الآيات 1-10

يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴿1﴾ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿2﴾ نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ﴿3﴾ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴿4﴾ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴿5﴾ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴿6﴾ إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ﴿7﴾ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴿8﴾ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴿9﴾ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴿10﴾

القراءة:

قرأ أبو عمرو وابن عامر وطاء بكسر الواو والمد والباقون ﴿وطأ﴾ بفتح الواو وسكون الطاء مقصورا وقرأ أهل الكوفة غير حفص وابن عامر ويعقوب رب المشرق بالجر والباقون بالرفع وفي الشواذ قراءة عكرمة المزمل والمدثر خفيفة الزاي والدال مشددة الميم والثاء وقراءة أبي السماك قم الليل بضم الميم.

الحجة:

من قرأ أشد وطاء فمعناه مواطاة أي موافقة وملاءمة ومنه ليواطئوا عدة ما حرم الله أي ليوافقوا والمعنى أن صلاة ناشئة الليل وعمل ناشئة الليل يواطىء السمع القلب فيها أكثر مما يواطىء في ساعات النهار ولأن البال أفرغ لانقطاع كثير مما يشغل بالنهار ومن قال ﴿وطأ﴾ فالمعنى أنه أشق على الإنسان من القيام بالنهار لأن الليل للدعة والسكون وجاء في الحديث اللهم اشدد وطأتك على مضر ﴿وأقوم قيلا﴾ أي أشد استقامة وصوابا لفراغ البال وانقطاع ما يشغله قال:

له ولها وقع بكل قرارة

ووقع بمستن الفضاء قويم

أي مستقيم.

والناشئة ما يحدث وينشأ من ساعات الليل والرفع في ﴿رب المشرق﴾ يحتمل أمرين (أحدهما) أنه لما قال ﴿واذكر اسم ربك﴾ قطعه من الأول فقال هو ﴿رب المشرق﴾ فيكون خبر مبتدإ محذوف (والآخر) أن يكون مبتدأ وخبره الجملة التي هي ﴿لا إله إلا هو﴾ ومن جر فعلى إتباعه قوله ﴿اسم ربك﴾ وأما قوله المزمل بتخفيف الزاي فعلى حذف المفعول به يا أيها المزمل نفسه والمدثر نفسه وحذف المفعول كثير قال الحطيئة:

منعمة تصون إليك منها

كصونك من رداء شرعبي

أي تصون حديثا وتخزنه كقول الشنفري:

كان لها في الأرض نسيا نقصه

على أمها وإن تكلمك تبلت

ومن قرأ قم الليل وضم فيمكن أن يكون ضمه للاتباع.

اللغة:

المزمل المتزمل في ثيابه أدغم التاء في الزاي لأن الزاي قريبة المخرج من التاء وهي أندى في المسموع من التاء وكل شيء لفف فقد زمل قال امرؤ القيس:

كان ثبيرا في عرانين وبله

كبير أناس في بجاد مزمل

والنصف أحد قسمي الشيء المساوي للآخر في المقدار كما أن الثلث جزء من ثلاثة والربع جزء من أربعة وهذه من صفات الأجسام فإذا رفعت التأليفات عنها بقيت أجزاء لا توصف بأن لها نصفا أو ثلثا أو ربعا والعرض لا يوصف بالنصف والجزء.

والقديم لا يوصف أيضا بذلك لأن هذه عبارات عن مؤلفات على وجوه فإن قيل فإذا يجب أن لا يكون وصف القديم تعالى بأنه واحد مدحا فالجواب أن معنى قولنا أنه واحد اختصاصه بصفات لا يستحقها غيره وهي كونه قادرا عالما لذاته قديما ونحو ذلك وإذا قيل أنه لا يتجزأ فليس بمدح إلا أن يقال أنه حي لا يتجزأ بخلاف غيره من الأحياء والترتيل ترتيب الحروف على حقها في تلاوتها بتثبت فيها والحدر هو الإسراع فيها وكلاهما حسن إلا أن الترتيل هنا هو المرغب فيه والإلقاء مثل التلقية تقول ألقت على فلان مسألة والأقوم الأخلص استقامة والسبح التقلب ومنه السابح في الماء لتقلبة فيه وقرأ يحيى بن يعمر والضحاك سبخا طويلا بالخاء ومعناه التوسعة يقال سبخت القطن إذا وسعته للندف ومنه قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعائشة وقد سمعها تدعو على سارق لا تسبخي عنه بدعائك عليه أي لا تخففي ويقال لقطع القطن إذا ندف سبائخ قال الأخطل يصف القناص والكلاب:

