سورة الحجر

(1): ﴿الَرَ تِلْكَ﴾ الآيات ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ أي القرآن والإضافة بمعنى من أو السورة ﴿وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ﴾ أي آيات الجامع لكونه كتابا وقرآنا مبينا للحق من الباطل ونكر تفخيما.

(2): ﴿رُّبَمَا﴾ بالتخفيف والتشديد وما كافة أو نكرة موصوفة ﴿يَوَدُّ﴾ يتمنى ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ يوم القيامة إذا صاروا إلى النار وصار المسلمون إلى الجنة ﴿لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ﴾.

(3): ﴿ذَرْهُمْ﴾ دعهم ﴿يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ﴾ بدنياهم ﴿وَيُلْهِهِمُ﴾ يشغلهم ﴿الأَمَلُ﴾ الطويل الكاذب عن الإيمان ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ وبال ما صنعوا إذا حل بهم.

(4): ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾ أجل مضروب بهلاكها كتب في اللوح.

(5): ﴿مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ يتأخرون عنه والتذكير باعتبار المعنى.

(6): ﴿وَقَالُواْ﴾ للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) تهكما ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾ القرآن في زعمه ﴿إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ إذ تدعي أنه نزل عليك.

(7): ﴿لَّوْ مَا﴾ هلا ﴿تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ﴾ ليشهدوا بصدقك أو ليعاقبونا على تكذيبك ﴿إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ في دعواك.

(8): ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ﴾ وقرىء بالتاء مبنيا للفاعل والمفعول ﴿إِلاَّ بِالحَقِّ﴾ بمقتضى الحكمة ﴿وَمَا كَانُواْ إِذًا﴾ أي حين نزولهم ﴿مُّنظَرِينَ﴾ ممهلين.

(9): ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ القرآن وأكد لأنه رد لإنكارهم ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ عند أهل الذكر واحدا بعد واحد إلى القائم أو في اللوح وقيل الضمير للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم).

(10): ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ﴾ رسلا ﴿فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ﴾ فرقهم.

(11): ﴿وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ﴾ كما استهزأ هؤلاء بك وهو تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم).

(12): ﴿كَذَلِكَ﴾ أي كما أنزلنا الذكر أو كما سلكنا دعوة الرسل في قلوب الشيع ﴿نَسْلُكُهُ﴾ ندخل الذكر أي القرآن ﴿فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ مشركي قومك.

(13): ﴿لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ حال من الهاء في نسلكه أي غير مؤمنين به ﴿وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾ أي مضت سنة الله فيهم من إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم وهؤلاء مثلهم.

(14): ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ﴾ في الباب ﴿يَعْرُجُونَ﴾ يصعدون إليها أو تصعد الملائكة وهم يرونهم.

(15): ﴿لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ سدت عن الأبصار ﴿بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ﴾ سحرنا محمد.

(16): ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا﴾ اثنى عشر دالة باختلاف طباعها وخواصها مع تساويها في الحقيقة على صانع حكيم ﴿وَزَيَّنَّاهَا﴾ بالكواكب ﴿لِلنَّاظِرِينَ﴾ نظر اعتبار بل لكل ناظر إليها.

(17): ﴿وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ﴾ فلا يدخلونها ولا يطلعون على حالها.

(18): ﴿إِلاَّ﴾ لكن ﴿مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ خطفه منها ﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ﴾ شعلة نار ظاهرة لمن يراها ويقال للكوكب.

(19): ﴿وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا﴾ بسطناها ﴿وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ جبالا ثوابت ﴿وَأَنبَتْنَا فِيهَا﴾ في الأرض ﴿مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ﴾ بميزان الحكمة أو مناسب كقولهم كلام موزون أو ما يوزن من معدن ونبات.

(20): ﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ﴾ ما تعيشون به من المطاعم والملابس ﴿وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ عطف على.

(21): ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ﴾ أي القدرة على إيجاده متضاعفا إلى ما لا نهاية له والخزائن تمثيل لاقتداره تعالى ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ﴾ نوجده ﴿إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ تقتضيه الحكمة.

(22): ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ﴾ وقرىء الريح ﴿لَوَاقِحَ﴾ ملقحات للسحاب أو الشجر أو لاقحات أي حوامل للسحاب أو الماء ﴿فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ ﴾ جعلناه لكم سقيا ﴿وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ أي ليس عندكم خزائنه أو لا تقدرون على حفظه في العيون والآبار.

