الآيات 21-30
هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴿21﴾ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴿22﴾ مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ﴿23﴾ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ﴿24﴾ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ ﴿25﴾ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ ﴿26﴾ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴿27﴾ قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ﴿28﴾ قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴿29﴾ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ ﴿30﴾
المعنى:
ثم أخبر سبحانه عن حالهم أيضا فقال ﴿هذا يوم الفصل﴾ بين الخلائق والحكم وتمييز الحق من الباطل على وجه يظهر لجميعهم الحال فيه وذلك بأن يدخل المطيع الجنة على وجه الإكرام ويدخل العاصي النار على وجه الإهانة ﴿الذي كنتم﴾ يا معشر الكفار ﴿به تكذبون﴾ وهذا كلام بعضهم لبعض وقيل بل هو كلام الملائكة ثم حكى سبحانه ما يقوله للملائكة بأن قال ﴿احشروا الذين ظلموا﴾ أنفسهم بارتكاب المعاصي أي اجمعوهم من كل جهة وقيل ظلموا أنفسهم بمخالفتهم أمر الله سبحانه وبتكذيبهم الرسل وقيل ظلموا الناس ﴿وأزواجهم﴾ أي وأشباههم عن ابن عباس ومجاهد ومثله وكنتم أزواجا ثلاثة أي أشباها وأشكالا ثلاثة فيكون المعنى أن صاحب الزنا يحشر مع أصحاب الزنا وصاحب الخمر مع أصحاب الخمر إلى غيرهم وقيل وأشياعهم من الكفار عن قتادة وقيل وأزواجهم المشركات كأنه قال احشروا المشركين والمشركات عن الحسن وقيل وأتباعهم على الكفر ونظراؤهم وضرباؤهم ﴿وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم﴾ إنما عبر عن ذلك بالهداية من حيث كان بدلا من الهداية إلى الجنة كقوله فبشرهم بعذاب أليم من حيث أن هذه البشارة وقعت لهم بدلا من البشارة بالنعيم ﴿وقفوهم﴾ أي قفوا هؤلاء الكفار واحبسوهم عن دخول النار ﴿إنهم مسئولون﴾ روى أنس بن مالك مرفوعا إنهم مسئولون عما دعوا إليه من البدع وقيل مسئولون عن أعمالهم وخطاياهم عن الضحاك وقيل عن قول لا إله إلا الله عن ابن عباس وقيل عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن أبي سعيد الخدري وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا حدثناه عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني بالإسناد يقال وقفت أنا ووقفت غيري وبعض بني تميم يقول أوقفت الدابة والدار وأنشد الفراء:
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا
وإن نحن أومأنا إلى الناس أوقفوا
﴿ما لكم لا تناصرون﴾ أي لا تتناصرون وهذا على وجه التوبيخ والتبكيت أي ما لكم لا ينصر بعضكم بعضا في دفع العذاب والتقدير ما لكم غير متناصرين ثم بين سبحانه أنهم لا يقدرون على التناصر فقال ﴿بل هم اليوم مستسلمون﴾ أي منقادون خاضعون ومعنى الاستسلام أن يلقي بيده غير منازع فيما يراد منه ﴿وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون﴾ هذا إخبار منه سبحانه أن كل واحد منهم يقبل على صاحبه الذي أغواه فيقول له على وجه التأنيب والتعنيف لم غررتني ويقول ذلك له لم قبلت مني وقيل يقبل الأتباع على المتبوعين والمتبوعون على الأتباع يتلاومون ويتعاتبون ويتخاصمون ﴿قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين﴾ أي يقول الكفار لغواتهم إنكم كنتم تأتوننا من جهة النصيحة واليمن والبركة ولذلك أقررنا لكم والعرب تتيمن بما جاء من اليمين عن الجبائي وقيل معناه كنتم تأتوننا من قبل الدين فتروننا أن الحق والدين ما يضلوننا به واليمين عبارة عن الحق عن الزجاج وقيل معناه كنتم تأتوننا من قبل القوة والقدرة فتخدعوننا من أقوى الوجوه ومنه قوله فراغ عليهم ضربا باليمين عن الفراء ﴿قالوا﴾ في جواب ذلك ليس الأمر كما قلتم ﴿بل لم تكونوا مؤمنين﴾ مصدقين بالله ﴿وما كان لنا عليكم من سلطان﴾ أي قدرة وقوة فنجبركم على الكفر فلا تسقطوا اللوم عن أنفسكم فإنه لازم لكم ولاحق بكم ﴿بل كنتم قوما طاغين﴾ أي خارجين عن الحق باغين تجاوزتم الحد إلى أفحش الظلم وأعظم المعاصي.