الآيات 66-75

هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿66﴾ ء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴿67﴾ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴿68﴾ الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ﴿69﴾ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ﴿70﴾ يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿71﴾ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿72﴾ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴿73﴾ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴿74﴾ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴿75﴾

القراءة:

قرأ أهل المدينة وابن عامر وحفص ﴿ما تشتهيه الأنفس﴾ بزيادة الهاء والباقون تشتهي الأنفس بحذف الهاء.

الحجة:

قال أبو علي حذف هذه الهاء من الصلة في الحسن كإثباتها إلا أن الحذف يرجح على الإثبات بأن عامة هذا النحو في التنزيل جاء على الحذف نحو قوله ﴿أهذا الذي بعث الله رسولا﴾ ﴿وسلام على عباده الذين اصطفى﴾ ويقوي الحذف من جهة القياس أنه اسم قد طال والأسماء إذا طالت فقد يحذف منها كما يحذف في اشهيباب واحميرار وكما حذفوا من كينونة فكما ألزموا الحذف لهذا كذلك حسن أن تحذف الهاء من الصلة.

اللغة:

الحبور السرور الذي يظهر في الوجه أثره وحبرته أي حسنته والحبار الأثر والصحاف جمع صفحة وهي الجام الذي يؤكل فيه الطعام والأكواب جمع كوب وهي إناء على صورة الإبريق لا أذن له ولا خرطوم وقيل أنه كالكأس للشراب قال الأعشى:

صريفية طيب طعمها

لها زبد بين كوب ودن

المعنى:

قال سبحانه موبخا لهم ﴿هل ينظرون﴾ أي هل ينتظر هؤلاء الكفار بعد ورود الرسل والقرآن ﴿إلا الساعة﴾ أي القيامة ﴿أن تأتيهم بغتة﴾ أي فجاة ﴿وهم لا يشعرون﴾ أي لا يدرون وقت مجيئها ﴿الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو﴾ معناه أن الذين تخالوا وتواصلوا في الدنيا يكون بعضهم أعداء لبعض ذلك اليوم يعني يوم القيامة وهم الذين تخالوا على الكفر والمعصية ومخالفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما يرى كل واحد منهم من العذاب بسبب تلك المصادقة ثم استثنى من جملة الأخلاء المتقين فقال ﴿إلا المتقين﴾ من المؤمنين الموحدين الذي خال بعضهم بعضا على الإيمان والتقوى فإن تلك الخلة تتأكد بينهم يوم القيامة ولا تنقلب عداوة ﴿يا عباد لا خوف عليكم اليوم﴾ أي يقال لهم وقت الخوف يا عبادي لا خوف عليكم من العذاب اليوم ﴿ولا أنتم تحزنون﴾ من فوات الثواب ثم وصف سبحانه عباده وميزهم من غيرهم فقال ﴿الذين آمنوا بآياتنا﴾ أي صدقوا بحججنا ودلائلنا واتبعوها ﴿وكانوا مسلمين﴾ أي مستسلمين لأمرنا خاضعين منقادين و﴿الذين آمنوا﴾ في محل النصب على البدل من عبادي أو الصفة له ثم بين سبحانه ما يقال لهم بقوله ﴿أدخلوا الجنة أنتم وأزواجكم﴾ اللاتي كن مؤمنات مثلكم وقيل يعني أزواجهم من الحور العين في الجنة ﴿تحبرون﴾ أي تسرون وتكرمون وقد مر تفسيره في سورة الروم ﴿يطاف عليهم بصحاف﴾ أي بقصاع ﴿من ذهب﴾ فيها ألوان الأطعمة ﴿وأكواب﴾ أي كيزان لا عرى لها وقيل بانية مستديرة الرأس اكتفى سبحانه بذكر الصحاف والأكواب عن ذكر الطعام والشراب ﴿وفيها﴾ أي وفي الجنة ﴿ما تشتهيه الأنفس﴾ من أنواع النعيم المشروبة والمطعومة والملبوسة والمشمومة وغيرها ﴿وتلذ الأعين﴾ أي وما تلذه العيون بالنظر إليه وإنما أضاف الالتذاذ إلى الأعين وإنما الملتذ على الحقيقة هو الإنسان لأن المناظر الحسنة سبب من أسباب اللذة فإضافة اللذة إلى الموضع الذي يلذ الإنسان به أحسن لما في ذلك من البيان مع الإيجاز وقد جمع الله سبحانه بقوله ﴿ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين﴾ ما لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يصفوا ما في الجنة من أنواع النعيم لم يزيدوا على ما انتظمته هاتان الصفتان ﴿وأنتم فيها﴾ أي في الجنة وأنواع من الملاذ ﴿خالدون﴾ أي دائمون مؤبدون ﴿وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون﴾ أي أعطيتموها بأعمالكم قال ابن عباس الكافر يرث نار المؤمن والمؤمن يرث جنة الكافر وهذا كقوله ﴿أولئك هم الوارثون﴾ ﴿لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون﴾ جمع لهم بين الطعام والشراب والفواكه وبين دوام ذلك فهذه غاية الأمنية ثم أخبر سبحانه عن أحوال أهل النار فقال ﴿إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون﴾ دائمون ﴿لا يفتر عنهم﴾ العذاب أي لا يخفف عنهم ﴿وهم فيه مبلسون﴾ آيسون من كل خير.