الآيات 54-59

وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴿54﴾ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴿55﴾ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿56﴾ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ ﴿57﴾ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ ﴿58﴾ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿59﴾

القراءة:

قرأ أهل البصرة وعاصم ﴿يشركون﴾ بالياء والباقون بالتاء على الخطاب وفي الشواذ قراءة الحسن فما كان جواب قومه بالرفع.

الحجة:

الأولى أن يكون ﴿جواب قومه﴾ خبر كان والاسم قوله ﴿إن قالوا﴾ لشبه إن بالمضمر من حيث كانت لا توصف والمضمر أعرف من المظهر وقد تقدم القول في هذا.

المعنى:

ثم ذكر سبحانه قصة لوط عاطفا بها على ما تقدم فقال ﴿ولوطا﴾ أي وأرسلنا لوطا ﴿إذ قال لقومه﴾ منكرا عليهم أفعالهم ﴿أتأتون الفاحشة﴾ يعني الخصلة القبيحة الشنيعة الظاهرة القبح وهي إتيان الذكران في أدبارهم ﴿وأنتم تبصرون﴾ أي تعلمون أنها فاحشة وقيل معناه وأنتم يرى بعضكم ذلك من بعض ثم بين سبحانه الفاحشة التي يأتونها فقال ﴿إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء﴾ اللاتي خلقهن الله لكم ﴿بل أنتم قوم تجهلون﴾ أي تفعلون أفعال الجهال قال ابن عباس تجهلون القيامة وعاقبة العصيان ﴿فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم أنهم أناس يتطهرون﴾ عن إتيان الرجال في أدبارهم ﴿فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها﴾ أي جعلناها ﴿من الغابرين﴾ أي الباقين في العذاب ﴿وأمطرنا عليهم مطرا﴾ وهو الحجارة ﴿فساء مطر المنذرين﴾ الذين أبلغهم لوط النذارة وأعلمهم بموضع المخافة ليتقوها فخالفوا ذلك ثم قال سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿قل﴾ يا محمد ﴿الحمد لله﴾ شكرا على نعمه بأن وفقنا للإيمان وقيل الحمد لله على هلاك الأمم الكافرة ﴿وسلام على عباده الذين اصطفى﴾ أي اصطفاهم الله واجتباهم واختارهم على بريته وهم الأنبياء عن مقاتل وقيل هم أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ابن عباس والحسن وقيل هم أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعنى السلام عليهم أنهم سلموا مما عذب الله به الكفار عن الكلبي وقيل هم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عن علي بن إبراهيم ثم قال سبحانه مخاطبا للمشركين ﴿آلله خير أما يشركون﴾ يا أهل مكة يعني الله خير لمن عبده أم الأصنام لعابديها وهذا إلزام للحجة على المشركين بعد ذكر هلاك الكفار والمعنى أن الله تعالى نجى من عبده من الهلاك والأصنام لم تغن شيئا عن عابديها عند نزول العذاب وإنما قال ذلك لأنهم توهموا في عبادة الأصنام خيرا.