فأرسلوهن يذرين التراب كما

يذري سبائخ قطن ندف أوتار

وقال ثعلب السبح التردد والاضطراب والسبخ السكون ومنه قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الحمى من فيح جهنم فسبخوها بالماء أي أسكنوها والتبتل الانقطاع إلى الله عز وجل وإخلاص العبادة له قال امرؤ القيس:

تضيء الظلام بالعشي كأنها

منارة ممسي راهب متبتل

وأصله من تبلت الشيء قطعته وصدقة بتة بتلة أي بائنة مقطوعة من صاحبها لا سبيل له عليها ومنه البتول (عليه السلام) لانقطاعها إلى عبادة الله عز وجل.

الإعراب:

الليل نصب على الظرف إلا قليلا نصب على الاستثناء تقديره إلا شيئا قليلا منه لا تقوم فيه ثم بين القدر فقال ﴿نصفه﴾ قال الزجاج أن نصفه بدل من الليل كما تقول ضربت زيدا رأسه فإنما ذكرت زيدا لتوكيد الكلام وهو أوكد من قولك ضربت رأس زيد فالمعنى قم نصف الليل إلا قليلا أو أنقص من النصف أو زد على النصف وأنقص منه قليلا بمعنى إلا قليلا ولكنه ذكر مع الزيادة فالمعنى قم نصف الليل أو أنقص من نصف الليل أو زد على نصف الليل.

المعنى:

﴿يا أيها المزمل﴾ معناه يا أيها المتزمل بثيابه المتلفف بها عن قتادة وقيل يا أيها المتزمل بعباءة النبوة أي المتحمل لأثقالها عن عكرمة وقيل معناه يا أيها النائم وكان قد تزمل للنوم عن السدي وقيل كان يتزمل بالثياب في أول ما جاء به جبرائيل خوفا حتى أنس به وإنما خوطب بهذا في بدء الوحي ولم يكن قد بلغ شيئا ثم خوطب (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذلك بالنبي والرسول ﴿قم الليل﴾ للصلاة ﴿إلا قليلا﴾ والمعنى بالليل صل إلا قليلا من الليل فإن القيام بالليل عبارة عن الصلاة بالليل ﴿نصفه﴾ هو بدل من الليل فيكون بيانا للمستثنى منه أي قم نصف الليل ومعناه صل من الليل النصف إلا قليلا وهو قوله ﴿أو أنقص منه قليلا﴾ أي من النصف ﴿أو زد عليه﴾ أي على النصف وقال المفسرون أو أنقص من النصف قليلا إلى الثلث أو زد على النصف إلى الثلثين وقيل أن نصفه بدل من القليل فيكون بيانا للمستثنى والمعنى فيهما سواء ويؤيد هذا القول ما روي عن الصادق (عليه السلام) قال القليل النصف أو أنقص من القليل قليلا أو زد على القليل قليلا وقيل معناه قم نصف الليل إلا قليلا من الليالي وهي ليالي العذر كالمرض وغلبة النوم وعلة العين ونحوها أو أنقص من النصف قليلا أو زد عليه ذكره الإمام علي بن أبي الطالب (عليه السلام) خير الله سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الساعات القيام بالليل وجعله موكولا إلى رأيه وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وطائفة من المؤمنين معه يقومون على هذه المقادير وشق ذلك عليهم فكان الرجل منهم لا يدري كم صلى وكم بقي من الليل فكان يقوم الليل كله مخافة أن لا يحفظ القدر الواجب حتى خفف الله عنهم بآخر هذه السورة وعن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعيد بن هشام قال قلت لعائشة أنبئيني عن قيام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال أ لست تقرأ ﴿يا أيها المزمل﴾ قلت بلى قالت فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام نبي الله وأصحابه حولا وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعا بعد أن كان فريضة وقيل كان بين أول السورة وآخرها الذي نزل فيه التخفيف عشر سنين عن سعيد بن جبير وقيل كان هذا بمكة قبل فرض الصلوات الخمس ثم نسخ بالخمس عن ابن كيسان ومقاتل وقيل لما نزل أول المزمل كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان فكان بين أولها وآخرها سنة عن ابن عباس وقيل أن الآية الأخيرة نسخت الأولى عن الحسن وعكرمة وليس في ظاهر الآيات ما يقتضي النسخ فالأولى أن يكون الكلام على ظاهره فيكون القيام بالليل سنة مؤكدة مرغبا فيه وليس بفرض ﴿ورتل القرآن ترتيلا﴾ أي بينه بيانا واقرأه على هينتك ثلاث آيات وأربعا وخمسا عن ابن عباس قال الزجاج والبيان لا يتم بأن تعجل في القرآن إنما يتم بأن تبين جميع الحروف وتوفي حقها من الإشباع قال أبو حمزة قلت لابن عباس إني رجل في قراءتي وفي كلامي عجلة فقال ابن عباس لأن أقرأ البقرة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله وقيل معناه ترسل فيه ترسلا عن مجاهد وقيل معناه تثبت فيه تثبتا عن قتادة وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في معناه أنه قال بينه بيانا ولا تهذه هذ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن أقرع به القلوب القاسية ولا يكونن هم أحدكم آخر السورة وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فاسأل الله الجنة وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فتعوذ بالله من النار وقيل الترتيل هو أن تقرأ على نظمه وتواليه ولا تغير لفظا ولا تقدم مؤخرا وهو مأخوذ من ترتل الأسنان إذا استوت وحسن انتظامها وثغر رتل إذا كانت أسنانه مستوية لا تفاوت فيها وقيل رتل معناه ضعف والرتل اللين عن قطرب قال والمراد بهذا تحزين القرآن أي اقرأه بصوت حزين ويعضده ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في هذا قال هو أن تتمكث فيه وتحسن به صوتك وروي عن أم سلمة أنها قالت كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقطع قراءته آية آية وعن أنس قال كان يمد صوته مدا وعن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ﴿إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا﴾ أي سنوحي عليك قولا يثقل عليك وعلى أمتك أما ثقله عليه فلما فيه من تبليغ الرسالة وما يلحقه من الأذى فيه وما يلزمه من قيام الليل ومجاهدة النفس وترك الراحة والدعة وأما ثقله على أمته فلما فيه من الأمر والنهي والحدود وهذا معنى قول قتادة ومقاتل والحسن قال ابن زيد هو والله