(23): ﴿وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ الباقون بعد فناء الخلق.

(24): ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ متقدمي الخلق زمانا ومتأخريهم أو من تقدم في الخبر ومن أبطأ عنهم من الأموات والأحياء أو الأعم من الجميع.

(25)-(26): ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ﴾ للجزاء لا يقدر على ذلك سواه ﴿إِنَّهُ حَكِيمٌ﴾ في أفعاله ﴿عَلِيمٌ﴾ بكل شيء ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ﴾ آدم ﴿مِن صَلْصَالٍ﴾ طين يابس إذا نقر صلصل أي صوت ﴿مِّنْ حَمَإٍ﴾ طين متغير أسود ﴿مَّسْنُونٍ﴾ مصبوب أي أفرغ صورة كما يفرغ الجواهر المذابة.

(27): ﴿وَالْجَآنَّ﴾ أبا الجن ﴿خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ﴾ قبل آدم ﴿مِن نَّارِ السَّمُومِ﴾ نار الريح الحارة النافذة في المسام أو نار لا دخان لها فمن قدر على ابتداء خلق الثقلين من العنصرين وإفاضة الحياة عليهم قدر على إعادتهم وإحيائهم مرة أخرى.

(28): ﴿وَإِذْ﴾ واذكر إذ ﴿قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾.

(29): ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ﴾ عدلت صورته وأتممته ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾ النفخ إجراء الريح في تجويف جسم وإضافته إليه تعالى للتشريف ﴿فَقَعُواْ لَهُ﴾ لتكريمه ﴿سَاجِدِينَ﴾ لله تعالى.

(30): ﴿فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ الملائكة تأكيد ثان للمبالغة في الشمول.

(31)-(32)-(33): ﴿إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ لأنه جسماني وأنا روحاني عارض النص بالقياس الباطل.

(34): ﴿قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا﴾ من الجنة أو السماء ﴿فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ مطرود أو مرجوم بالشهب.

(35): ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ إما يراد به التأبيد عرفا أو أنه يعذب بعده بما ينسى معه اللعن.

(36): ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي﴾ أخرني ﴿إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ استنظره إلى وقت لأموت فيه لئلا يموت فلم يجبه إليه بل.

(37): ﴿قَالَ﴾ له ﴿فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ﴾.

(38): ﴿إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ إلى النفخة الأولى أو وقت أجلك المسمى وقيل يوم القيامة.

(43): ﴿قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي﴾ نسب الإغواء إليه تعالى على طريقة الأشاعرة والجبرية ﴿لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ﴾ المعاصي ﴿فِي الأَرْضِ﴾ في الدنيا ﴿وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ بالدعاء إلى الضلال حتى يضلوا.

(44): ﴿إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ بكسر اللام أي أخلصوا دينهم لله وبفتحها أي أخلصتهم لطاعتك.

(41): ﴿قَالَ﴾ تعالى ﴿هَذَا﴾ أي الإخلاص ﴿صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ أي على أن أراعيه أو على رضواني مروره.

(42): ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ تسلط ﴿إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ فإنه باختياره جعل لك على نفسه سلطانا والاستثناء منقطع إن أريد بالعباد المخلصون ومتصل إن عمم.

(43): ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ﴾ أي إبليس ومن اتبعه ﴿أَجْمَعِينَ﴾ تأكيد للضمير.

(44): ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ﴾ أطباق أسفلها جهنم ثم لظى ثم الجحيم ثم الهاوية ثم السعير وقيل قسم قرار جهنم سبعة أقسام لكل قسم بابه ﴿لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ﴾ من الأتباع ﴿جُزْءٌ مَّقْسُومٌ﴾ مقرر على حسب مراتبهم في المتابعة.

(45): ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ﴾ للشرك والمعاصي ﴿فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ هي الأنهار من ماء وخمر وعسل ولبن أو منابع.

(46): ﴿ادْخُلُوهَا﴾ بتقدير القول ﴿بِسَلاَمٍ﴾ بسلامة من الآفات ﴿آمِنِينَ﴾ من كل مخوف.

