الآيات 6-10

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ﴿6﴾ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴿7﴾ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿8﴾ أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿9﴾ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴿10﴾

المعنى:

ثم أخبر سبحانه عن إمهاله الكفار بعد تقديم الإنذار فقال ﴿والذين اتخذوا من دونه أولياء﴾ أي آلهة عبدوها من دون الله يعني كفار مكة ﴿الله حفيظ عليهم﴾ أي حافظ عليهم أعمالهم لا يعزب شيء منها عنه ليجازيهم على ذلك كله ﴿وما أنت﴾ يا محمد ﴿عليهم بوكيل﴾ أي وما أنت بمسلط عليهم لتدخلهم في الإيمان قهرا وقيل معناه إنك لم توكل بحفظ أعمالهم وإنما بعثت نذيرا لهم داعيا إلى الله مبينا سبيل الرشد أي فلا يضيقن صدرك بتكذيبهم إياك وفيه تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا﴾ أي ومثل ما أوحينا إلى من تقدمك من الأنبياء بالكتب التي أنزلناها عليهم بلغة قومهم أوحينا إليك قرآنا بلغة العرب ليفقهوا ما فيه ﴿لتنذر أم القرى ومن حولها﴾ أي لتنذر أهل أم القرى وهي مكة ومن حولها من سائر الناس وقرى الأرض كلها ﴿وتنذر يوم الجمع﴾ أي وتنذرهم يوم الجمع وهو يوم القيامة يجمع الله فيه الأولين والآخرين وأهل السماوات والأرضين فيوم الجمع مفعول ثان لتنذر وليس بظرف ﴿لا ريب فيه﴾ أي لا شك في كونه ثم قسم سبحانه أهل يوم الجمع فقال ﴿فريق في الجنة وفريق في السعير﴾ أي فريق منهم في الجنة بطاعتهم وفريق منهم في النار بمعصيتهم ﴿ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة﴾ أي ولو شاء الله أن يحملهم على دين واحد وهو الإسلام بأن يلجئهم إليه لفعله ولكنه لم يفعله لأنه يؤدي إلى إبطال التكليف والتكليف إنما يثبت مع الاختيار عن الجبائي وقيل إن معناه ولو شاء الله لسوى بين الناس في المنزلة بأن يخلقهم في الجنة ولكنه اختار لهم أعلى الدرجتين وهو استحقاق الثواب ﴿ولكن يدخل من يشاء في رحمته﴾ وهم المؤمنون ﴿والظالمون ما لهم من ولي﴾ يواليهم ﴿ولا نصير﴾ يمنع عنهم عذاب الله ﴿أم اتخذوا من دونه أولياء﴾ أي بل اتخذ الكافرون من دون الله أولياء من الأصنام والأوثان يوالونهم ﴿فالله هو الولي﴾ معناه أن المستحق للولاية في الحقيقة هو الله تعالى دون غيره لأنه المالك للنفع والضر ﴿وهو يحيي الموتى﴾ أي يبعثهم للجزاء ﴿وهو على كل شيء قدير﴾ من الإحياء والإماتة وغير ذلك ﴿وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله﴾ معناه أن الذي تختلفون فيه من أمور دينكم ودنياكم وتتنازعون فيه فحكمه إلى الله فإنه الفاصل بين المحق والمبطل فيه فيحكم للمحق بالثواب والمدح وللمبطل بالعقاب والذم وقيل معناه فبيان الصواب إلى الله بنصب الأدلة وقيل فحكمه إلى الله يوم القيامة فيجازي كل أحد بما يستحقه ﴿ذلكم الله﴾ الذي يحكم بين المختلفين ﴿ربي﴾ أي هو ربي ﴿عليه توكلت﴾ في مهماتي ﴿وإليه أنيب﴾ أي إليه أرجع في جميع أموري.