ثقيل مبارك وكما ثقل في الدنيا ثقل في الموازين يوم القيامة وقيل ثقيلا لا يحمله إلا قلب مؤيد بالتوفيق ونفس مؤيدة بالتوحيد وقيل ثقيلا ليس بالسفساف الخفيف لأنه كلام ربنا جلت عظمته عن الفراء وقيل معناه قولا عظيم الشأن كما يقال هذا كلام رصين وهذا الكلام له وزن إذا كان واقعا موقعه وقيل معناه قولا ثقيلا نزوله فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتغير حاله عند نزوله ويعرق وإذا كان راكبا يبرك راحلته ولا يستطيع المشي وسأل الحرث بن هشام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشد علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال وأحيانا يتمثل الملك رجلا فأعي ما يقول قالت عائشة أنه كان ليوحى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو على راحلته فيضرب بجرانها قالت ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليرفض عرقا وقيل ثقيلا على الكفار لما فيه من الكشف عن جهلهم وضلالهم وسفه أحلامهم وقبح أفعالهم ﴿إن ناشئة الليل﴾ معناه إن ساعات الليل لأنها تنشأ ساعة بعد ساعة وتقديره أن ساعات الليل الناشئة وقال ابن عباس هو الليل كله لأنه ينشأ بعد النهار وقال مجاهد هي ساعات التهجد من الليل وقيل هي بالحبشية قيام الليل عن عبد الله بن مسعود وسعيد بن جبير وقيل هي القيام بعد النوم عن عائشة وقيل هي ما كان بعد العشاء الآخرة عن الحسن وقتادة والمروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) أنهما قالا هي القيام في آخر الليل إلى صلاة الليل ﴿هي أشد وطأ﴾ أي أكثر ثقلا وأبلغ مشقة لأن الليل وقت الراحة والعمل يشق فيه ومن قال وطاء فالمعنى أشد مواطاة للسمع والبصر يتوافق فيها قلب المصلي ولسانه وسمعه على التفهم والتفكر إذ القلب غير مشتغل بشيء من أمور الدنيا ﴿وأقوم قيلا﴾ أي أصوب للقراءة وأثبت للقول لفراغ البال وانقطاع ما يشغل القلب عن أنس ومجاهد وابن زيد وقال أبو عبد الله (عليه السلام) هو قيام الرجل عن فراشه لا يريد به إلا الله تعالى ﴿إن لك في النهار سبحا طويلا﴾ معناه أن لك يا محمد في النهار منصرفا ومنقلبا إلى ما تقضي فيه حوائجك عن قتادة والمراد أن مذاهبك في النهار ومشاغلك كثيرة فإنك تحتاج فيه إلى تبليغ الرسالة ودعوة الخلق وتعليم الفرائض والسنن وإصلاح المعيشة لنفسك وعيالك وفي الليل يفرغ القلب للتذكر والقراءة فاجعل ناشئة الليل لعبادتك لتأخذ بحظك من خير الدنيا والآخرة وفي هذا دلالة على أنه لا عذر لأحد في ترك صلاة الليل لأجل التعليم والتعلم لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحتاج إلى التعليم أكثر مما يحتاج الواحد منا إليه ثم لم يرض سبحانه أن يترك حظه من قيام الليل ﴿واذكر اسم ربك﴾ يعني أسماء الله تعالى التي تعبد بالدعاء بها وقيل اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في ابتداء صلاتك توصلك بركة قراءتها إلى ربك وتقطعك من كل ما سواه وقيل واقصد بعملك وجه ربك ﴿وتبتل إليه تبتيلا﴾ أي أخلص له إخلاصا عن ابن عباس وغيره يعني في الدعاء والعبادة وقيل انقطع إليه انقطاعا عن عطاء وهو الأصل وقيل توكل عليه توكلا عن شقيق وقيل تفرغ لعبادته عن ابن زيد وقد جاء في الحديث النهي عن التبتل والمراد به الانقطاع عن الناس والجماعات وكان يجب أن يقول تبتلا لأن المراد بتلك الله من المخلوقين واصطفاك لنفسه تبتيلا فتبتل أنت أيضا إليه وقيل إنما قال تبتيلا ليطابق أواخر آيات السورة وروى محمد بن مسلم وزرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) أن التبتل هنا رفع اليدين في الصلاة وفي رواية أبي بصير قال هو رفع يدك إلى الله وتضرعك إليه ﴿رب المشرق والمغرب﴾ أي رب العالم بما فيه لأنه بين المشرق والمغرب وقيل رب مشرق الشمس ومغربها والمراد أول النهار وآخره فأضاف النصف الأول من النهار إلى المشرق والنصف الآخر منه إلى المغرب وقيل مالك المشرق والمغرب أي المتصرف فيما بينهما والمدبر لما بينهما ﴿لا إله إلا هو﴾ أي لا أحد تحق له العبادة سواه ﴿فاتخذه وكيلا﴾ أي حفيظا للقيام بأمرك وقيل معناه فاتخذه كافيا لما وعدك به واعتمد عليه وفوض أمرك إليه تجده خير حفيظ وكاف ﴿واصبر على ما يقولون﴾ لك يعني الكفار من التكذيب والأذى والنسبة إلى السحر والكهانة ﴿واهجرهم هجرا جميلا﴾ والهجر الجميل إظهار الموجدة عليهم من غير ترك الدعاء إلى الحق على وجه المناصحة قال الزجاج هذا يدل على أنه نزل قبل الأمر بالقتال وقيل بل هو أمر بالتلطف في استدعائهم فيجب مع القتال ولا نسخ وفي هذا دلالة على وجوب الصبر على الأذى لمن يدعو إلى الدين والمعاشرة بأحسن الأخلاق واستعمال الرفق ليكونوا أقرب إلى الإجابة.