الآيات 66-70

وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ ﴿66﴾ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ ﴿67﴾ وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿68﴾ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿69﴾ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴿70﴾

المعنى:

ثم ذكر سبحانه دلالة أخرى على وحدانيته فقال ﴿وهو الذي أحياكم﴾ بعد أن كنتم نطفا ميتة ﴿ثم يميتكم﴾ عند انتهاء آجالكم ﴿ثم يحييكم﴾ للبعث والحساب وفيه بيان أن من قدر على ابتداء الإحياء قدر على إعادة الإحياء ﴿إن الإنسان لكفور﴾ أي جحود فإنه مع هذه الأدلة الدالة على الخلق يجحد الخالق ﴿لكل أمة﴾ أي لكل قرن مضى ﴿جعلنا منسكا هم ناسكوه﴾ أي شريعة هم عاملون بها عن ابن عباس وقيل مكانا يألفونه وموضعا يعتادونه لعبادة الله ومناسك الحج من هذا لأنها مواضع العبادات فيه فهي متعبدات الحج وقيل موضع قربان أي متعبد في إراقة الدماء مني أو غيره عن مجاهد وقتادة ﴿فلا ينازعنك في الأمر﴾ هذا نهي لهم عن منازعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقيل نهي له لأن المنازعة تكون من اثنين فإذا وجه النهي إلى من ينازعه فقد وجه إليه ومنازعتهم قولهم أ تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله يعنون الميتة أي فلا يخاصمنك في أمر الذبح وقيل معناه ليس لهم أن ينازعوك في شريعتهم وقد نسخت هذه الشريعة الشرائع المتقدمة ﴿وادع إلى ربك﴾ أي لا تلتفت إلى منازعتك وادع إلى توحيد ربك وإلى دينه ﴿إنك لعلى هدى مستقيم﴾ أي على دين قيم ﴿وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون﴾ أي إن خاصموك في أمر الذبيحة فقل الله أعلم بتكذيبكم فهو يجازيكم به وهذا قبل الأمر بالقتال وقيل معناه وإن جادلوك على سبيل المراء والتعنت بعد لزوم الحجة فلا تجادلهم على هذا الوجه وادفعهم بهذا القول وقيل معناه وإن نازعوك في نسخ الشريعة فحاكمهم إلى الله ﴿الله يحكم بينكم يوم القيامة﴾ أي يفصل بينكم ﴿فيما كنتم فيه تختلفون﴾ أي فيما تذهبون فيه إلى خلاف ما يذهب ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) والمراد جميع المكلفين ﴿ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض﴾ من قليل وكثير لا يخفى عليه شيء من ذلك ﴿إن ذلك في كتاب﴾ أي مثبت في الكتاب المحفوظ عن الجبائي ﴿إن ذلك على الله يسير﴾ أي كتبته في اللوح المحفوظ على الله يسير لا يحتاج إلى معالجة خطوط وحروف وإنما يقول كن فيكون وقيل إن الحكم بينكم يسير على الله.