(47): ﴿وَنَزَعْنَا﴾ في الجنة ﴿مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾ حقد كان في الدنيا ﴿إِخْوَانًا﴾ حال منهم وكذا ﴿عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ لا يرى بعضهم قفا بعض لدوران الأسرة بهم.

(48): ﴿لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ﴾ تعب ﴿وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ أبدا وذلك تمام النعمة.

(49): ﴿نَبِّىءْ﴾ خبر ﴿عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ﴾ للمؤمنين ﴿الرَّحِيمُ﴾ بهم.

(50): ﴿وَأَنَّ عَذَابِي﴾ لمستحقيه ﴿هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ﴾ الآيتان تقرير لما مر من الوعد والوعيد.

(51): ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ﴾.

(52): ﴿إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ﴾ الملائكة سلمنا ﴿سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ﴾ خائفون لدخولهم بلا إذن وامتناعهم من الأكل.

(53): ﴿قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ﴾ لا تخف ﴿إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ﴾ وهو إسحق.

(54): ﴿فَقَالُواْ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ﴾ حال أي مع مسه إياي قاله بالنظر إلى خرق العادة لا شكا في قدرته تعالى وكذا قوله ﴿فَبِمَ﴾ فبأي شيء ﴿تُبَشِّرُونَ﴾.

(55): ﴿قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ قَالُواْ﴾ بما يقع البتة أو بوجه هو حق وهو أمر الله القادر أن يخلق بشرا من غير الأبوين فكيف من هرمين ﴿فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ﴾ الآيسين.

(56): ﴿قَالَ وَمَن﴾ أي لا ﴿يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ﴾ الجاهلون قدرته وسعة رحمته.

(57): ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ﴾.

(58): ﴿إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ﴾ أي قوم لوط.

(59): ﴿إِلاَّ آلَ لُوطٍ﴾ استثناء منقطع من قوم لتقيدهم بالأجرام أو متصل من الضمير في مجرمين أي إلى قوم أجرم كلهم إلا آل لوط منهم ﴿إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ متصل بآل لوط كالخبر لكن إن انقطع الاستثناء واستيناف إن اتصل.

(60): ﴿إِلاَّ امْرَأَتَهُ﴾ استثناء من آل لوط أو من ضمير هم ﴿قَدَّرْنَا﴾ أي قضينا ﴿إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ﴾ الباقين مع المهلكين.

(61): ﴿فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ﴾.

(62): ﴿قَالَ﴾ لهم لوط ﴿إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ﴾ أي إني أنكركم خاف أن يطرقوه بشر.

(63): ﴿قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا﴾ يسرك وهو العذاب الذي ﴿كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ يشكون حين توعدتهم.

(64): ﴿وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ﴾ بعذابهم المتقين ﴿وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ في قولنا.

(65): ﴿فَأَسْرِ﴾ بالقطع والوصل ﴿بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ﴾ بطائفة ﴿مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ﴾ سر خلفهم لتعلم حالهم وتسوقهم ﴿وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ﴾ لا ينظر وراءه لئلا يرى عذابهم فيفزع أو لا يتخلف فيعمه العذاب ﴿وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ﴾ بالمضي إليه وهو الشام أو مصر.

(66): ﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ﴾ أي أوحينا إليه مقضيا ﴿ذَلِكَ الأَمْرَ﴾ يفسره ﴿أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ﴾ أي يستأصلون عن آخرهم ﴿مُّصْبِحِينَ﴾ داخلين في الصبح.

(67): ﴿وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ بالملائكة طمعا فيه إذ كانوا في صور مرد حسان.

(68): ﴿قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ﴾ بفضيحتهم.

(69): ﴿وَاتَّقُوا اللّهَ﴾ فيما حرم ﴿وَلاَ تُخْزُونِ﴾ بسببهم أو تخجلوني فيهم.

(70): ﴿قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ عن أن تضيف منهم أحدا أو أن تجير أحدا.

(71): ﴿قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي﴾ من الصلب أو أراد نساءهم كما مر في هود ﴿إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ﴾ قضاء الوطر فتزوجوهن.

(72): ﴿لَعَمْرُكَ﴾ قسمي أقسم تعالى بحياة النبي وقيل هو قول الملائكة للوط ﴿إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ﴾ ضلالتهم ﴿يَعْمَهُونَ﴾ يتحيرون.

(73): ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ﴾ الهائلة ﴿مُشْرِقِينَ﴾ في حال شروق الشمس.

