الآيات 11-15

هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿11﴾ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴿12﴾ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴿13﴾ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴿14﴾ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿15﴾

القراءة:

قرأ ابن كثير في رواية البزي يا بني لا تشرك بالله ساكنة الياء يا بني إنها مكسورة الياء يا بني أقم الصلاة مفتوحة الياء وقرأ في رواية القواس يا بني إنها مكسورة الياء وقرأ ابن فليج يا بني لا تشرك يا بني إنها مكسورة الياء فيهما يا بني أقم مفتوحة الياء وقرأ حفص ﴿يا بني﴾ بفتح الياء في كل القرآن والباقون بكسر الياء في كل القرآن وفي الشواذ قراءة عيسى الثقفي ورواية بعضهم عن أبي عمرو وهنا على وهن بفتح الهاء وقراءة الحسن بخلاف وأبي رجا والجحدري وقتادة ويعقوب وفصله في عامين.

الحجة:

قال أبو علي من أسكن الياء في الوصل فإنه يجوز أن يكون على قول من قال يا غلام أقبل فلما وقف قال يا غلام فاسكن للوقف ويكون أجرى الوصل مجرى الوقف وهذا يجيء في الشعر كقول عمران بن حطان:

قد كنت عندك حولا لا تروعني

فيه روائع من إنس ومن جان

فإنما خفف جان للقافية ثم وصل بحرف الإطلاق وأجرى الوصل مجرى الوقف وهذا لا نعلم جاء في الكلام ومن قال يا بني إنها فهو على قولك يا غلام أقبل ومن قال ﴿يا بني﴾ بفتح الياء فإنه على قولك يا بنيا فأبدل ياء الإضافة ألفا ومن الكسرة فتحة وعلى هذا حمل أبو عثمان قوله يا أبت وقد تقدم ذكر ذلك فيما سلف ومن قرأ وهنا على وهن بفتح الهاء فيمكن أن يكون حرك الهاء لأجل حرف الحلق كقراءة الحسن إلى يوم البعث فهذا يوم البعث بفتح العين وأما الفصل فإنه أعم من الفصال لأنه يستعمل في الرضاع وغيره والفصال هاهنا أوجه لأن الموضع مختص بالرضاع.

الإعراب:

﴿فأروني ما ذا خلق الذين من دونه﴾ تقديره أي شيء خلق فما ذا بمنزلة اسم واحد في موضع نصب بأنه مفعول خلق والجملة معلقة بأروني.

﴿أن اشكر لله﴾ قال الزجاج معناه لأن يشكر لله ويجوز أن تكون أن مفسرة فيكون المعنى أن اشكر لله وتأويل أن اشكر قلنا له اشكر الله على ما أتاك.

﴿حملته أمه﴾ جملة في موضع النصب على الحال بإضمار قل والعامل في الحال معنى الفعل الذي يدل عليه قوله ﴿ووصينا الإنسان بوالديه﴾ فإن معناه أمرنا بالإحسان إلى والديه وحاله أنه كان محمولا لأمه ومثله قوله ﴿كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا﴾ أي وحالكم أنكم كنتم أمواتا.

وهنا مصدر فعل محذوف في موضع الحال أي تهن وهنا وقوله ﴿على وهن﴾ في موضع الصفة لقوله ﴿وهنا﴾ ويجوز أن يتعلق أيضا بالعامل في ﴿وهنا﴾ وقوله ﴿معروفا﴾ صفة لمصدر محذوف وتقديره مصاحبا معروفا بمعنى مصاحبة معروفة.

المعنى:

