الآيـة 16

أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿16﴾

اللغة:

الحسبان قوة المعنى في النفس من غير قطع وهو مشتق من الحساب لدخوله فيما يحتسب به والترك ضد ينافي الفعل المبتدأ في محل القدرة عليه ويستعمل بمعنى أن لا يفعل كقوله وتركهم في ظلمات لا يبصرون والوليجة الدخيلة في القوم من غيرهم والبطانة مثله وليجة الرجل من يختص بدخلة أمره دون الناس الواحد والجمع فيه سواء وكل شيء دخل في شيء ليس منه فهو وليجة قال طرفة:

فإن القوافي يتلجن موالجا

تضايق عنه أن تولجه الإبر.

الإعراب:

أم حرف عطف يعطف به الاستفهام و﴿أم حسبتم﴾ معطوف على ما تقدم من قوله ألا تقاتلون وهو من الاستفهام المعترض في وسط الكلام فجعل نفي الفعل مع تقريب لوقوعه ولم يفعل نفي الفعل بعد إطماع في وقوعه.

المعنى:

ثم نبه سبحانه على جلالة موقع الجهاد فقال ﴿أم حسبتم أن تتركوا﴾ معناه أ ظننتم أيها المؤمنون أن تتركوا من دون أن تكلفوا الجهاد في سبيل الله مع الإخلاص ﴿ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم﴾ معناه ولما يظهر ما علم الله منكم فذكر نفي العلم والمراد نفي المعلوم تأكيدا للنفي وإلا فإن الله عز اسمه عالم بما يكون قبل أن كان وبما لا يكون لو كان كيف كان يكون وتقديره أظننتم أن تتركوا ولم تجاهدوا ﴿ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة﴾ أي ولم يعلم الله الذين لم يتخذوا سوى الله وسوى رسوله والمؤمنين بطانة وأولياء يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم وقال الجبائي هو أن يكونوا منافقين وهو قول الحسن وفي هذه دلالة على تحريم موالاة الكفار والفساق والألف بهم ﴿والله خبير بما تعملون﴾ أي عليم بأعمالكم فيجازيكم عليها.

النظم:

وجه اتصال هذه الآية بما قبلها أنه لما تقدم الأمر بالقتال عطف عليه بهذا الشرط وهو الإخلاص في الجهاد على وجه قطع العصمة ليظهر الظفر ويستحق الثواب.