(74): ﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا﴾ بأن رفعها جبرائيل وقلبها ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ﴾ طين متحجر.

(75): ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ المتفرسين الذين ينظرون الأشياء بنورانية فيعرفونها.

(76): ﴿وَإِنَّهَا﴾ أي قراهم ﴿لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ﴾ ثابت يسلكه المارة ويرون آثارهم.

(77): ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً﴾ لعبرة ﴿لِّلْمُؤمِنِينَ﴾.

(78): ﴿وَإِن﴾ إنه ﴿كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ﴾ الشجر الملتف وهو غيضة بقرب مدين وهم قوم شعيب كانوا يسكنونها ﴿لَظَالِمِينَ﴾ بكفرهم.

(79): ﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ بإهلاكهم بالحر والظلة وهي سحابة استظلوا بها من الحر فأحرقتهم بصاعقة ﴿وَإِنَّهُمَا﴾ أي سدوم والأيكة أو الأيكة ومدين لدلالة الأيكة عليها لأنه بعث إليهما ﴿لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ بطريق واضح وسمي إماما لأنه يؤم وكذا اللوح.

(80): ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ﴾ واد بين المدينة والشام وهم ثمود كانوا يسكنونه ﴿الْمُرْسَلِينَ﴾ لأن تكذيبهم صالحا تكذيب لسائر الرسل لمجيء الكل بالتوحيد.

(81): ﴿وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا﴾ الناقة وما فيها من المعجزات ﴿فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ لا يعتبرون بها.

(82): ﴿وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ﴾ من خرابها وسقوطها عليهم أو من العذاب.

(83): ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ﴾ داخلين في الصباح.

(84): ﴿فَمَا أَغْنَى﴾ دفع ﴿عَنْهُم﴾ العذاب ﴿مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ من نحت القصور وجمع المال.

(85): ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ إلا متلبسة بالحكم والأغراض الصحيحة ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ﴾ فيجازي كلا بعلمه ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ أعرض عن قومك إعراضا بحلم قيل نسخ بآية السيف وقيل هو في حقوقه فلا نسخ.

(86): ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ﴾ الكثير الخلق ﴿الْعَلِيمُ﴾ بخلقه وتدبيرهم.

(87): ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا﴾ هي الفاتحة وقيل السور السبع الطوال ﴿مِّنَ الْمَثَانِي﴾ بيان للسبع وهي من الثناء لأنها يثني على الله أو من التثنية لأنها تثنى تلاوتها أو ألفاظها ﴿وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ من عطف الكل على الجزء، وعنهم (عليهم السلام) نحن المثاني التي أعطاها الله نبيه، أقول وجهه أن أسماءهم بعد إسقاط المكرر سبع وأنهم ثاني الثقلين.

(88): ﴿لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ لا تنظرن نظر راغب ﴿إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ﴾ أصنافا من الكفار فإنه حقير بالنسبة إلى ما أوتيته من القرآن وغيره فإنه المؤدي إلى النعيم الباقي ﴿وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ إن لم يؤمنوا ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ﴾ ألن جانبك ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.

(89): ﴿وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ﴾ للخلق من عذاب الله ﴿الْمُبِينُ﴾ للإنذار بالحجج.

(90): ﴿كَمَا أَنزَلْنَا﴾ متعلق بآتيناك أي أنزلنا عليك القرآن كما أنزلنا ﴿عَلَى المُقْتَسِمِينَ﴾ وهم أهل الكتاب.

(91): ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾ أجزاء حيث آمنوا ببعض وكفروا ببعض.

(92): ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ﴾ أي المقتسمين أو جميع المكلفين.

(93): ﴿عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فيجازيهم عليه.

(94): ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾ اجهر به أو فرق بين الحق والباطل ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ لا تبال بهم ولا تلتفت إليهم.

(95): ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ بإهلاكهم وكانوا خمسة أو ستة من أشراف قريش أهلك كل منهم بآية.

(96): ﴿الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ سوء عاقبتهم.

(97): ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾ من تكذيبك والطعن في القرآن.

(98): ﴿فَسَبِّحْ﴾ متلبسا ﴿بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾ المصلين وكان (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذا أفزعه أمر فزع إلى الصلاة.

(99): ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ الموت لأنه متيقن أي اعبده ما دمت حيا.