الآيات 46-50
وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاء يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ ﴿46﴾ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ ﴿47﴾ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ ﴿48﴾ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ ﴿49﴾ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴿50﴾
المعنى:
ثم أخبر سبحانه عن الظالمين الذين ذكرهم فقال ﴿وما كان لهم من أولياء﴾ لا فيما عبدوه من دونه ولا فيمن أطاعوه في معصيته أي نصار ﴿ينصرونهم من دون الله﴾ ويدفعون عنهم عقابه ﴿ومن يضلل الله فما له من سبيل﴾ يوصله إلى الجنة ثم قال سبحانه ﴿استجيبوا لربكم﴾ أي أجيبوا داعي ربكم يعني محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما دعاكم إليه ورغبكم فيه من المصير إلى طاعته والانقياد لأمره ﴿من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله﴾ أي لا رجوع بعده إلى الدنيا وقيل معناه لا يقدر أحد على رده ودفعه وهو يوم القيامة عن الجبائي وقيل معناه لا يرد ولا يؤخر عن وقته وهو يوم الموت عن أبي مسلم ﴿ما لكم من ملجأ يومئذ﴾ أي معقل يعصمكم من العذاب ﴿وما لكم من نكير﴾ أي إنكار وتغيير للعذاب وقيل من نصير منكر ما يحل بكم ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿فإن أعرضوا﴾ يعني الكفار أي عدلوا عما دعوتهم إليه ﴿فما أرسلناك عليهم حفيظا﴾ أي مأمورا بحفظهم لئلا يخرجوا عما دعوتهم إليه كما يحفظ الراعي غنمه لئلا يتفرقوا أي فلا تحزن لإعراضهم ﴿إن عليك إلا البلاغ﴾ أي ليس عليك إلا إيصال المعنى إلى أفهامهم والبيان لما فيه رشدهم ﴿وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة﴾ وأوصلنا إليه نعمة ﴿فرح بها﴾ أي بطر لأن الفرح المراد هنا ما قارنه أشر أو جحودا وإنكار لأنه خرج مخرج الذم وقيل أن الرحمة هنا العافية ﴿وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم﴾ أي قحط أو فقر أو مرض أو غير ذلك مما يسؤهم ﴿فإن الإنسان كفور﴾ بعدد المصيبة ويجحد النعم ثم بين سبحانه أن النعم كلها منه فقال ﴿لله ملك السماوات والأرض﴾ أي له التصرف فيهما وفيما بينهما وسياستهما بما تقتضيه الحكمة ﴿يخلق ما يشاء﴾ من أنواع الخلق ﴿يهب لمن يشاء﴾ من خلقه ﴿إناثا﴾ فلا يولد له ذكر ﴿ويهب لمن يشاء الذكور﴾ البنين فلا يولد له أنثى ﴿أو يزوجهم ذكرانا وإناثا﴾ معناه أو يجمع لهم بين البنين والبنات تقول العرب زوجت إبلي أي جمعت بين صغارها وكبارها قال مجاهد هو أن تلد المرأة غلاما ثم جارية ثم غلاما ثم جارية وقيل: هو أن تلد توأما ذكرا وأنثى أو ذكرا وذكرا أو أنثى وأنثى عن ابن زيد وقيل هو أن يجمع في الرحم الذكر والأنثى عن محمد بن الحنفية ﴿ويجعل من يشاء﴾ من الرجال والنساء ﴿عقيما﴾ لا يلد ولا يولد له ﴿إنه عليم﴾ بما خلق ﴿قدير﴾ على خلق من يشاء.