ثم أشار سبحانه إلى ما تقدم ذكره فقال ﴿هذا خلق الله﴾ أي هذا الذي ذكرت من السموات على عظمها وكبر حجمها والأرض وما فيها خلق الله الذي أوجده وأحدثه ﴿فأروني ما ذا خلق الذين من دونه﴾ يعني آلهتهم التي يعبدونها ﴿بل الظالمون في ضلال مبين﴾ المعنى أنهم لا يجدون لهذا الكلام جوابا ولا يمكنهم أن يشيروا إلى شيء هو خلق آلهتهم فلم يحملهم على عبادتهم خلقها لشيء ولكنهم في عدول ظاهر عن الحق ولما ذكر سبحانه الأدلة الدالة على توحيده وقدرته وحكمته بين عقيب ذلك قصة لقمان وأنه أعطاه الحكمة فقال ﴿ولقد آتينا لقمان الحكمة﴾ أي أعطيناه العقل والعلم والعمل به والإصابة في الأمور واختلف فيه فقيل إنه كان حكيما ولم يكن نبيا عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وأكثر المفسرين وقيل إنه كان نبيا عن عكرمة والسدي والشعبي وفسروا الحكمة هنا بالنبوة وقيل إنه كان عبدا أسود حبشيا غليظ المشافر مشقوق الرجلين في زمن داود (عليه السلام) وقال له بعض الناس أ لست كنت ترعى معنا فقال نعم قال فمن أين أوتيت ما أرى قال قدر الله وأداء الأمانة وصدق الحديث والصمت عما لا يعنيني وقيل إنه كان ابن أخت أيوب عن وهب وقيل كان ابن خالة أيوب عن مقاتل وروي عن نافع عن ابن عمر قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول حقا أقول لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن اليقين أحب الله فأحبه ومن عليه بالحكمة كان نائما نصف النهار إذ جاءه نداء يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق فأجاب الصوت إن خيرني ربي قبلت العافية ولم أقبل البلاء وإن عزم علي فسمعا وطاعة فإني أعلم أنه إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني فقالت الملائكة بصوت لا يراهم لم يا لقمان قال لأن الحكم أشد المنازل وآكدها يغشاه الظلم من كل مكان إن وقى فبالحري أن ينجو وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة ومن يكن في الدنيا ذليلا وفي الآخرة شريفا خير من أن يكون في الدنيا شريفا وفي الآخرة ذليلا ومن يختر الدنيا على الآخرة تفته الدنيا ولا يصيب الآخرة فتعجبت الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فأعطي الحكمة فانتبه يتكلم بها ثم كان يؤازر داود بحكمته فقال له داود طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى ﴿أن اشكر لله﴾ معناه وقلنا له اشكر لله تعالى على ما أعطاك من الحكمة ﴿ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه﴾ أي من يشكر نعمة الله ونعمة من أنعم عليه فإنه إنما يشكر لنفسه لأن ثواب شكره عائد عليه ويستحق مزيد النعمة والزيادة الحاصلة بالشكر تكون له ﴿ومن كفر فإن الله غني﴾ عن شكر الشاكرين ﴿حميد﴾ أي محمود على أفعاله وقيل مستحمد إلى خلقه بالإنعام عليهم والشكر لا يكون إلا على نعمة سبقت فهو يقتضي منعما فعلى هذا لا يصح أن يشكر الإنسان نفسه كما لا يصح أن يكون منعما على نفسه ويجري مجرى الدين في أنه حق لغيره عليه يلزمه أداؤه فكما لا يصح أن يقرض نفسه فكذلك لا يصح أن ينعم على نفسه ﴿وإذ قال لقمان لابنه﴾ معناه واذكر يا محمد إذ قال لقمان لابنه ويجوز أيضا أن يتعلق إذ بقوله ﴿ولقد آتينا لقمان الحكمة﴾ إذ قال لابنه ﴿وهو يعظه﴾ أي يؤدبه ويذكره أي في حال ما يعظه ﴿يا بني لا تشرك بالله﴾ أي لا تعدل بالله شيئا في العبادة ﴿إن الشرك لظلم عظيم﴾ أصل الظلم النقصان ومنع الواجب فمن أشرك بالله فقد منع ما وجب لله عليه من معرفة التوحيد فكان ظالما وقيل إنه ظلم نفسه ظلما عظيما بأن أوبقها ﴿ووصينا الإنسان بوالديه﴾ لما قدم الأمر بشكر النعمة أتبعه بالتنبيه على وجوب الشكر لكل منعم فبدأ بالوالدين أي أمرناه بطاعة الوالدين وشكرهما والإحسان إليهما وإنما قرن شكرهما بشكره لأنه الخالق المنشىء وهما السبب في الإنشاء والتربية ثم بين سبحانه زيادة نعمة الأم فقال ﴿حملته أمه وهنا على وهن﴾ معناه ضعفا على ضعف عن الضحاك والحسن يعني ضعف نطفة الوالد على ضعف نطفة الأم عن أبي مسلم وقيل لأن الحمل يؤثر فيها فكلما ازداد الحمل ازدادت ضعفا على ضعف وقيل لأنها ضعيفة الخلقة فازدادت ضعفا بالحمل وقيل وهنا على وهن أي شدة على شدة وجهدا على جهد عن ابن عباس وقتادة ﴿و فصاله في عامين﴾ أي وفطامه من الرضاع في انقضاء عامين لأن العامين جملة مدة الرضاع فهو كقوله ﴿يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة﴾ والمراد أنها بعد ما تلده ترضعه عامين وتربيه فتلحقها المشقة بذلك أيضا ﴿أن اشكر لي ولوالديك﴾ هذا تفسير قوله ﴿ووصينا الإنسان﴾ أي وصيناه بشكرنا وشكر والديه فشكر الله سبحانه بالحمد والطاعة وشكر الوالدين بالبر والصلة ﴿إلي المصير﴾ وفيه تهديد أي إلي مرجعكم فأجازيكم على حسب أعمالكم ﴿وإن جاهداك﴾ أيها الإنسان أي جاهداك والداك ﴿على أن تشرك بي﴾ معبودا آخر فلا تطعهما وهو قوله ﴿ما ليس لك به علم﴾ لأن ما يكون حقا تعلم صحته فما لا تعلم صحته فهو باطل فكأنه قال فإن دعواك إلى باطل ﴿فلا تطعهما﴾ في ذلك ﴿وصاحبهما في الدنيا معروفا﴾ أي وأحسن إليهما وارفق بهما في الأمور الدنيوية وإن وجبت مخالفتهما في أبواب الدين لمكان كفرهما ﴿واتبع سبيل من أناب إلي﴾ أي واسلك طريقة من رجع إلى طاعتي وأقبل إلي بقلبه وهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنون قال ﴿ثم إلي﴾ أي إلى حكمي ﴿مرجعكم﴾ ومنقلبكم ﴿فأنبئكم﴾ أي أخبركم ﴿بما كنتم تعملون﴾ في دار الدنيا من الأعمال وأجازيكم عليها بحسبها.

