أي الشمس بدلالة العشي عليها ﴿بِالْحِجَابِ﴾ بحجاب الأفق أي غربت أو حتى غابت الخيل عن بصره حين أجريت.

(33): ﴿رُدُّوهَا﴾ أي الشمس ﴿عَلَيَّ﴾ أيها الملائكة الموكلون بها فردت فصلى كما ردت ليوشع وعلي (عليهما السلام) ﴿فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ﴾ جعل يمسح سوقها وأعناقها بيده حبابها وقيل مسحها بالسيف أي ذبحها وتصدق بلحمها وقيل وسم سوقها وأعناقها فجعلها في سبيل الله.

(34): ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ﴾ امتحناه ﴿وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا﴾ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن سليمان قال لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل واحدة فارسا يجاهد في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله فطاف عليهن فلم تحمل إلا واحدة بشق رجل ولو قال إن شاء الله لجاهدوا فرسانا ﴿ثُمَّ أَنَابَ﴾ رجع منقطعا إلى الله.

(35): ﴿قَالَ﴾ انقطاعا أو لخلاف الأولى ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي﴾ لا يكون ﴿لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي﴾ أي غيري وروي لا ينبغي لأحد من بعدي أن يقول إنه مأخوذ بالغلبة والجور ﴿إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴾.

(36): ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء﴾ لينة أي في وقت وعاصفة في آخر أو مطيعة ﴿حَيْثُ أَصَابَ﴾ أراد.

(37): ﴿وَالشَّيَاطِينَ﴾ عطف على الريح ﴿كُلَّ بَنَّاء﴾ أبنية ﴿وَغَوَّاصٍ﴾ في البحر يستخرج اللؤلؤ.

(38): ﴿وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ﴾ بعضهم على بعض ﴿فِي الْأَصْفَادِ﴾ جمع صفد وهو القيد والوثاق.

(39): ﴿هَذَا عَطَاؤُنَا﴾ أي قلنا له هذا الذي أعطيناك من الملك والتسليط ﴿فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ﴾ أعط من شئت وامنع من شئت ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ ولا حرج عليك.

(40): ﴿وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ في الجنة مع ما له من الملك في الدنيا.

(41): ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ﴾ من ولد عيص بن إسحق وزوجه ليا بنت يعقوب أو رحمة بنت إفرائيم بن يوسف ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ﴾ بتعب ﴿وَعَذَابٍ﴾ ألم.

(42): ﴿ارْكُضْ﴾ أي قيل له اضرب ﴿بِرِجْلِكَ﴾ الأرض فضربها فنبعت عين فقيل ﴿هَذَا مُغْتَسَلٌ﴾ ما تغتسل به ﴿بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾ تشرب منه فاغتسل واشرب فبرأ ظاهره وباطنه.

(43): ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ﴾ بأن ولد له ضعف ما هلك أو أحياهم ولد له مثلهم ﴿رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى﴾ عظة ﴿لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ﴾ ليصبروا كما صبر.

(44): ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا﴾ حزمة من حشيش ونحوه ﴿فَاضْرِب بِّهِ﴾ زوجتك ضربة واحدة وكان قد حلف أن يضربها مائة جلدة لإبطائها عليه أو لقول أنكره ﴿وَلَا تَحْنَثْ﴾ بترك ضربها حلل الله يمينه بذلك ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا﴾ على البلاء ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ﴾ أيوب ﴿إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ إلى الله بالانقطاع إليه.

(45): ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي﴾ القوة في الطاعة ﴿وَالْأَبْصَارِ﴾ البصيرة في الدين أو أولو العلم والعمل لأن أكثر الأعمال باليد وأقوى مبادىء المعرفة البصر.

(46): ﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ﴾ جعلناهم خالصين لنا بسبب خصلة خالصة لا شوب فيها هي ﴿ذِكْرَى الدَّارِ﴾ تذكرهم للدار الحقيقية وهي الآخرة والعمل لها.

(47): ﴿وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ﴾ المختارين ﴿الْأَخْيَارِ﴾.

(48)-(49): ﴿وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ﴾ عن الباقر (عليه السلام) أنه نبي مرسل سمي به لتكفله بصيام نهاره وقيام ليله والقول بالحق فوفى به ﴿وَكُلٌّ﴾ أي كلهم ﴿مِّنْ الْأَخْيَارِ هَذَا﴾ المذكور من أحوالهم ﴿ذِكْرٌ﴾ شرف لهم أو نوع من الذكر ﴿وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ﴾ مرجع في الآخرة.

(50): ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ﴾ لا يقفون حتى تفتح.

(51): ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ﴾ أي يتحكمون في ثمارها وشرابها فإذا قالوا لشيء منها أقبل حصل عندهم.

(52): ﴿وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ على أزواجهن ﴿أَتْرَابٌ﴾ جمع ترب وهو اللدة أي لدات أو قرينات لهم في السن.

