الآيات 6-10

وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ﴿6﴾ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿7﴾ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿8﴾ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿9﴾ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿10﴾

اللغة:

الآية الدلالة التي تدل على ما يتعجب منه قال:

بآية تقدمون الخيل زورا

كان على سنابكها مداما

أفاض القوم في الحديث إذا مضوا فيه وأصل الإفاضة الدفع وأفاضوا من عرفات اندفعوا منها وحديث مفاض ومستفاض ومستفيض أي جار شائع والبدع والبديع بمعنى وهو بدع من قوم إبداع قال عدي بن زيد:

فلا أنا بدع من حوادث تعتري

رجالا عرت من بعد بؤس وأسعد

النزول:

قيل نزلت الآية الأخيرة في عبد الله بن سلام وهو الشاهد من بني إسرائيل فروي أن عبد الله بن سلام جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأسلم وقال يا رسول الله سل اليهود عني فإنهم يقولون هو أعلمنا فإذا قالوا ذلك قلت لهم إن التوراة دالة على نبوتك وإن صفاتك فيها واضحة فلما سألهم قالوا ذلك فحينئذ أظهر عبد الله بن سلام إيمانه فكذبوه.

المعنى:

ثم ذكر سبحانه أنه إذا قامت القيامة صارت آلهتهم التي عبدوها أعداء لهم فقال ﴿وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء﴾ وكذلك قوله ويكونون عليهم ضدا ﴿وكانوا بعبادتهم كافرين﴾ يعني أن هذه الأوثان التي عبدوها ينطقها الله حتى يجحدوا أن يكونوا دعوا إلى عبادتها ويكفروا بعبادة الكفار ويجحدوا ذلك ثم وصفهم الله سبحانه فقال ﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم﴾ أي للقرآن والمعجزات التي ظهرت على يد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿هذا سحر مبين﴾ أي حيلة لطيفة ظاهرة وخداع بين ﴿أم يقولون افتراه قل﴾ يا محمد لهم ﴿إن افتريته﴾ أي إن كذبت على الله واختلقت القرآن كما زعمتم ﴿فلا تملكون لي من الله شيئا﴾ أي إن كان الأمر على ما تقولون إني ساحر مفتر فلا يمكنكم أن تمنعوا الله مني إذا أراد إهلاكي على افترائي عليه والمراد كيف أفتري على الله من أجلكم وأنتم لا تقدرون على دفع عقابه عني أن افتريت عليه ﴿هو أعلم بما تفيضون فيه﴾ أي إن الله أعلم بما تقولون في القرآن وتخوضون فيه من التكذيب به والقول فيه أنه سحر ﴿كفى به شهيدا بيني وبينكم﴾ أن القرآن جاء من عنده﴿وهو الغفور الرحيم﴾ في تأخير العقاب عنكم حين لا يعجل بالعقوبة قال الزجاج هذا دعاء لهم إلى التوبة أي من أتى من الكبائر مثل ما أتيتم به من الافتراء على الله وعلي ثم تاب فإن الله غفور له رحيم به ﴿قل﴾ يا محمد ﴿ما كنت بدعا من الرسل﴾ أي لست بأول رسول بعث عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والبدع الأول من الأمر ﴿وما أدري ما يفعل بي ولا بكم﴾ أي لا أدري أ أموت أم أقتل ولا أدري أيها المكذبون أترمون بالحجارة من السماء أم يخسف بكم أم ليس يفعل بكم ما فعل بالأمم المكذبة وهذا إنما هو في الدنيا وأما في الآخرة فإنه قد علم أنه في الجنة وأن من كذبه في النار عن الحسن والسدي وقيل: معناه لست أدعي غير الرسالة ولا أدعي علم الغيب ولا معرفة ما يفعله الله تعالى بي ولا بكم في الإحياء والإماتة والمنافع والمضار إلا أن يوحى إلي عن أبي مسلم وقيل ما أدري ما أومر به ولا ما تؤمرون به عن الضحاك وقيل ما أدري أ أترك بمكة أم أخرج منها بأن أومر بالتحول عنها إلى بلد آخر وما أدري أ أومر بقتالكم أو بالكف عن قتالكم وهل ينزل بكم العذاب أم لا ﴿إن أتبع إلا ما يوحى إلي﴾ أي لست أتبع في أمركم من حرب أو سلم أو أمر أو نهي إلا ما يوحي الله إلي وما يأمرني به ﴿وما أنا إلا نذير مبين﴾ أي مخوف لكم ظاهر ﴿قل﴾ يا محمد لهم ﴿أرأيتم﴾ معناه أخبروني ما ذا تقولون ﴿إن كان من عند الله﴾ أي إن كان هذا القرآن من عند الله هو أنزله وهذا النبي رسوله ﴿وكفرتم﴾ أنتم أيها المشركون ﴿به وشهد شاهد من بني إسرائيل﴾ يعني عبد الله بن سلام ﴿على مثله﴾ معناه عليه أي على أنه من عند الله وقيل على مثله أي على التوراة عن مسروق وقيل الشاهد موسى شهد على التوراة كما شهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على القرآن لأن السورة مكية وابن سلام أسلم بالمدينة ﴿فآمن﴾ يعني الشاهد ﴿و استكبرتم﴾ أنتم على الإيمان به وجواب قوله ﴿إن كان من عند الله﴾ محذوف وتقديره أ لستم من الظالمين ويدل على هذا المحذوف قوله ﴿إن الله لا يهدي القوم الظالمين﴾ وقيل جوابه فمن أضل منكم عن الحسن وقيل جوابه أفتؤمنون عن الزجاج.