فصل في ذكر نبذة من حكم لقمان:

ذكر في التفسير أن مولاه دعاه فقال اذبح شاة فأتني بأطيب مضغتين منها فذبح شاة وأتاه بالقلب واللسان فسأله عن ذلك فقال إنهما أطيب شيء إذا طابا وأخبث شيء إذا خبثا وقيل إن مولاه دخل المخرج فأطال فيه الجلوس فناداه لقمان أن طول الجلوس على الحاجة يفجع منه الكبد ويورث منه الباسور ويصعد الحرارة إلى الرأس فاجلس هونا وقم هونا قال فكتب حكمته على باب الحش.

قال عبد الله بن دينار قدم لقمان من سفر فلقي غلامه في الطريق فقال ما فعل أبي قال مات قال ملكت أمري قال ما فعلت امرأتي قال ماتت قال جدد فراشي قال ما فعلت أختي قال ماتت قال سترت عورتي قال ما فعل أخي قال مات قال انقطع ظهري وقيل للقمان أي الناس شر قال الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا.

وقيل له ما أقبح وجهك قال تعتب على النقش أو على فاعل النقش.

وقيل إنه دخل على داود وهو يسرد الدرع وقد لين الله له الحديد كالطين فأراد أن يسأله فأدركته الحكمة فسكت فلما أتمها لبسها وقال نعم لبوس الحرب أنت فقال الصمت حكم وقليل فاعله فقال له داود بحق ما سميت حكيما وفي كتاب من لا يحضره الفقيه قال لقمان لابنه يا بني إن الدنيا بحر عميق وقد هلك فيها عالم كثير فاجعل سفينتك فيها الإيمان بالله واجعل شراعها التوكل على الله واجعل زادك فيها تقوى الله فإن نجوت فبرحمة الله وإن هلكت فبذنوبك وروى سليمان بن داود المنقري عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في وصية لقمان لابنه يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وخبائك وسقائك وخيوطك ومخرزك وتزود معك من الأدوية ما تنتفع به أنت ومن معك وكن لأصحابك موافقا إلا في معصية الله عز وجل يا بني إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم وأكثر التبسم في وجوههم وكن كريما على زادك بينهم فإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو ماء أو زاد وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ثم لا تعزم حتى تتثبت وتنظر ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورته فإن من لم يمحض النصيحة من استشاره سلبه الله رأيه وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم فإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل نعم ولا تقل لا فإن لا عي ولؤم وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى لأن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه والشاهد يرى ما لا يرى الغائب يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء صلها واسترح منها فإنها دين وصل في جماعة ولو على رأس زج ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل فإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا وإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الأرض وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الأرض التي حللت بها وسلم على أهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبتدىء فتصدق منه فافعل وعليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكبا وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا وعليك بالدعاء ما دمت خاليا وإياك والسير في أول الليل إلى آخره وإياك ورفع الصوت في مسيرك.

و قال أبو عبد الله (عليه السلام) والله ما أوتي لقمان الحكمة لحسب ولا مال ولا بسط في جسم ولا جمال ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله متورعا في الله ساكتا سكينا عميق النظر طويل التفكر حديد البصر لم ينم نهارا قط ولم يتكىء في مجلس قوم قط ولم يتفل في مجلس قوم قط ولم يعبث بشيء قط ولم يره أحد من الناس علي بول ولا غائط قط ولا على اغتسال لشدة تستره وتحفظه في أمره ولم يضحك من شيء قط ولم يغضب قط مخافة الإثم في دينه ولم يمازح إنسانا قط ولم يفرح بما أوتيه من الدنيا ولا حزن منها على شيء قط وقد نكح من النساء وولد له الأولاد الكثيرة وقدم أكثرهم إفراطا فما بكى على موت أحد منهم ولم يمر بين رجلين يقتتلان أو يختصمان إلا أصلح بينهما ولم يمض عنهما حتى تحاجزا ولم يسمع قولا استحسنه من أحد قط إلا سأله عن تفسيره وعن من أخذه وكان يكثر مجالسة الفقهاء والعلماء وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين فيرثى للقضاة بما ابتلوا به ويرحم الملوك والسلاطين لعزتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك ويتعلم ما يغلب به نفسه ويجاهد به هواه ويحترز من السلطان وكان يداوي نفسه بالتفكر والعبر وكان لا يظعن إلا فيما ينفعه ولا ينظر إلا فيما يعنيه فبذلك أوتي الحكمة ومنح القضية.