(53): ﴿هَذَا﴾ المذكور ﴿مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ لأجله.

(54): ﴿إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ﴾ انقطاع.

(55): ﴿هَذَا﴾ أي الأمر هذا أو خذ هذا أو هذا للمؤمنين ﴿وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ﴾.

(56): ﴿جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا﴾ يدخلونها ﴿فَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ الفراش الممهد هي.

(57): ﴿هَذَا﴾ أي العذاب هذا أو مفعول فعل يفسره ﴿فَلْيَذُوقُوهُ﴾ أو مبتدأ خبره ﴿حَمِيمٌ﴾ ماء شديد الحرارة ﴿وَغَسَّاقٌ﴾ ما يغسق أي يسيل من صديد أهل النار.

(58): ﴿وَآخَرُ﴾ ومذوق آخر ﴿مِن شَكْلِهِ﴾ من مثل الحميم والغساق في الشدة ﴿أَزْوَاجٌ﴾ أنواع.

(59): ﴿هَذَا فَوْجٌ﴾ جمع ﴿مُّقْتَحِمٌ﴾ داخل بشدة ﴿مَّعَكُمْ﴾ النار فيقول القادة ﴿لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ﴾ داخلوها مثلنا.

(60): ﴿قَالُوا﴾ أي الأتباع ﴿بَلْ أَنتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنتُمْ﴾ أحق بما قلتم أنتم ﴿قَدَّمْتُمُوهُ﴾ أي العذاب ﴿لَنَا﴾ بحملكم إيانا على العمل الذي هذا جزاؤه ﴿فَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾ المقر لنا ولكم جهنم.

(61): ﴿قَالُوا﴾ أيضا ﴿رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ﴾ مضاعفا بأن تزيد على عذابه فيصير ضعفين.

(62): ﴿وَقَالُوا﴾ أي أهل النار ﴿مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ﴾ يعنون المؤمنين أو فقراءهم الذين يسترذلونهم وعن الصادق (عليه السلام) يعنونكم معشر الشيعة لا يرون والله واحدا منكم في النار.

(63): ﴿أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا﴾ استفهام إنكار على أنفسهم ﴿أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ﴾ فلم نرهم.

(64): ﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾ المحكي عنهم ﴿لَحَقٌّ﴾ واجب الوقوع وهو ﴿تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ بعضهم لبعض.

(65): ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ﴾ مخوف بالعذاب ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ لكل شيء.

(66): ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ﴾ الغالب على أمره ﴿الْغَفَّارُ﴾ لذنوب من يشاء.

(67): ﴿قُلْ هُوَ﴾ ما أنبئتم به من التوحيد والنبوة والبعث أو القرآن ﴿نَبَأٌ عَظِيمٌ﴾.

(68): ﴿أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾ لا تنظرون في حججه.

(69): ﴿مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى﴾ أي الملائكة ﴿إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ يتقاولون فإنبائي بتقاولهم لا يكون إلا عن وحي وشبه بالتخاصم لأنه سؤال وجواب وإذ ظرف ل علم.

(70): ﴿إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾.

(71): ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ﴾.

(72): ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ﴾ عدلته ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ﴾ تكرمة ﴿سَاجِدِينَ﴾ لله.

(73): ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ تأكيدان.

(74): ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ﴾ فسر في البقرة.

(75): ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ بنفسي بلا توسط سبب والتنبيه تشعر بمزيد العناية بخلقه ﴿أَسْتَكْبَرْتَ﴾ طلبت الكبر من غير استحقاق ﴿أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ المستحقين للتفوق.

(76): ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ فسر في الأعراف.

(77)-(78)-(79)-(80)-(81): ﴿قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾﴿قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ﴾﴿إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ فسر في الحجر.

(82): ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.

(83): ﴿إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ الذين أخلصتهم لطاعتك أو أخلصوا دينهم لك.

(84): ﴿قَالَ فَالْحَقُّ﴾ أي أحق الحق ﴿وَالْحَقَّ﴾ مفعول ﴿أَقُولُ﴾ أو الأول بنزع حرف القسم ويراد به اسم الله وقرىء بالرفع مبتدأ أي الحق قسمي أو خبر أي أنا الحق وجواب القسم.

(85): ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ﴾ من جنسك وهم الشياطين ﴿وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ﴾ من الناس ﴿أَجْمَعِينَ﴾ تأكيد للجنسين.

(86): ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ على تبليغ الوحي والقرآن ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ المنتحلين لما لا حجة عليه من النبوة والقرآن.

(87): ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ﴾ عظة ﴿لِّلْعَالَمِينَ﴾ للثقلين.

(88): ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ﴾ خبر صدقه ﴿بَعْدَ حِينٍ﴾ بعد الموت أو يوم القيامة.