سورة لقمان

(1)-(2): ﴿الم تِلْكَ﴾ الآيات ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴾ المحكم أو ذي الحكمة.

(3): ﴿هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ﴾.

(4): ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ بيان للمحسنين وكرر هم تأكيدا.

(5): ﴿أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ فسر في البقرة.

(6): ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ ما يلهي عن الخير كالغناء والأكاذيب والمضاحك وفضول الكلام ﴿لِيُضِلَّ﴾ الناس ﴿عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ دينه ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ ولا بصيرة حيث يشتري الباطل بالحق ﴿وَيَتَّخِذَهَا﴾ أي السبل ﴿هُزُوًا﴾ سخرية ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ ذو إهانة.

(7): ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا﴾ متكبرا ﴿كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا﴾ مشبها من لم يسمعها ﴿كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا﴾ مشبها الأصم ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ أعلمه به والبشارة تهكم.

(8): ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ﴾.

(9): ﴿خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

(10): ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ فسر في الرعد ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ﴾ جبالا ثوابت كراهة ﴿أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا﴾ التفات إلى التكلم ﴿مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ صنف ذي منافع.

(11): ﴿هَذَا﴾ الذي ذكر ﴿خَلْقُ اللَّهِ﴾ مخلوقة ﴿فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ﴾ أي آلهتكم حتى أشركتموها به ﴿بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ وضع الظاهر موضع المضمر إيذانا بالعلة.

(12): ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ﴾ ابن باعور ابن أخت أيوب أو خالته وعمر حتى أدرك داود ﴿الْحِكْمَةَ﴾ تشمل العقل والعلم والعمل به والإصابة في القول ﴿أَنِ﴾ لأن أو أي ﴿اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ لعود نفعه إليها ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ﴾ عن الشكر ﴿حَمِيدٌ﴾ حقيق بالحمد وإن لم يحمدوا.

(13): ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ قيل كان كافرا فما زال به حتى أسلم ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ لأنه تسوية بين أشرف الموجودات وأخس المخلوقات.

(14): ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا﴾ تهن وهنا ﴿عَلَى وَهْنٍ﴾ ضعفا فوق ضعف إذ كلما ازداد الحمل ازدادت ضعفا ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ وهما مدة رضاعه ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ فأجازيك بعملك.

(15): ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أريد بنفي العلم به نفيه أي ما ليس بشيء يعني الأصنام ﴿فَلَا تُطِعْهُمَا﴾ في ذلك ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ شرعا وعرفا ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ﴾ رجع ﴿إِلَيَّ﴾ بالطاعة ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ جميعا ﴿فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ بعمله.

(16): ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا﴾ أي الخصلة من الإساءة والإحسان ﴿إِن تَكُ مِثْقَالَ﴾ زنة ﴿حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ﴾ في أخفى موضع كجوف الصخرة أو أعلاها كالسموات أو أسفله كالأرض ﴿يَأْتِ بِهَا اللَّهُ الْأَصْوَاتِ﴾ يحضرها فيحاسب عليها ﴿إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ﴾ نافذ القدرة ﴿خَبِيرٌ﴾ بكل خفي.

(17): ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ﴾ من المصائب في ذلك أو مطلقا ﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ من معزوماتها التي عزمها الله.

(18): ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ لا تمله عنهم تكبرا من الصعر داء يلوي عنق البعير وقرىء تصاعر ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾ تمرح مرحا أو لأجل المرح وهو البطر ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ علة النهي والمختال مقابل الماشي مرحا والفخور للمصعر خده وعكس الترتيب للفاصلة.

(19): ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾ توسط فيه بين الدبيب والإسراع بسكينة ووقار ﴿وَاغْضُضْ﴾ أقصر واخفض ﴿مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ﴾ أقبحها ﴿لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ الحمار ونهاقه مثلان للذم.

