الآيات 1-5

ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴿1﴾ بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ﴿2﴾ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ﴿3﴾ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴿4﴾ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ ﴿5﴾

ولم يعد ﴿ق﴾ آية ولا نظير له من نون وصاد لأنه مفرد وكل مفرد فإنه لا يعد لبعده من شبه الجملة فأما المركب مما أشبه الجملة ووافق رءوس الآي فإنه يعد مثل طه وحم والم وما أشبه ذلك.

اللغة:

المجيد الكريم المعظم والعظيم المكرم والمجد في كلامهم الشرف الواسع يقال مجد الرجل ومجد مجدا إذا عظم وكرم وأصله من قولهم مجدت الإبل مجودا إذا عظمت بطونها من كثرة أكلها من كلاء الربيع وأمجد فلان القوم قرى قال:

أتيناه زوارا فأمجدنا قرى

من البث والداء الدخيل المخامر

والعجيب والعجب هو كل ما لا يعرف علته ولا سببه والمريج المختلط الملتبس وأصله إرسال الشيء مع غيره من المرج قال الشاعر:

فجالت فالتمست به حشاها

فخر كأنه غصن مريج

أي قد التبس بكثرة شعبه ومرجت عهودهم وأمرجوها أي خلطوها ولم يفوا بها.

الإعراب:

جواب القسم في ﴿ق والقرآن المجيد﴾ محذوف يدل عليه أ إذا متنا وكنا ترابا وتقديره إنكم مبعوثون فقال أنبعث إذا متنا وكنا ترابا ويجوز أن يكون الجواب ﴿قد علمنا ما تنقص الأرض منهم﴾ وحذفت اللام لأن ما قبلها عوض منها كما قال والشمس وضحاها إلى قوله ﴿قد أفلح من زكاها﴾ والمعنى لقد أفلح والعامل في ﴿أإذا متنا﴾ مضمر والتقدير أإذا متنا بعثنا.

المعنى:

﴿ق﴾ قد مر تفسيره وقيل إنه اسم من أسماء الله تعالى عن ابن عباس وقيل هو اسم الجبل المحيط بالأرض من زمردة خضراء خضرة السماء منها عن الضحاك وعكرمة وقيل معناه قضي الأمر أو قضي ما هو كائن كما قيل في حم حم الأمر ﴿والقرآن المجيد﴾ أي الكريم على الله العظيم في نفسه الكثير الخير والنفع لتبعثن يوم القيامة وقيل تقديره والقرآن المجيد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بدلالة قوله ﴿بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم﴾ أي ما كذبك قومك لأنك كاذب بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم وحسبوا أنه لا يوحى إلا إلى ملك ﴿فقال الكافرون هذا شيء عجيب﴾ أي معجب عجبوا من كون محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) رسولا إليهم فأنكروا رسالته وأنكروا البعث بعد الموت وهو قوله ﴿أإذا متنا وكنا ترابا﴾ أنبعث ونرد أحياء ﴿ذلك﴾ أي ذلك الرد الذي يقولون ﴿رجع بعيد﴾ أي رد بعيد عن الأوهام وإعادة بعيدة عن الكون والمعنى أنه لا يكون ذلك لأنه غير ممكن ثم قال سبحانه ﴿قد علمنا ما تنقص الأرض منهم﴾ أي ما تأكل الأرض من لحومهم ودمائهم وتبليه من عظامهم فلا يتعذر علينا ردهم ﴿وعندنا كتاب حفيظ﴾ أي حافظ لعدتهم وأسمائهم وهو اللوح المحفوظ لا يشذ عنه شيء وقيل حفيظ أي محفوظ عن البلى والدروس وهو كتاب الحفظة الذين يكتبون أعمالهم ثم أخبر سبحانه بتكذيبهم فقال ﴿بل كذبوا بالحق لما جاءهم﴾ والحق القرآن وقيل هو الرسول ﴿فهم في أمر مريج﴾ أي مختلط فمرة قالوا مجنون وتارة قالوا ساحر وتارة قالوا شاعر فتحيروا في أمرهم لجهلهم بحاله ولم يثبتوا على شيء واحد وقالوا للقرآن أنه سحر مرة وزجر مرة ومفترى مرة فكان أمرهم ملتبسا عليهم قال الحسن ما ترك قوم الحق إلا مرج أمرهم.