(20): ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ من النيرات لمنافعكم ﴿وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ من الحيوان وغيره ﴿وَأَسْبَغَ﴾ أوسع وأتم ﴿عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ محسوسة ومعقولة أو معلومة قال الباقر (عليه السلام): الظاهرة النبي وما جاء به والباطنة ولايتنا أهل البيت ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ﴾ في توحيده ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أخذ عن حجة ﴿وَلَا هُدًى﴾ عن رسول ﴿وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ﴾ أنزل الله بل بالتقليد.

(21): ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا﴾ ذمهم على التقليد ﴿أَوَلَوْ﴾ إنكار أي أيتبعونه والحال لو ﴿كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ إلى ما يوجبه.

(22): ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ﴾ يفوض أمره إليه وعدي باللام لتضمنه معنى أخلص ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ لعمله ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ المحكمة وهو تمثيل للمعلوم بالمحسوس ﴿وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ مصيرها.

(23): ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ﴾ يغمك ﴿كُفْرُهُ﴾ فإنه لا يضرك ﴿إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا﴾ بالعقاب عليه ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ بما فيها كغيره فيجازي عليه.

(24): ﴿نُمَتِّعُهُم﴾ في دنياهم زمانا ﴿قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ﴾ في الآخرة ﴿إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ شديد ثقيل عليهم.

(25): ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ مقرين بأنه خالقها ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ على إلزامهم الحجة ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ لزومها لهم.

(26)-(27): ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ملكا وخلقا ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ على الإطلاق ﴿الْحَمِيدُ﴾ بالاستحقاق ﴿وَلَوْ﴾ ثبت ﴿أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ الدالة على علمه وحكمه بكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد لعدم تناهيها وجمع القلة يشعر بأن ذلك لا يفي بقليلها دون كثيرها ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ﴾ لا يعجزه شيء ﴿حَكِيمٌ﴾ لا يخرج عن علمه وحكمته شيء.

(28): ﴿مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ كخلقها وبعثها في قدرته فيكفي فيه إرادته ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ لكل مسموع ومبصر.

(29): ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ﴾ يدخله ﴿فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾ فينقص من كل ما يزيد في الآخر ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ﴾ منها ﴿يَجْرِي﴾ في فلكه ﴿إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ إلى وقت معلوم ﴿وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.

(30): ﴿ذَلِكَ﴾ المذكور من قدرته ﴿بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾ بسبب أنه الثابت ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ﴾ الزائل ﴿وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ﴾ على كل شيء ﴿الْكَبِيرُ﴾ عن أن يعد له شيء.

(31): ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ﴾ بفضله ورحمته ﴿لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ﴾ الدالة على تفرده بالإلهية والقدرة والحكمة ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾ دلالات ﴿لِّكُلِّ صَبَّارٍ﴾ على بلائه ﴿شَكُورٍ﴾ لنعمائه.

(32): ﴿وَإِذَا غَشِيَهُم﴾ أي الكفار ﴿مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ﴾ هو ما يظل من جبل أو سحاب أو غيرهما ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ الدعاء لا يدعون سواه ﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ﴾ متوسط في الكفر منزجر بعض الانزجار أو ثابت على الطريق القصد وهو الإيمان ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا﴾ ومنها الإنجاء من البحر ﴿إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ﴾ غدار شديد الغدر ﴿كَفُورٍ﴾ لنعم الله.

(33): ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ﴾ لا يغني عنه شيئا فيه ﴿وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا﴾ وغير النظم تأكيدا لعدم نفع المولود ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ بالبعث والجزاء ﴿حَقٌّ﴾ لا خلف فيه ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ الشيطان بأن يمنيكم المغفرة فيجرئكم على الذنوب.

(34): ﴿إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ علم وقت قيامها ﴿وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ بوقته المعين له في علمه ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ أذكر أم أنثى تام أم ناقص ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ من خير وشر ويعلمه الله ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ ويعلمه الله ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.